فينزلون إلى المدن والمزارع في القطر نفسه, أو تحملهم الحاجة إلى دول عربية مجاورة أو بعيدة. وهكذا يوضع المشروع في التداول, على أنه الأمل الوحيد للمنطقة المستهدفة, ومن هذه المشاريع: مشروع الجرنية, ومشروع معيزيلة, ومشروع الرصافة..
وكنا تحدثنا عن مشروع الجرنية الذي انتهت دراسة الجدوى الفنية والاقتصادية له على مساحة 26800 هكتار, وتم تنظيم مشروع عقد مع الشركة العامة للدراسات المائية لإعداد الدراسة التفصيلية والمخططات التنفيذية وأضابير المناقصة للمشروع ورفع إلى وزارة الري, فجاء الجواب بتاريخ 2/5/2007 بالتريث في تنفيذ الدراسة إلى حين الانتهاء من دراسة الموازنة المائية لنهر الفرات, وما زال المشروع مجمداً حتى إشعار آخر.
مشروع معيزيلة
أما مشروع معيزيلة فإنه يقع في الجهة المقابلة لمشروع الجرنية, أي في الجهة الشرقية من بادية الجزيرة, وهذه المنطقة عانت من التصحر والجفاف, ذلك أن الرياح, ومنذ أكثر من عقد من الزمن تحمل لهم الرمال فتغطي الطرق والحقول والمراعي, وتحط حمولتها خلف جدران القرى بمنازلها وحظائرها, وقد عملت مديرية الخدمات الفنية في الرقة غير مرة في تعزيل قرية معيزيلة نفسها من الرمال.. لقد توالى مسلسل العجاج والرمال والتصحر, ولم ينفع حزام الاشجار الذي تم تنفيذه في السنوات الأخيرة في الحد من الرياح التي تسفي الرمال باستمرار, وهي تسفع الوجوه وتزيد في جفافها وجفاف الأرض, حتى إن الوجوه تشققت من شدة الجفاف كالأرض تماماً, وبسبب هذا الواقع المتردي شد الناس الرحال, وهجروا قراهم للبحث عن مصادر أخرى للرزق.
ولأن الجهات العامة رأت أن الأرض تهجر والمدن لا تستوعب القادمين, قررت إقامة مشروع معيزيلة لاستصلاح الأراضي, أملاً في أن يحفظ الناس حقهم في أرضهم, ويجعلهم يستقرون فيها ولا يغادرونها, مادام مستقبلها قد تم ضمانه.. لقد أصبح مشروع معيزيلة أملاً, وظل كذلك لأكثر من عقد من الزمن لابناء المنطقة, ويقال إن هذا المشروع أفضل من سابقه, ذلك أن الدراسة التفصيلية والمخططات التنفيذية أنجزت, أو هي في مراحل التدقيق الأخيرة, علماً أن مساحة الأراضي التي سيتم استصلاحها هي بحدود 6500 هكتار.
مشروع الرصافة
أما مشروع الرصافة فهو المشروع الثالث من مشاريع الأمل, وقد شدونا به باكراً, ومنذ باشرنا في إشادة سد الفرات العظيم, وتقدر سهول الرصافة بنحو 24 ألف هكتار, وقد تأخرنا كثيراً جداً في دراستها, لكن مصادر مؤسسة استصلاح الأراضي تقول إنه تمت دراسة جزأين من حوض الرصافة, الأول الجزء الشرقي ويشمل 3500 هكتار, وإضبارته جاهزة في المؤسسة, وقد عرضت للتعاقد والثاني الجزء الغربي ويشمل 6500 هكتار, ولعدم توفر التربة للردم في الموقع تم القيام بدراسة بديلة لتوفير التربة من مكان آخر, وهذا يعني زيادة باهظة في تكاليف إنشاء المشروع, والمشروع أصبح في الوزارة والمؤسسة بانتظار التوجيهات.
كلما تأخرنا في إنجاز مشروع, زاد عدد مشاريع الأمل, فلو انجزنا تلك المشاريع الحيوية بالسرعة اللازمة لما عانينا من مشكلات البطالة وقلة فرص العمل ولقل الضغط علينا في ضرورة إنشاء مشاريع أخرى, ذلك أن أهم المشاريع التي يمكن أن تقوم في المنطقة الشرقية,وخاصة الرقة, هي مشاريع استصلاح الأراضي, وتنمية مراعي البادية أو زراعتها بالأعلاف بأنواعها المختلفة وتربية الثروة الحيوانية, مع تنويعها, وتحسين سلالتها.. بالإضافة إلى المشاريع الاستثمارية السياحية على ضفاف البحيرة والفرات..
وما دمنا لم ننجز تلك المشاريع, فقد أصبحنا بحاجة إلى مضاعفتها, فمشاريع الأمل ازدادت حتى تكاد تشمل محافظة الرقة كلها, فقد أصبحت حياة بقية المناطق, مثل حياة معيزيلة والجرنية والرصافة, في حالة حرجة, ذلك أن محافظة الرقة بمجملها تقع في البادية أصلاً, باستثناء الشريط الحدودي الضيق في الشمال, لكن حتى هذا الشريط أصبح يعاني من قلة الامطار ونضوب آباره.
ما يعني أن الحالة الحرجة شملت هذا الشمال الذي كان غنياً بأمطاره, وبمياهه الجوفية, وهذا يعني أننا جميعاً أصبحنا تحت الخطر, وأن الوقت الذي يفوتنا ليس ثميناً فحسب, بل لا يمكن تعويضه أيضاً, إذا لم ننجز خططنا, فإنها سوف تطمرنا, وسيصبح من المستحيل إنجازها..!