تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الترجمة و التحليل النفسي..

حصاد الورق
الثلاثاء 22-1-2013
يمن سليمان عباس

تحت هذا العنوان يكتب: حسن المودن في مجلة الترجمة العربية قائلاً: هل يجوز الجمع بين الترجمة و التحليل النفسي، أم أن هذا الجمع قد يبدو غريباً و غير مقبول..؟!

قد يبدو هذا الجمع غريباً في حياتنا العلمية و الثقافية العربية الراهنة، فلم يسبق لي- الكاتب- أن اطلعت على دراسة عربية تتناول بالدرس و التحليل العلاقات الممكنة بين الترجمة و التحليل النفسي، لكن الواقع أن هناك عدداً مهماً من الدراسات الأجنبية التي تناولت هذا الجمع بالدرس، أتوقف هنا عند بعضها الذي أثار أهم عنصار التقارب بين المجالين في نظر: (جنيت ميشو) ينبغي أن نأخذ بعين الاعتبار أن التحليل النفسي قد تأسس منذ بداياته على أنه نموذج ترجمي متميز، ذلك لأن التحليل النفسي يعتبر أولاً وأخيراً ترجمة للاوعي، وهذا ما يجعل الجسور بين الترجمة و التحليل النفسي متعددة و متنوعة.‏‏

أما بالنسبة إلى فرانسوا بيراليدي، فإن هذا الجمع بين التحليل النفسي والترجمة وسيبدو غريباً بالنسبة إلى نوع معين من المترجمين والمحللين النفسانيين الذين ينظرون إلى نشاطهم على أنه مجرد عملية تقنية خاصة، دون أن ينتبهوا إلى أن هناك شيئاً مشتركاً بين النشاطين الترجمة هي الانتقال بالنص من نظام لغوي أصلي إلى نظام لغوي آخر، و التحليل النفسي هو الانتقال بالمريض، من نظام سلوكيات وتمثلات باتولوجية إلى نظام وتمثلات تعتبر (طبيعية) ففي المجالين معاً، هناك الانتقال بشيء ما من نظام إلى نظام آخر.‏‏

وفوق كل ذلك يضيف (بيرالدي) أن هناك نوعاً من المترجمين و المحللين النفسانيين الذين يؤسسون نشاطهم على أساس نظري لأنهم يدركون أن هناك أشياء عديدة و قد تكون مهمة تضيع في طريق الانتقال من نظام إلى نظام و الأكثر من ذلك أن على هذا المستوى النظري يبرز سؤال التقارب الممكن بين التحليل النفسي و الترجمة، وفي الواقع فالشيء الذي بخصوصه ينتج المترجمون والمحللون النفسانيون نظرياتهم عندما يحاولون التفكير في نشاطهم، وممارستهم هو الشيء نفسه: لغة الذات الانسانية.‏‏

وفي نظر (بيراليدي) من الضروي اليوم أن يأخذ المترجمون التصور النفساني للغة الذات الانسانية بعين الاعتبار في تنظيراتهم كما في ممارساتهم للترجمة.‏‏

فاللغة ليست سلوكاً فحسب، كما يذهب إلى ذلك المدافعون عن النزعة‏‏

السلوكية، وهي ليست مجرد أداة للتواصل، كما في نظريات التواصل، كما أنها ليست مجرد نظام من العلامات، كما يفترض اللسانيون، بل إن اللغة في نظر النفسانيين شرط أولي لكل علاقة ممكنة بالعالم الذي يسكنه الانسان و بخاصة إذا اعتبرنا الانسان ذاتاً أي باعتبار أن الانسان عندما يتكلم فهو في الوقت نفسه متكلم (بالكسر) ومتكلم (بالفتح) ذلك أن الكلام وظيفة من وظائف اللغة، ليس مجرد أداة توجد رهن إشارة الذوات.‏‏

Yemenbbass@qmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية