كتب بورتر : أن القوات الخاصة الأميركية ، قتلت أكثر من 1500 مدني في غارات ليلية في أقل من 10 أشهر في عام 2010 وأوائل 2011 ، كما يكشف تحليل الاحصاءات الرسمية الخاصة بالغارات . ومن شأن هذا العدو أن يجعل الغارات الليلية الأميركية السبب الأكبر حتى الآن في اصابات المدنيين في الحرب الأفغانية ، وكان تقرير حول اصابات المدنيين أصدرته عام 2011 بعثة الامم المتحدة للمساعدة في أفغانستان ، جاء فيه أن استخدام العبوات الناسفة المرتجلة على أيدي المتمردين ، هو السبب الرئيسي للقتلى المدنيين.
وباستثناء عدد قليل نسبياً من النساء والأطفال قتلوا عرضاً ، كان جميع القتلى المدنيين في الغارات ذكوراً راشدين ، اعتبروا متمردين في المؤتمرات الصحفية والبيانات الرسمية التي أصدرتها قوة المساعدة الأمنية الدولية (ايساف) وتغطي بيانات الغارات الليلية ، التي أعطيت لوسائل اعلام اخبارية منتقاة. ثلاث حملات بارزة مدة كل منها 90 يوماً ، جرت من أيار حتى آخر تموز 2010 ، ومن أوائل آب إلى تشرين الثاني ، ومن منتصف تشرين الثاني إلى منتصف شباط ، ويشير مجموع القتلى في الفترات الثلاث إلى أن 2599 فرداً من عامة المتمردين قتلوا ، وأن 723«قائداً» قد قتلوا أو أسروا في الغارات .
تستهدف الغارات الليلية الأفراد فقط لا الجماعات، ويتم تنفيذها ليلاً ، لأنها تهدف إلى مباغتة الشخص نائماً في منزله ، والقاء القبض عليه . ولم يكن كل شخص من الأفراد المستهدفين الذين قتلوا في الغارات الليلية ، مدنياً غير محارب ، ولكن الإطار الاجتماعي الثقافي والمادي للغارات يحتم أن تكون نسبة المدنيين في ذلك المجموع شديدة الارتفاع .
ففي اطار التجمعات السكنية الأفغانية التي هي الأهداف المادية للغارات الليلية الأميركية . تعيش عائلات ممتدة تتضمن في العادة ، لا شيخ العائلة وزوجه وحسب ، بل اخوانه وأبناء عمومته وعائلاتهم . وفي أفغانستان ، يملك كل بشتوني راشد سلاحاً في منزله ، وهو ملزم بموجب العادات والتقاليد البشتونية بحماية بيته وعائلته ، وأصدقائه من الغرباء المسلحين ، وفي مسكن العائلة الممتدة النمطي ، يكون العديد من الذكور لديهم أسلحة . ونتيجة لذلك ، فإن المدنيين غير المستهدفين الذين قتلوا في الغارات الليلية ، كانوا دون استثناء إما أقارب حميمين أو جيراناً خرجوا للنجدة من عدوان مسلح .
وقد دأب قادة قوات العمليات الخاصة الأميركية وقادة أفراد قوة ايساف ، على انكار سقوط أي قتلى مدنيين في الغارات الليلية ، باستثناء النساء و الأطفال ، باحتساب جميع الذكور القتلى في الغارات متمردين .
واعتبرت ايساف القتلى الراشدين في الغارات متمردين ، حتى حين كان الضحايا يحتلون مناصب دائمة في الحكومة الأفغانية ، كما كانت الحال في غارة غارديز الليلية في 12 شباط 2010 ففي تلك الغارة ، تبين أن رجلين أرديا قتيلين في التجمع السكني المستهدف من قبل وحدة العمليات الخاصة الأميركية عندما خرجا من مسكنيهما يحملان بندقية كلاشنكوف - يشغل منصب نائب عام في المنطقة ، والثاني ، رئيس الشرطة المحلية فيها، ومع ذلك ذكرت ايساف في مؤتمرتها الصحفي عن الغارة، أن متمردين قد قتلا.
يقول «ماتيوهو» وهو المسؤول المدني الأميركي الرفيع في إحدى المقاطعات الأفغانية :«إن التقاليد البشتونية تسبب لنا مشاكل خطيرة في سياق الغارات الليلية » وقد أشار الجنرال ستانلي ماكرشيال إلى أن الأفغاني الراشد «مهيأ للرد بعدوانية دفاعاً عن منزله وضيوفه عندما يعتبر منزله أو شرفه مهددين.
وفي وضع مشابه ، لا بد أن معظمنا يفعلون الشيء ذاته. «وقد أعرب عن أسفه من أن هذه الردود الغريزية ، تفسر في بعض الأحيان على أنها أعمال تمرد، بما لذلك من نتائج مأساوية».
وعلى الرغم من أن نسبة كبيرة من المستهدفين في الغارات الليلية التي يقدر عددها بـ1256 كانوا من دون شك متمردين من طالبان ، فإن نسبة لابأس بها كانوا مدنيين . وقد استهدف بعضهم على إثر وشايات من أعداء قبليين أو شخصيين. كما وقع آخرون ضحايا نظام استهداف يعتمد بصورة ساحقة على معلومات استخبارية الكترونية . وتعتبر المكالمات الهاتفية إلى متمرد معروف ، أساساً لإضافة رقم هاتف خليوي إلى «قائمة المطلوبين للقتل أو الأسر » وبالإضافة إلى ذلك ، بدا قادة العمليات الخاصة الأميركية يستهدفون عن قصد أفراداً لا يعتقدبأنهم متمردون ، بل يعتقد بأنهم قدموا للمتمردين دعماً مادياً أو معنوياً ، أو أن لديهم معلومات استخبارية عن أولئك القادة.
وعلى كل حال يظل تقدير الخسائر الإضافية في المدنيين مستحيلاً. وقد ذكر مسؤولو حقوق الإنسان الأفغان ومراقبون أجانب ، أن عدداً أقل من القتلى في صفوف المدنيين قد سقطوا في الغارات الليلية مع تزايد استخدام ما يسمى «الضرب اللين» الذي يجري فيه استخدام أفراد أفغان ليعلنوا بمكبرات الصوت وجود الوحدة المغيرة قبل دخول المنزل . ولكن الغارات الليلية تظل بوضوح . السبب الأساسي لمقتل المدنيين في الحرب ، على الرغم من عدم الاعتراف بذلك بعد.
بقلم : غاريت بورتر