وقد بدأت د. نهاد صليحة من مصر بالمداخلة الأولى حيث تناولت المحور الأول وهو /الدراما تورج والترجمة/ حيث قالت:
علينا أن نميز بين الدراما تورجية كخاصية تتميز بها الأعمال الدرامية وبين مجموعة الوظائف التي تندرج تحت مسمى الدراما تورج، فالدراما تورجية هي فن الإنشاء الدرامي أو الكتابة الدرامية، أما مجموعة الوظائف والمهام التي باتت حديثاً تندرج تحت مسمى الدراما تورج، فهي قديمة قدم المسرح نفسه ويمكننا إجمال هذه الوظائف سواء قام بها فرد أو جماعة فيما يلي:
انتقاء واقتراح النصوص الدرامية التي تلامس الواقع، وتحديث النصوص الدرامية التي تنتمي إلى عصور تاريخية قديمة بما يقربها من الجمهور المعاصر، وذلك من حيث اللغة كاستبدال كلمات معروفة بتلك التي باتت مهجورة وغامضة والمدة الزمنية التي يستغرقها العرض ما قد يستلزم بعض الاختصارات التي لا تخل بالنص، واقتراح أو تنفيذ ترجمة جديدة لنص قديم في لغة معاصرة تتسق مع اللغة الحية إضافة إلى معاونة المخرج والعمل معه على بلورة رؤيته الاخراجية وذلك بطرح العديد من الأسئلة عليه فيما يختص بسبب اختياره للنص وفهمه له.
تحويل بعض الأعمال الأدبية كالروايات إلى مسرحيات.
وبالتالي فإن ثمة شروطاً يجب توافرها في من يضطلع بدور الدراما تورج وأهمها الثقافة الدرامية والمسرحية الواسعة التي تشمل تاريخ الدراما والمسرح والنظريات الدرامية والمسرحية المختلفة والإلمام بأكبر عدد ممكن من النصوص المسرحية ومشاهدة أكبر عدد ممكن من العروض المسرحية والخبرة العملية بالعملية المسرحية في كافة جوانبها.
ووفق هذا التصور أصبحت الدراما تورج وسيطاً يقيم الجسور بين النظرية والتطبيق بين الخبرة العملية والدراسة الاكاديمية، بين الأدب والمسرح، بين الأهداف الفنية وحقائق الواقع وبين التاريخ والحاضر.
كما قدمت المداخلة الثانية السيدة منحة البطراوي من مصر والتي تحدثت من خلالها عن الترجمة المسرحية حيث قالت: إن المترجم يقوم بنقل النص الأصلي إلى لغة وهذا بديهي، لكن على المترجم أن يترجم النص الأصلي فعلاً، لا عن نص قد تم ترجمته فالعودة إلى الأصل تضمن الأمانة، وأكثر من ذلك تعطي المترجم فرصة البحث عن أكثر الكلمات توفيقاً لما يراه مناسباً للمعنى الذي يراه، وبتصوره يصل إلى مفهوم القارئ، فإذا ترجم مثلاً نصاً ألمانياً عن الإيطالية نراه في الواقع يقوم بترجمة نص ايطالي، إذ يمكن أن نفترض أن المترجم الايطالي قد تدخل في النص الألماني على نحو يجعله مستساغاً، وبذلك فإن (العنعنة) تفقد النص الأصلي طزاجته وربما أحدثت كثيراً أو قليلاً من سوء الفهم أو التناقض أما الأمانة التي أشرنا إليها لا تعني الالتزام الحرفي بالنص، بيد أننا نقابل أحياناً بعض الجمل التي لا معنى لها، والسبب أن المترجم نقلها دون إدراك لصعوبة فهمها لدى قارئ جديد لا يلم بمعناها في اللغة الأصلية.
الأمانة هو أن يقوم المترجم بالبحث عن المرادفات (الحكيمة) التي تؤدي المعنى الأصلي دون المساس بالجوهر.
أما د. نبيل الحفار فقد قدم شهادة عن تجربته كمترجم انطلاقاً من عمله كدراما تورج حيث قال: أنا أترجم عن اللغة الألمانية ومن خلال هذا العمل وخلال قراءتي لما ترجم عن اللغة الألمانية كنت أشعر ببعض النواقص والفواجع التي كنت اكتشفها من خلال ترجمات لا ترتبط بالمسرح لامن قريب ولا من بعيد بل هي في بعض الحالات تؤدي إلى الإساءة إلى صورة الكاتب.
لابد أن أؤكد على الترجمة عن اللغة الأصل وبذلك يمكن أن نعمم فتقول إن معظم الصور عن بعض المنظرين ليست متطابقة مع الأصل بل هي متطابقة مع ما وجد في ذهن المترجم حسب النص الذي ترجم عنه ومن خلال هذا النشاط توصلت إلى أنه لا يجوز أن أنطلق فقط من وجهة نظر أن هذا النص قد أعجبني وإنما يجب أن أنطلق من الوضع الثقافي في هذا البلد.