تعود الحكايا هنا تتشخص في صياغات فنية متنوعة امتدت على مستويات مختلفة لتجسيد عالم القرية بكل ما فيه من خلال عرض/ ليالي الحصاد/ على صالة مسرح الحمراء بدمشق كعرض تخرج لطلاب السنة الرابعة - معهد الفنون المسرحية , عن نص عربي للكاتب المصري/ محمود دياب/ أعده للعرض الدكتور / نبيل الحفار/ وأشرف عليه وأخرجه الدكتور/ تامر العربيد/ , أما ذاك النص فقد أضفى على العرض التآلف كونه مأخوذاً عن بيئة عربية بحياتها وبنيتها , همومها وثقافتها , حتى عند الاستخدام لمفردات ريفية أكثر محلية عبر أكثر من مفصل في العمل كالموسيقا والغناء واللهجة , كما أن الشكل المسرحي والقصص الممسرحة للعرض داخل العرض, ارتكز أيضاً على الحكواتي صاحب الحضور و الإرث القديم في ثقافتنا فكانت البداية معه معلناً بداية السرد والتقديم للحكايا ضمن أجوا ء ريفية طالما اعتادوا عليها, وقد اجتمع أهل القرية جواباً لمناداة الحكواتي ليبدؤوا بالسهر والحكايا فتتوالى ببساطتها ومتعتها عبر حالات حياتية ومسرحية كما تتجلى البطولة الجماعية في العرض في إطار غياب أحداث مفصلية لصالح تتالي حكايا منمنمة تتراكم تفاصيلها شيئاً فشيئاً معلنة وصول الجميع إلى عقدتهم- إلى الحلم البعيد - الذي فضح الكثير من أهالي القرية ولاسيما الرجال منهم, فتلك الليالي التي جمعتهم للتسامر, تتمسرح حكاياهم منهم وإليهم وتنتقل من مستوى إلى آخر تحتمي بأجواء الفرح والتسالي بأساليب مختلفة, منهم يدون القصص التي تخبرنا عن حياتهم ورغباهم وبيئتهم بين فرح وحزن ,ضحك وبكاء ,سخرية وجد إذ تلون العرض بأسلوبه وساعده الشكل المسرحي المتغاير المستويات, فها هي إحدى الشخصيات تقلد وتسخر خالقة مزاجاً مليئاً بالفرح بعد عناد يوم ريفي وأخرى تشخص حالة تالية راغبة بتلبسها لتفريغ غضبها وهكذا ... أما الخفايا تتكشف عند أول حالة تستفزهم مبتعدين عن ذلك الطقس الاحتفالي الجميل والمفرح , حيث لامتعة حقيقية ولا سرور , فهناك قصة تستقطب الجميع حولها فتعريهم أمام أنفسهم وأمام الآخرين , فها هي /سنيورة/ الفتاة الجميلة التي شكلت الحلم- البعيد للكثيرين تتلاعب بمشاعرهم ومصائرهم , بمجرد مغازلاتها الماكرة عن بعد ليسرع كل واحد منهم على حدة مقدماً العربون لذلك الحلم فهي تحرضهم وتحركهم على فعل أشياء كثيرة بمراوغاتها , وقد تغيرت حياة الكثيرين إرضاءً لها ومحاولة للتقرب منها أما هي لا تأبه بأحد ولاتربط بأي منهم, فقد كانت نقطة الجذب لأحلامهم وخيالاتهم للتخلص من حالتهم ناشدين التغير , ف/ سنيورة/ بملامحها وسماتها ومظهرها ليست متجانسة معهم, قد وجدها /البكري/عندما كانت طفلة فلا أحد يعرف عنها شيئاً إلا رمزيتها لحلم يراود الجميع رغم تآلفها معهم في أي شيء وسط ذلك خرج من يقول/ لا/ لذلك الحلم المراوغ , لاسيما عند اكتشاف حقيقتها , التي برزت بنزع /نايف / نظارته التي أغشت بصره لفترة , فأعلن الرفض بشدة بعد معرفته بتلاعبها بمصائر الجميع مستغلة رغبتهم بالتغيير إنه يرفض هكذا أحلام أما الديكور والإكسسوارات المسرحية الأخرى ودلالاتها قربت العرض من البيئة الريفية بأجوائها الخاصة ولعبت الإضاءة دوراً هاماً لتحديد زمان ومكان اجتماع أهالي القرية في لياليهم لسرد الحكايا ومسرحتها , كما استخدم العرض فنوناً عديدة كالغناء المأخوذ من البيئة الريفية والموسيقا حيث أكملت الجو الكرنفالي المفعم بمفردات تراثية كثيرة... امتلك عرض/ ليالي الحصاد/ بمعطياته المختلفة تلك النص والإخراج والشكل الفني خصوصيته محلية قريبة من المتلقي , فالأجواء أليفة حيث همومها بالتغير مشروطة بقيم الصدق والبعد عن المراوغة.
أما الممثلون: /نسرين طافش/ ميسون أسعد/ أحمد علي/ رامي خلف/ وسيم محمد قزق/ مهيار خضور/ لونا أبو درهمني/ عمار الحاج أحمد/ شيروان حاجي بك/ نجلاء الخمري/ .. وغيرهم الكثير...