لكنها استطاعت بحق أن تؤخر, ولو بقليل من السنين إسدال الستارة عن بعض مشاهده الأخيرة.
جدلية.. يصعب للوهلة الأولى فهمها، ووضع أسس لها..، كما فعل ابن خلدون في مقدمته.
وتطرح الأسئلة.. تجيبك بها..!!!
وأحيانا كثيرة يجيبك صمت صفحاتها، حين تلبس نظريتها، في موت الحضارات الحضارة الإسلامية، التي تتنشق النور، وتتنفس الصعداء.. معلنة مخاض الولادة وآلامها.. من جديد في كل حين..
وما أدهشني.. ابن حزم الأندلسي، حينما طالعت «الألفة وألاف» فعكفت على دراسة حياته، وتاريخ العرب في الأندلس، على ما يزيد عن عامين لأنتهي بتفسيرات وتحليلات.. زادت من حيرتي وربما.. استغرابي...
لأنك حين تقرأ تاريخ الأندلس، وتاريخها حتى عصر ابن حزم.. وتنتهي لتقرأ..
حوارات مشهده الأخير..
ستفكر.. كيف ستجيب عما يفرض نفسه.. من سؤال..
لماذا كتب عن الحب والعشق والهوى.. في مرحلة لأشد ما تكون فيها الفتن والانقسامات واختلافاتها....؟
لماذا.. يسرد لنا حكايا العشاق والمحبين.. من أمراء ووزراء، وعبيد.. وجوار...؟!
لماذا.. قعدّ لنا قواعد الألفة وتدرّج بمراحلها..؟
لينتهي بنا بوسطية إسلامية، تشرح أهواء النفس البشرية العاقلة، الموازنة، بين ما يسميه علماء الفكر المحدثين – العلم الواقعي – العلم الغيبي..
وبين الصفحات..
طالعتني كتب لأدباء، ومفكرين عرب، ومستشرقين تعرضوا للسؤال..
وللإجابة على بعض هذه الأسئلة..
لكن.. لم تعط ابن حزم، وطوق الحمامة حقهما بالشرح والتفصيل..
لتعود الأسئلة.. والأجوبة تلوح بالصمت.. إلى أن وقع بين يدي أجزاء كتاب «اعترافاتي» لجان جاك روسو، التي أسرتني، وعذلتني لأيام، عن ضجيج الحياة، وكيف لا.. !!!!.. وهي الطبعة الأولى للنسخة الأم، والترجمة العربية الأولى لها..
ولأشد ما آلمني.. وخلال تتبعي للترجمات اللاحقة لها، أنها بعثرت، وقصت الكثير من الأحداث، التي سطرها روسو ليهزّ أوروبا فتكون حجر زاوية، ومفصل لتاريخها الحديث، والمعاصر..
فتراءت الأسئلة مرة أخرى...وتناثرت الأجوبة متباعدة.. !!!
إلى أن.. قرأت اعتذار تشيخوف لأحبائه ومعجبيه، لأنه لم يريهم الجانب الأخر من حياته، تلك الظلال التي حددته، ورسمته، ليكون أشهر كتاب أوروبا الروائيين.. والعالم...
فراح يعترف..
نعم..
إنهم العظماء.. الذين جاءت حياتهم كما مؤلفاتهم.. نورا وهداية وطريقاً..
أنها الكتب التي تختصر تجربة الحياة، وتتنفسها لنسمو بها ونرتفع..
فكم.. نتوق لاعتذارات تاهت بين مؤلفات، ودراسات، وتاريخ لم يستطع أن يؤرخنا..
كم.. نتشوق لتلك الظلال التي تاهت ملامحها بين تحليلات، وقصص، وإشاعات تتحكم بها أقلام صفراء...فتمحق شعورنا بها بجرة قلم منها....
لماذا.. لا نملك شجاعة الاعتذار، شجاعة الصدق مع أنفسنا....؟
لماذا.. لانعترف بأخطائنا، وزلاتنا، التي دمرتنا لكنها لم تستطع أن تهزمنا ؟.. فكنا على ما نحن عليها الآن..
لماذا.. لانحاول العبث بحوارات المشهد الأخير, مرة أخرى، ونهزأ به...!!!!
كما فعل هؤلاء..
albakourmona@hotmail.com