تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


تعكس شخصيته خصائصه النفسية وتعتبر مقياساً لذكائه وقدراته.. رســـــوم الأطفــــال.. مـــــرآته ونافذتـــــه إلــــى العالـــــم

مجتمع
الثلاثاء 22-1-2013
فردوس دياب

حظيت رسومات الأطفال بأهمية بالغة منذ فترة طويلة لما لها من آثار ونتائج كبيرة على الطفل لجهة تنمية وتطوير قدراته الفكرية والعقلية، إضافة إلى أثرها الكبير على شخصية الطفل الذي يمكن له من خلاله أن يعبر عن مكنوناته الداخلية وما يشعر به.

غياب الاهتمام..‏

السيدة أم انس الأم لطفلين في التعليم الأساسي والتي تحمل إجازة جامعية قالت إنها لا تعير انتباهاً لأهمية الرسم في حياة أطفالها وذلك لعدة أسباب أبرزها أن إغفال أهمية هذا الموضوع تعود بالدرجة الأولى إلى إغفال أهميته من جانب المدرسة التي بالكاد تهتم بهذا الموضوع وتتابعه مع الأهل.‏

بدورها قالت السيدة مها: إن الرسم في حياة أطفالنا هو أمر غائب تماما بسبب ذلك الجهل الكبير في مجتمعنا لأهمية ودور الرسم في حياة أطفالنا وهو الأمر الذي أدى بصورة أو بأخرى إلى عدم الاهتمام بهذه الموضوع من قبل الأهل والمدرسة والمجتمع عموما.‏

أما السيدة سوزان والتي تعمل موجهة تربوية فقد قالت من جهتها انه ورغم أهمية الرسومات في حياة الأطفال والتلاميذ إلا أن ادوار الأسرة والمدرسة والمؤسسات التربوية عموما تتباين من حيث التطبيق والتفاعل والفاعلية من أسرة إلى أسرة ومن مدرسة إلى مدرسة ومن مؤسسة تربوية إلى مؤسسة تربوية أخرى هذا بالإضافة إلى أن بعض المعلمين والكثير من الأهل يعتبرون مادة الرسم مادة ثانوية لا أهمية لها ولا تفيد الطالب بأي شيء لذلك هم دائما يبحثون عن استثمارها بمواد أخرى.‏

لغة الطفل..‏

ويعتبر الرسم بالنسبة للصغار الأطفال لغة وشكل من التعبير المعرفي هدفه الأساسي رسم ما يعرفه الطفل وليس ما يراه، وهو الأمر الذي يعني أن لرسوم الأطفال دلالاتها السيكلوجية الهامة في قياس الذكاء، كما استخدمت الجوانب التعبيرية والانفعالية في رسوم الأطفال للكشف عن بعض خصائص الشخصية مستمدة أهميتها في كثير من الأحيان من معطيات التحليل النفسي على وجه الخصوص كما استخدمت رسوم الراشدين والمراهقين لتقديم تفسير شامل لخصائص الشخصية المرضية ويصنف الباحثين ارتقاء رسوم الطفل في أربع مراحل تمتد من مرحلة رسوم الحبو حتى مرحلة الرسوم التعبيرية.‏

مصدر للفهم..‏

وتعتبر رسوم الأطفال رغم بساطتها وتلقائيتها مصدرا ومعينا لا ينضب من الحقائق والدلالات التي تضيف الكثير لفهمنا لسيكولوجية الطفل وذكائه وارتقائه وربما مشكلاته واحتياجاته وأحيانا ثقافته وقيمه المختلفة، حيث تعد اختبارات الرسوم أدوات مناسبة لقياس جوانب متعددة في سلوك الأطفال فهي من ناحية تتخطى عائق اللغة وفنية الألفاظ التي نستخلص منها دلالات قد لا تخطر في الواقع على ذهن الطفل كما تتخطى الفروق الفردية في طلاقة التعبير بين طفل وأخر في المراحل العمرية المبكرة، كما تجعل الطفل مستغرقا في تلقائية شديدة مع خياله وخطوطه وشخوصه التي تتفاعل مع مشاعره وتعكس الكثير من قدراته وطريقة فهمه وإدراكه لثوابت ومتغيرات الواقع.‏

ويؤكد الاختصاصيون أن الطفل في مراحله العمرية المبكرة على وجه الخصوص يستثمر إمكاناته وقدراته ونشاطه في اللعب والرسم بوصفهما الأنشطة التلقائية الحرة التي يعبر بها عن نفسه حيث تعتبر الرسوم الحرة للأطفال من أكثر المجالات التي تتيح للأطفال التعبير عن الكثير من خصائصهم النفسية سواء قدراتهم أو سماتهم الشخصية أو قيمهم وعند الجلوس إلى الطفل تراه يحكي لنا قصة رسمه وما تفعله شخصياته لنتبين انه ينقل عالمه إلى الورقة ويستخدم قلمه ليتجاوز به كل الحدود الممكنة وغير الممكنة حيث يعبر من خلال رسومه عن سعادته وحزنه وعن ما يعانيه من عجز وما يشعر به من تفوق وقبل ذلك عما يملكه من قدرات ومهارات لا في القدرة والمهارة الفنية في الرسم ولكن في القدرة على إدراك المفاهيم العقلية الأساسية وتكوين المفاهيم الجديدة للتعبير عن موضوعه.‏

قياس الذكاء والقدرات..‏

وفي رسوم الأطفال لا يكون محور اهتمامنا هو ما أنتجه الطفل في نهاية الأمر بقدر ما يهمنا كيف أنتج ما أنتج وكيف رسم ما رسم، ذلك أن العمليات العقلية خلف الرسوم وتطور المفاهيم هما موضوع الاهتمام السيكولوجي وليس جمال الرسم أو مهارته الفنية ولهذا لا ينضب تفكيرنا على مواضع الجمال بل على الأفكار والتعبيرات ومضمونها السيكولوجي لمستوى الارتقاء العقلي وهو المستوى المتطور الذي يمكن الطفل من الانتقال من مجرد عمل خطوط عشوائية متعرجة قبل الثانية من عمره إلى رسم الخط المستقيم الراسي والأفقي ثم الارتقاء لرسم الدائرة فالمربع، كما تعتبر رسوم الأطفال شكلا من أشكال الأداء النفسي الذي يتمتع بخصائص متعددة سواء في المجال المعرفي العقلي أو في المجال المزاجي الوجداني وهي تقبل التناول والتحليل بأساليبنا العلمية فحصا وتقديرا وقياسا للخروج منها باستنباطات متعددة نهدف من ورائها إلى تحسين فهمنا لسلوك الطفل وصياغة القوانين النفسية التي تحكم ارتقائه كما تستخدم الرسوم في قياس الذكاء والقدرات وأيضا في قياس سمات الشخصية والصراعات وفي قياس قيم الطفل واتجاهاته.‏

ويؤكد الكثير من الباحثين التربويين انه إذا توافرت لنا حقائق ارتقائية كافية عن المراحل العمرية التي يستطيع الطفل عندها رسم خط غير متعرج وتلك التي يستطيع عندها رسم دائرة كاملة ومربع وتلك التي يربط فيها بين شكل الدائرة وشكل الوجه الإنساني، يمكننا أن نناظر بين هذه الخصائص في رسومه وبين خصائص الارتقاء العقلي في تدرجه مع التقدم في العمر‏

الدلالة النفسية للرسوم..‏

وعليه فإن سلوك الرسم لا تحكمه العوامل المعرفية والارتقاء العقلي وحده كما أن هناك عددا غير محدود من العوامل النفسية غير العقلية تتدخل بصورة أو بأخرى في رسم الطفل سواء في اهتمامه بالتفاصيل أو من دونها أو شغفه بالرسم ومقداره أو دوافعه للرسم أو مشكلاته الانفعالية ومقدار توافقه الاجتماعي وبالمثل صراعاته واحتياجاته ورغباته الدفينة التي تلعب دور المنبه، ذلك أن الطفل عبارة عن نشاط معقد لا يعكس فقط ارتقاء مفاهيم الطفل ولكنه يتضمن الكثير من الجوانب الانفعالية والمزاجية ويؤدي النظر إلى الرسوم بوصفها نشاط معرفي فقط إلى فهم ناقص أو متحيز على أدنى تقدير‏

وتتعدد اختبارات الرسم في مجال قياس شخصية الطفل كما تتعدد الأسس التفسيرية لدلالات الأداء عليها ومع ذلك فهي تتفق جميعها في نقطتين على الأقل الأولى هي أن التفسيرات لا تعتمد على نظرية متماسكة أو تسمح بقبول تفسير لأداء معين ولا تسمح بقبول تفسير لنقيضه, والثانية هي أن كل هذه الاختبارات تجعل رسم الرجل أو الشخص أو الشكل الإنساني محورا لها.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية