ويجب أن لا تطغى (كما هو الحال) على المكونات الأخرى لهذه المنظومة حيث تأخذ اهتماماً بالجهد والوقت أكبر مما تأخذه بقيه المكونات ما ينعكس سلباً على الامتحانات ونتائجها ووظائفها هذا ما عبر عنه مجموعة طلاب من شرائح متنوعة وكليات مختلفة في جامعة تشرين عبر وقفة لجريدة الثورة لاستطلاع آرائهم واقتراحاتهم حول الامتحانات وكيفية تطويرها.
الامتحانات ليست المعيار الوحيد للتقييم
القاسم المشترك بين تلك الآراء هو الحقيقة التي عبر عنها أولئك الطلاب بامتعاض وهي أن الامتحانات مازالت تعتبر المصدر الوحيد لتقييم الطالب الشامل ومعظمها مازال يعتمد على امتحان الذاكرة الذي يعتمد على الحفظ الببغائي فتساءلوا بقولهم: أما آن الأوان لتغيير هذه النمطية التقليدية في طريقة إعداد الأسئلة فأحياناً نحفظ المقرر كله بكامله ونترك مواضيع محددة يأتي منها أسئلة تكون علامتها عالية فنرسب في المقرر على الرغم من الجهد الكبير المبذول في الدراسة والذي كان من الممكن أن تؤتي ثمارها لو اعتمدت طريقة إعداد الأسئلة على أسلوب المهارة في الاستنتاج والتحليل والنقد والتفكيك والتي تساعد في عملية التقويم والقياس في معرفة المستوى الذي حققه الطالب.
الأسس الصحيحة تمنع الغش الامتحاني
وأضاف أولئك الطلاب تأكيدهم على ضرورة اعتماد التربويات الحديثة في طريقة إعداد الأسئلة والتي لا يكون النجاح فيها نتيجة الحظ أو التوقعات أو محاولات الغش التي يبتدعها الطلاب ابتداء من الهمس والتأشير وكتابة (الراشيتات) وإلى ما هنالك من فنون الغش (على الرغم من التشدد في الإجراءات على المراقبة) فعندما تعد الأسئلة الامتحانية بهدف امتحان المعارف والمهارات والذاكرة وتعتمد على التعليم القائم على الفهم والاستنتاج والاستنباط ستقف تلك الطريقة في وجه كل محاولات الغش التي لن يكون لها جدوى في مثل هكذا حالات وباعتماد تلك الآلية لاضير عندئذ لو أحضر الطالب معه حتى الكتاب المقرر أو المرجع إلى القاعة الامتحانية, لأن الهدف الأساسي من تلك الأسئلة يكون عندها تحرير الطالب والاستاذ من التقيد بكتاب محدد وحصر وتقييد المعرفة ضمن بعد أحادي.
وهذا ما أكده الدكتور زهير جبور مدير المكتبة المركزية في جامعة تشرين بقوله: إن الغش الامتحاني مرتبط بطريقة التعليم وبالغاية التي يضعها الاستاذ من المقرر, فالتعليم المتحرر من قيود الكتاب الجامعي الملزم وخروجه عن المسارات التعليمية التي يرسمها له الاستاذ, وتفاعل الطالب الخلاق مع المادة التي يدرسها والمعلومات التي يستقيها من المراجع المتنوعة والمختلفة, كل ذلك يجعله يتعلم ليفهم والتعليم القائم على الفهم والنقد والرؤية التحليلية وإعمال العقل هو الذي يصون الطالب من كل أشكال الغش لأنه عندئذ يتعامل مع معرفة ومعطيات يحبها ويرى فيها مستقبله.
تطوير أنظمة الامتحانات الجامعية
لايمكن تطوير أسس الامتحانات الجامعية بمعزل عن تطوير المناهج وذلك لأن عملية التطوير عبارة عن منظومة متكاملة تبدأ بالتركيز على أهمية أن تقدم الجامعة تدريساً وتعليماً من أعلى المستويات بحيث تتواجد القرارات المبنية على المعرفة والممارسات العملية واستراتيجيات التقييم والمراجعة المستمرة وأن يتعلم في الجامعة كيفية التفكير وهذا ما أكده د. زهير جبور بقوله: أنا من أنصار أن يعاد النظر في محتويات المقررات العلمية في مختلف العلوم الإنسانية والعلمية وإدخال المفردات الأكثر أكاديمية والأكثر مواكبة لتطور هذه العلوم على أن يتم اقتراح مثل هذه التغيرات من قبل لجان مقررات تضم الكوادر العلمية الأكثر تميزاً في جامعاتنا بغض النظر عن المرتبة التي يتمتع بها الاستاذ لأن المحتوى الأكاديمي العلمي للمقرر لا تحدد درجة الاستاذية ولاعدد الأبحاث المنشورة لأي باحث فينا, بالإضافة إلى ذلك يجب إعطاء الأهمية الكبرى لمسألة الترجمة والانتقال من الكتاب الجامعي إلى الكتاب المرجعي وهذا يقتضي زمناً طويلاً ولذلك اقترح أن نباشر في مشروع متكامل للترجمة في مختلف جامعات القطر ومراكز الأبحاث السورية وأن نشرع اليوم قبل الغد نظراً لأن كل النهضات العلمية المعروفة تاريخياً بدأت على مشاريع ترجمة كبيرة ولدينا مثال في تاريخنا هو بيت الحكمة الذي أقامه المأمون والذي كان حاضنة أساسية لتقديم إسهامات العلماء العرب وغير العرب في مجالات العلوم المختلفة بالإضافة إلى أن نهضة اليابان الكبرى قامت في عهد الإصلاحات ( عهد ميجي) وهو العهد الذي تميز أيضاً بإطلاق حركة ترجمة واسعة النطاق قادها المصلح العلمي والاجتماعي الكبير (فوكوزا يوكيتشي).
ولهذا الغرض تم تشكيل لجنة في وزارة التعليم العالي اسمها لجنة التأليف والترجمة والتعريب وتم تشكيلها عام 2006 وللأسف لم تعقد هذه اللجنة أي اجتماع حتى الآن لمناقشة مثل هذه المسائل.
دون أن نعرف أسباب ذلك
ومن الأمور الهامة التي يجب أن يؤخذ بها مسألة التأليف وذلك بأن لا تكون ارتجالية وأن لاتحدد بعدد من السنوات بعد اليقين لأن الذي يحدد قيمة الكتاب هو محتواه وليس عمر الأستاذ بالتعيين وأن يخضع التأليف للتقييم من قبل لجان حكم صارمة علمياً مع التنويه إلى ملاحظة شديدة الأهمية وهي أن أغلب التأليف الحالي يفتقد إلى الأمانة العلمية والمعرفية وليس هناك إسناد مرجعي في كثير من الكتب بغض النظر عن تقادم المعلومات واعتماد هذه الكتب على مراجع قديمة جديدة, بالإضافة إلى أن عدد المساهمين في تأليف أي كتاب أو إعداده لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة بينما نجد عشرات المساهمين في تأليف كتاب واحد في جامعات الدول المتقدمة بالإضافة إلى حداثة المراجع المعتمدة في كتب هذه الدول.