|
أهكذا يكافأ الآباء الطيبون?!.. مجتمع قرية وادعة تتميز بعذوبة مائها واستلقاء أشجارها الباسقة على راحتي نهر بردى, ذلك النهر الذي أقام علاقة رائعة مع دمشق لفترات طويلة من الزمن, ثم أساء الانسان متعمداً تلك العلاقة وساندته في الإساءة ظروف المناخ القاسية, فتكدر صفو العلاقة بين بردى ودمشق ولم يعد نهرها الجميل يتلقى ضيوفه كما تلقاك دون الخلد رضوان. الطمع الخارج عن المألوف: كان بطل قصتنا (م.ر) يمتلك ثروة جيدة ورصيداً مصرفياً جيداً فقد أتم دراسة هندسة الكهرباء وكانت السنون تتقدم به, ولم يشأ ترك أولاده ينتظرون ساعة وفاته لينعموا من بعده بتلك الثروة, مع أن الرجل والحق يقال كان كريماً متلافياً, علم أبناءه في أحسن المدارس والجامعات, وأسكنهم في منازل فارهة, وخصص لهم سيارات حديثة, اعتقاداً منه أن الخطوات التي أقدم عليها يمكن أن تميت نوازع الشر والطمع فيهم, وتزرع بدلاً منها نوازع الخير فتظل حية في نفوسهم. لكن الأب المسكين لم يعلم أنه قد أنزل حاجاته بواد غير ذي زرع, وأنه كان يرجو حصاد الثمار من أشجار نخرها السوس ونعني بالسوس أولئك الأبناء الذين بلغ بهم الطمع حداً مألوفاً ثم. عقوقاً ما سمعنا بمثله من قبل. أقعد المرض الأب وألقاه طريح الفراش, فآثر العزلة واكتفى بمزرعة صغيرة آثر العيش فيها مع زوجته الثانية التي كانت تقوم برعايته والعناية به خير قيام, وهذه الزوجة نفسها كانت قد اهتمت بأبنائه من قبل فلم يكن التمييز بينها وبين أمهم الحقيقية, بل ربما أبدت درجة من الاهتمام بهم أعلى من درجة اهتمام أمهم التي قذفتهم الى الحياة. محاولة الحجر على الأب: تحركت الشهوات الدنيئة في نفوس الأبناء العاقين ولا نقول في قلوبهم لأن صدورهم خالية من القلوب فتقدموا بدعوى للحجر على أبيهم زاعمين أنه غير مؤهل عقلياً لإدارة ثرواته, وقدموا أنفسهم على أنهم مختارون من العناية الإلهية لإنقاذ الثروة من يدي الأب قد يبددها بين عشية وضحاها, وإذا حدث ذلك فكيف سينفقون على علاجه ورعايته?!. لكن المسلسل الدنيء اصطدم بضمير القاضي الصاحي الذي رأى أن الأب سليم معافى من الناحية العقلية, وأن الهدف الذي يسعى الأبناء لبلوغه هو وضع أيديهم الآثمة على ثروة الأب وحرمانه منها, وشاء القدر أن يحصحص الحق على يدي هذا القاضي النزيه فرد دعوى الأبناء ولم يحكم لصالحهم, فعادوا من حيث أتوا يجرون أذيال الخيبة والمهانة لكن نفوسهم الشريرة وأطماعهم التي لم تكفها عشرات الدونمات حيث أعطى الوالد المسكين كل واحد منهم 35 دونماً في وادي بردى.. وزيجاتهم التي كلفت الوالد 50 ليرة ذهبية هدية من الوالد المسكين عدا تكاليف أعراسهم. فكانت مكافأة الوالد وزوجته وابلاً من التهديدات بالقتل والشتائم حيث وصلت الأمور الى حد التهجم على أبيهم وطعن زوجته بشرفها الذي هو تاج فوق رأسها والسؤال هل يعقل أن يشتري صاحب هذه الأيادي البيضاء (كيلو من الكرز) الذي تجود به مزارعه وأراضيه.. في الوقت الذي ضمن به أبناؤه المزرعة ومحصولها من الفواكه بمليون ونصف المليون ليرة سورية بعد وضع اليد عليها زوراً وبهتاناً. دون نسيان الضيم الذي وقع على ولدي أبناء زوجة (م.ر) الثانية وتهديدها بالقتل.. وتدبير مكائد ودسائس لهم لتوريطهم في أمور لا ناقة لهم بها ولا جمل مع أن الوالد لم يكتب لابنه سوى سيارة والبيت الذي يقطن فيه مع حق الانتفاع للوالد. والجميع بهذا القلق والخوف الدائمين وحتى التفكير بالهجرة من بلد قدم لها الأب خدمات جلى من محطات كهرباء في دير علي والكسوة فهل نتركه وحيداً ونترك هذه الذئاب الجائعة التي تستخدم أساليبها اللاقانونية يبتدعها محام متزوج من أحد حفيداته بعيدة عن قوله تعالى (ألم يعلم أن الله يرى)? وابتعدوا عن تقى الله الذي ظنوا أنه بعيد عن حسابهم ونسوا قول الرسول الكريم (اتقوا الله في الخلوات لأن الحاكم هوالشاهد). إذا لم يكن للقضاء أن ينصف هذه العائلة الكريمة فهل سنبقى متفرجين!! أم مقولة (بيتي بخير.. تدفعنا للصمت).. فلنحرص على الوالدين: لا يعرف الانسان قيمة الشيء إلا إذا حرم منه أو فقده, وكذلك لانشعر بقيمة أحد الوالدين أو كليهما إلا إذا فقدناهما, فلنحرص عليهما حرصنا على أغلى ما نملك في هذه الحياة. لقد ورد في القرآن الكريم قوله تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه و بالوالدين إحسانا). فجعل سبحانه عبادته مساوية للإحسان الى الوالدين, ونهانا عن تلفظ كلمة (أف) أمامهما لكي لا نجرح شعورهما بهذه الكلمة القاسية. ونحن نصر على عدم انتساب هذه القصة التي سردناها إلى أخلاق مجتمعنا, وأخلاقنا, وهم نغم نشاز في ضمائرنا التي تجل الوالدين إجلالاً لا حدود له وتنظر إليهما نظرة محبة وتقدير واحترام, فالوالدان أسمى وأغلى ما في الوجود.
|