لذلك هي المجتمع كله كما أسلفنا ولكن بشرط امتلاكها الوعي والمسؤولية وهذا بالطبع ليس مرتبطاً بدرجة العلم والثقافة رغم أن وجودهما عامل ورافد كبير لتعميق الوعي والإدراك المبكر للأجيال.
وبناء على ما ذكر يتجلى مفهوم الوعي عند المرأة من خلال إدراك المرأة بذاتها، أي صورة الذات لديها، ونعني بهذا اقتناعها واعتزازها بكونها أنثى وامرأة، وبالتالي التعامل مع جسدها وعقلها بنوع من الثقة والاستقلال، وعدم إحساسها بالدونية نتيجة لوجود فروق تشريحية بينها وبين الرجل.
بالإضافة إلى امتلاكها للوعي الاجتماعي، من خلال تفهمها عملية تقسيم العمل الاجتماعي بين المرأة والرجل في المجتمع، وفهم المرأة وإدراكها للأسباب والأبعاد الاجتماعية التاريخية لعملية التمييز بينها وبين الرجل في العمل (مابين الشاق والعادي) والتعليم والأسرة والمشاركة السياسية إلى غير ذلك من مجالات. كذلك إيمانها بأهمية دورها الاجتماعي ومشاركتها في بناء المجتمع وتنميته... وإدراكها جيداً أن عملية الإنجاب ليست في الحقيقة السبب الرئيسي وراء حصارها في الأدوار التقليدية العائلية التي تفرض عليها أشكالاً من القهر والاضطهاد الاجتماعي والقانوني بعض الأحيان.
أما الأهم وخاصة في هذا الزمن الذي تكثر فيه المؤامرات والدسائس والفتن من المهم جداً أن تتحلى المرأة بوعي سياسي يتعلق بفهم وإدراك لطبيعة النظام السياسي القائم وتحديداً فيما إذا كان وطنياً أم غير ذلك، وهل هو قومي أم قطري وهل هو متآمر مع القوى الاستعمارية والظلامية أم أنه مقاوم وممانع لكل أشكال الهيمنة والتبعية وهل أنه رفع مستوى الوطن وعزز مكانته وحضوره أم انه همشه وجعله في مصاف الدول المتأخرة والمتقوقعة؟
ذلك أن هذا الوعي لايمكنه أن ينمو بعيداً عن المؤثرات الاجتماعية والسياسية والفكرية السائدة، كما أن هذه المؤثرات تساهم في نمو الوعي في مختلف الجوانب السابقة، أي إنه بفعل مؤثر من المؤثرات قد يكون سياسياً وطنياً، أو اجتماعياً، أو اقتصادياً، يرتفع الوعي في جانب فيساهم بدوره في إنضاج غيره من الجوانب.
ويبقى لنا أن نقول: إن وعي المرأة مهم لأنه بالمحصلة سيؤدي تلقائياً إلى نمو المجتمع وزيادة وعيه، وبالتالي سينهض الوطن وستشكل حالة الوعي سداً منيعاً في وجه الأعاصير والعواصف التي تهب على وطننا بين الحين والآخر.