هنا انتقل من منبر المذيع إلى منبر أتاحته له محطة الجديد على ما يبدو متقصدة أن تطرح من خلال هذا اللقاء بعداً آخر للإعلامي المتميز تجسد في المفاجأة التي فجرها رئيس مجلس إدارة المحطة تحسين خياط،عندما انتقل البرنامج ليسجل معه شهادة عن الإعلامي –الضيف،فإذ به يطالبه بدخول الانتخابات النيابية ويناشده للعمل في الحقل العام،ويقترحه وزيراً للإعلام!!
بالطبع إن البرنامج لايركز على هذه النقطة بالذات،إلا أننا نكتشف أن قرداحي اعتبر البرنامج فرصة ليعرض العديد من قناعاته ومبادئه وآرائه،وإن كان قد حاول التهرب وعدم الوقوف طويلاً عند مسألة الانتخابات،معلناً لمقدمة البرنامج سينتيا الأسمر أنه لايطلب منصبا ولايعرف إن كان يستحق ذلك،
معتبراً أن الإنسان الناجح بإمكانه أن يخدم بلده أينما كان،وعندما تحاول سينتيا أن تستدرجه لإعلان برنامج انتخابي،ربما سمعت عنه أو هي تحاول انتزاع سبق،إلا أنها فشلت في ذلك فهو بحنكة المحاور يعترف لها بما أراد أن يقدمه مبدئياً للمشاهد من أن هناك من يحاول إقناعه إلا أنه حتى الآن لم يتخذ قراره بعد!!
المذيعة التي حاولت أن تنتزع منه اعترافا كانت طيلة الوقت تبدو عجولة ما يهمها الانتقال إلى محور إلى آخر الأمر الذي جعل قرداحي يقول لها ثلاث مرات وفي أماكن مختلفة أن تتركه يقول أفكاره لأنه لايريد أن يمر مروراً عابراً على قضايا هامة ليتكلم عن نشأته وولادته التي كانت قد سألته عنها المذيعة بالتفصيل وأفردت لها حيزا كبيرا،لنتعرف خلال البرنامج عن تلك الهواجس التي تشغله والتي يأتي على رأسها حسرته من الآل التي وصلت إليه القضية الفلسطينية، وما تعيشه غزة الآن من آلام ودمار يفوق الوصف...مناشداً ضمير الحكام العرب أن يستيقظ... كما افتخر جورج قرداحي بما فعله منتظر الزيدي معتبرا إياه بطلا ذا مبادرة وجرأة كبيرة.
ضيف ألو بيروت رد تحية تحسين الخياط بأفضل منها،فإن كان قد اعتبر خياط أنه عندما يطل قرداحي فإن لبنان كله يطل من ورائه،فإن قرداحي يؤكد أن خياط رجل وطني ولبناني حقيقي وهو فوق الطوائف،وينظر للبنان كوطن للجميع ويحارب الفساد....
البرنامج تمكن من الارتقاء إلى مستوى الضيف من ناحية عرضه لأغنيات طربية رفيعة حسب ذوق الضيف مثل خمرة الحب للفنان صباح فخري،وأغنية سنرجع يوما لفيروز...
وجاء عرضه للمقاطع التي الذي عرض لمقاطع عديدة من برنامجه (من سيربح المليون)اختيارات موفقة أعطت فكرة عن الإطلالة المميزة التي يتمتع بها قرداحي،خاصة بعد أن أطلعنا البرنامج وعبر ريبورتاج تناول فيه مسيرته الإعلامية الطويلة التي صنعت منه مقدماً متميزاً،يتمتع بثقافة متنوعة وشاملة وبعقل منفتح لاحظناه في أكثر من موضع خلال البرنامج سواء خلال حديثه عن التعددية التي عاشها أثناء عمله في إذاعة مونت كارلو حيث كان فريق العمل حينها عبارة عن وطن عربي مصغر،هناك تلاقحت الثقافات،وتشكلت اللبنة الأولى التي ساعدته فيما بعد أثناء تقديم برنامج من سيربح المليون،كونه برنامج يعتمد على استضافة شخصيات من مختلف أنحاء الوطن العربي.
ولعل أهم ما تمكن البرنامج من تقديمه جورج قرداحي الذي يقفز فوق صغائر الأمور لنراه ذا عقل كبير،يهمه لبنان أن يكون وطن للجميع،بحيث ينقلب التنوع الذي يعيشه إلى ميزة،مؤكدا أن شخصاً بمفرده لايتمكن من فعل شيء وحتى إن كان يحمل هذا التفكير،بل يحتاج الأمر إلى مجموعة ليعملوا معا،...
تمكنت مقدمة البرنامج من جعل الضيف ينتقد الواقع السياسي و الإعلامي اللبناني الحالي والفوضى التي يعيشها، مؤكدا أن السياسة مهنة فيها أخلاق وراقية وليست تبديل مواقف كما يفعل البعض في لبنان،السياسي الحقيقي لايبدل مواقفه حتى لو كلفه ذلك حياته،وانتقد الإعلام الذي فهم الحرية الإعلامية على أنها فوضى معترضا على إبراز مقدم البرنامج السياسي لعواطفه وتبنيه لآراء الحزب الذي ينتمي إليه،الأمر الذي يبعده عن الموضوعية...
تمكن برنامج ألو بيروت لمقدمته سينتيا الأسمر ومخرجه طلال الشامي من أن يكشف لنا الكثير من الآراء لضيف البرنامج،آراء وإن كانت غير مفاجئة إلا أنها أعطت بعدا آخر عميقاً ورصينا لمقدم يبدو انه طيلة الوقت يتفاعل بموضوعية وعقلانية مع مختلف القضايا التي نعيشها...