في معرض «هدية لأمي» استندت المفردات على دفء يدي المرأة الريفية فقد عطرت أعمالها بنفس روحها لتستمد عائلتها الحياة.
فالمعرض الذي أقامته حاضنة أعمال المرأة الريفية فردوس مع دائرة المرأة الريفية بزراعة اللاذقية في كنيسة سيدة اللاذقية المارونية.. مغرق بالمحلية.. أدوات القش التي يعتمد عليها في الكثير من المنتجات الغذائية الريفية ومرافقاتها، الأشغال اليدوية حياكة، خياطة وتطريز.. باقات المفارش والمناديل التراثية مسلوبة، حرير وصوف، اختلطت ألوان الشتاء الساحلية مع أشغال النول من البسط والسجاد اليدوي.. غلفت الأعشاب الطبيعية أيادي الريفيات التي صنعن منها عطرهن.. ولا زال العسل يتغنى بشهده ليبقى معمراً لسنوات.. ولأن أيادي الريفيات عجن بالعطاء كانت ضيافتهن من تراث الأمهات عن الجدات «ريشتاية» طبخة الشتاء مكونة من عجينة تصنع منذ الصيف الحار مطيبة بالمحلب والشمرة لتتخذ مؤناً لأيام البرد.. وترمى بعد استواء العدس لتقلّى بالبصل وزيت الزيتون.
وأثناء جولة في أروقة المعرض تنوعت الأحاديث عن المنتجات ومكوناتها وطريقة صناعتها فكان لنا هذه الوقفة.
ترجمة وتفاهم
السيدة شوق إبراهيم المديرة التنفيذية لتنمية المرأة الريفية التابعة لفردوس في عين التينة قالت: معرض هدية لأمي ترجمة لمذكرة التفاهم بين فردوس ووزارة الزراعة وهي الخطوة الأولى للتعاون مع جهة حكومية وذلك في إطار توجه الأمانة السورية للتنمية وللعمل بالشراكة مع الجهات التنموية المختلفة.
وكما هو معروف المعارض هي أهم النشاطات التي تقوم بها فردوس لمساعدة رائدات الأعمال الريفيات بغية ترويج وتسويق منتجاتهن فهناك منافذ بيع محدودة في سورية كقلعة صلاح الدين، دمشق القديمة، منتجع نسمة جبل وسوق الضيعة الذي يقام كل يوم سبت في حديقة البطرني كما أن فردوس تسعى لتأسيس منافذ أخرى وسيتم الإعلان عنها قريباً في كل أنحاء القطر.
وأضافت: هناك العديد من المشاريع الأخرى لتكوين اللجان الفنية في القرى بغية تنفيذ برامج الأمانة السورية للتنمية، وهذه اللجان تعتبر شركاء مع الأمانة في الريف السوري، كما هي بصدد توقيع عدد من مذكرات التفاهم بين فردوس والوزارات والجهات التنموية الأخرى كالصحة والشؤون الاجتماعية والعمل.. لأن هدفها الوصول إلى أكبر شريحة من أفراد المجتمع والاستفادة من الحراك وتنوع الخبرات بما يفيد المجتمعات المحلية.
وأبرزت أنه لا بد أن تعطي فردوس القراءة حقها من خلال برامج حملة القراءة الريفية وبرامج نوادي التمنية التي سيتم تنفيذها قريباً في غالبية قرى اللاذقية وهي عبارة عن سلة من البرامج المختلفة التي تقدمها الأمانة السورية كفردوس مسار وشباب وقد تم إطلاق برنامج التطوع ضمن فردوس في الريف والمدينة لتشجيع المتطوعين المشاركين في أنشطة الأمانة السورية للتنمية في الريف والمدينة.
حراك وتفاعل
رئيسة دائرة المرأة الريفية في زراعة اللاذقية المهندسة رباب وردة قالت من جهتها : يحتضن المعرض مشاركات مهنيات في الأعمال اليدوية الريفية وهن سيدات مستفيدات من مشروع تمكين المرأة والحد من الفقر عبر برامج تنمية المرأة الريفية بالمجالات المختلفة اليدوية والغذائية منها الحياكة والبسط.. شك على النول.. وألبسة الأطفال، وشك الخرز.. الحرير والايتامين، ومناديل الحرير تراثية «مسلوبة» العسل ومنتجاته، صابون الغار وزيت الزيتون، خل التفاح والدبس بأنواعه، والنباتات العطرية الطبية، المقطرات.... من مناطق عديدة هي كسب عين التينة، الوادي، ربيعة، جبلة، القلايع، قلعة المهالبة القرداحة بكراما، بكسا، برج القصب.. وهذا التنوع يولد حراكاً ايجابياً وتفاعلاً فعالاً لتبادل الخبرات لأن منتجات مشاركات فردوس ومنتجات المرآة الريفية في الزراعة نوعية ومتميزة وغير متشابهة بآلية التصنيع وجميعها تنتمي إلى التراث الريفي في اللاذقية.
إيحاءات أوغاريتية
المنسقة الإدارية والمروج المحلي في تنمية المرأة الريفية فردوس الآنسة نورا سعيد أكدت أن فردوس تسعى ليكون هناك منفذ ثابت للبيع في اللاذقية يضم منتجات الريفيات المستفيدات من فردوس في محافظة اللاذقية والتي عرضت في هذا المعرض كمنتجات الوردغان وهي عبارة عن أغطية مفروشات منزلية مصممة من إيحاءات أوغاريتية.. إضافة إلى الكروشية، أشغال الصوف، الجلديات كما الحقائب النسائية من الحرير وبعض الأقمشة السورية كالبروكار الدمشقي وبعض أشغال التطريز من التراث الفلسطيني على أقمشة نجفية.. والاكسسوارات الخشبية والحلي المكونة من اللولو والأحجار الكريمة.
وأيضاً مفردات الريف السوري لبعض صناعات القش.. إضافة إلى المنتجات الغذائية كالجبن وبعض المنتجات الغذائية الطبيعية من الأعشاب والكريمات.
توارث
بدورها أشارت رئيسة شعبة تنمية المرأة الريفية لمنطقة اللاذقية المهندسة إيمان عطية أن مشاركات منطقة اللاذقية يمكن أن يزرعن بذور أعمالهن اليدوية لتكون باباً واسعاً في إرساء صناعات أمهات اللاذقية وهذا حاضر في الأجنحة الخاصة لمناديل الحرير الطبيعية التي أتقنتها من جداتهن عبر أمهاتهن والكثير من التراثيات الأخرى.. كما في جناح خاص بالايتامين والنورفيكان، والتطريز التي تشتهر بها منطقة كسب السياحية فالسيدة سيتا بولاديان من المستفيدات من تنمية المرأة والآن أصبحت متمكنة وتعمل بإبداع ومهارة كبيرة.. وتعمل أغطية ومفارش للطاولات وخشبيات صناديق وصواني ولوحات حائطية، وألبومات للصور, إضافة إلى جناح خاص بالكروشة والشك والخرز.
الوردغان
جناح خاص لسيدات خمس من قرية عين التينة يعملن «الوردغان» وهي ديكورات وأقمشة فنية مستوحاة من أسطورة الساحل السوري «الوردغان» مغامرة المرأة الريفية كل قطعة تشكل بحد ذاتها تصميماً فريداً صنع يدوياً باستخدام الأقمشة السورية التقليدية.. يصنعن المفارش للأسرة والطاولات وأغطية وسادات حقائب لابتوب وبيوت هواتف وغيرها.
ملامح
تستقي السيدة أنسام المصري اكسسوارات الحلي من الصناعات الشرقية التي تعطيها الملامح السورية وما يناسب البيئة المجتمعية، تدخل في صناعتها الأحجار الكريمة الطبيعية والصدف البحري، الكريستال الخشب.. وتطعمها بالأقمشة لتعطي هذه الاكسسوارات من إبداعها ومهارتها بصناعة رافقتها سنوات عديدة.. وتسعى لتطوير عملها بما يتوافق مع الحداثة ولتناسب الفئات العمرية كافة.
حركة بيع
تؤكد السيدة سميرة ناصر أن حركة البيع في المعرض كانت مميزة مقارنة بالمعارض التي شاركت فيها سابقاً.. فأشغال الكروشية والسنارة والسنارتين من شالات وبلوز نسائية وألبسة أطفال ومفارش الطاولات لفتت اهتمام الوافدين للمعرض وهذا ناتج عن الحداثة في الألوان والموديلات التي سعت لتنفيذها بناءً عما هو مرغوب في هذه الأيام.
توشيحات
وفي كل معرض لأعمال المرأة الريفية يستمر جناح النول اليدوي في حصوله على أكثر المعجبين من خلال انتمائه إلى تراث اللاذقية وطرح توشيحات ألوانها الشتائية الدافئة من قبل السيدة رجاء موسى مع أشغال يدوية بمشاركة عدد من ذوي الاحتياجات الخاصة التي دربتهن على هذه المهنة من متابعتهن.
عشتار
تعتمد دلال حسون على القراءات المتتابعة لكتب الأعشاب لتطوير معارفها حول فائدة كل نبات ومكون للبشرة لتضمه إلى صناعة صابون الزيت عشتار التي تصنعه على البارد وتدخل مكونات الورد الجوري، اللوز، حبة البركة، الياسمين، البابونج، البقدونس، النعناع، إكليل الجبل، الغار، زيت الزيتون، الخيار، العسل.. وتقول بناء على التدريبات التي خضعت لها من قبل المدربين في حاضنة أعمال المرأة الريفية فردوس تمكنت من تحويل وقت الفراغ إلى عمل يعطيها مورداً يتناسب ووضعها البيتي.
خبرة ومنتج
بينما السيدة سناء جعفر اختارت صناعة الكريمات والمقطرات من الأعشاب الطبيعية للتجميل ومعالجة الأمراض لأن الأعشاب الطبيعية ومنتجات العسل هي دواء لكثير من الأمراض كالزعتر والخزامى واكليل الجبل والمليسة والورد الجوري وشمع العسل فلكل واحدة من هذه المكونات لها وظائفها الخاصة بها إضافة إلى صناعة خلطات زيوت الشعر.. ومن خلال التدريب ضمن فردوس والعمل المستمر اكتسبت الخبرة وطورت منتجها بنفسها.
حلي خشبية
ويدخل مشروع البنفسج للسيدة سماهر حسون بصناعة الاكسسوارات من أطواق، خواتم، وأساور تعتمد فيها على أوراق الأشجار وقشر الصنوبر والكثير من العينات الخشبية البسيطة التي تجمعها من الغابات المجاورة لمنزلها الريفي بعد أن تعلمت كيفية إخضاع هذه العينات لمواد تحفظها من التلف عبر الزمن.