تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


كلنا نحب فيروز.. ولكن؟!

ثقافة
الثلاثاء 29-12-2009م
الدكتور إحسان هندي

قبل أن يتعجل بعض القراء ويتهموني بمحاربة فيروز أقول إني أحب صوت هذه المطربة الملائكية، سفيرتنا إلى النجوم منذ أن كانت تغني باسمها الحقيقي (نهاد حداد) عام 1951 الأغاني الأجنبية المدبلجة

مثل: ماروشكا والقمر الوردي (لونا روسا) وبكى هواه (جوني جيتار) وخلال سفريات اغترابي عن سورية بين 1965و 1990 كنت أحمل دوماً إلى جانب جواز سفري وصور العائلة والأولاد أسطواناتي ثم أشرطة وسيديهات أغاني فيروز لتكون رفيقاً لي في الغربة.‏

ولكن هذا شيء وإجبارنا على الاستماع إلى أغاني فيروز عشر ساعات في اليوم الواحد هو شيء آخر. أشرح هذا الأمر فأقول: إنني مصاب بنوع من الأرق الذي يجعلني لا أنام أكثر من ثلاث ساعات في الليلة الواحدة ولهذا يكون رفيقي الدائم بين منتصف الليل والتاسعة أو العاشرة صباحاً هو المذياع وخاصة محطات الموجة القصيرة (إف. إم) حيث أصبحت لدينا -بحمد الله- خمس محطات (إف. إم) وأغلبها إذاعات خاصة وهي تتسابق في بث أغاني فيروز كل ليلة منذ منتصف الليل وحتى ضحى اليوم التالي.‏

إن طول الأغنية المتوسط من أغاني فيروز هو أربع دقائق ومدة البث التي أتحدث عنها هي في حدود أربعمئة دقيقة ومعنى هذا أن على كل محطة إف. إم أن تذيع مئة أغنية لفيروز في كل ليلة.‏

وإذا ضربنا هذا الرقم بخمس (5 محطات إف. إم) يتبين لنا أن المستمع السوري عليه أن يشنّف أذنيه بحوالي خمسمئة أغنية فيروزية كل ليلة، وقد يمل هذا المستمع من أغنية ما فينقل المؤشر إلى محطة أخرى فيفاجأ بالصوت نفسه إذا لم تكن الأغنية نفسها.‏

إن التكرار هو عدو الذائقة الفنية ويؤدي عاجلاً أم آجلاً إلى افسادها لأنه سبيل غير محمود إلى «التأطير» ثم إلى «التنميط».‏

وبكلمة أخرى فإنه ليس من ضير علينا كمستمعين أن نحب فيروز وصوت فيروز ولكن... هناك ضير بل ضرر في ألا نحب إلا فيروز أو من يقلدها وهذا الضرر يمس بفيروز نفسها قبل أن يطول غيرها وجمهورها.‏

هناك أصوات أخرى في العالم العربي تستحق أن نسمعها وإذا كان أصحاب محطات البث يصرون على أن يكون الصوت «ناعماً» أثناء فترة البث الليلية فإن نجاة الصغيرة وماجدة الرومي وكارول سماحة وماري سليمان ونوال الزغبي وميادة الحناوي وشهد برمدا، وأصالة ورجاء بلمليح ووردة الجزائرية وصوفيا صادق وأنغام وأحلام ومايا نصري يمكنهن أن يملأن الفراغ بين وقت وآخر.‏

ثم هل من الضروري أن يقضي الإنسان ليلته بطولها في الاستماع إلى الطرب؟ ألا يمكن مثلاً أن يستمع إلى مقابلة مع شخصية أدبية أو فنية محببة أو إلى تعريف بأحد البلدان البعيدة أو إلى طرائف من حياة الشعود أو إلى صفحات من الماضي..الخ؟‏

وهناك أمر يجب ألا ننساه في هذا المجال وهو واجب في تطوير الذائقة الفنية أو الموسيقية على الأقل وبالاستماع إلى مقطوعات الموسيقا الغربية الكلاسيكية لعباقرة هذا الفن من أمثال بيتهوفن وتشايكوفسكي وكورساكوف ورخمانينوف وشوبان وليست وهاندل وشتراوس وباخ ورافيل وده فايا.‏

ولا مانع من تطعيم ذلك بسماع مقطوعات لسيد درويش وأبو بكر خيرت وعمر خيرت ومدحت عاصم ومحمد عبد الوهاب..الخ.‏

وأعود هنا إلى القول إني لست من أعداء فيروز ولا صوت فيروز ولكنني من أنصار التنوع في السماع لإغناء الذائقة الفنية والموسيقية لدى المستمعين‏

وإذا كان أصحاب محطات البث يصرون على إسماعنا صوت فيروز كل ليلة فليس من الضروري اسماعنا شريطاً من مئة أغنية لها دفعة واحدة وإنما يمكنهم التنويع في ذلك، كأن تخصص سهرة ما لإذاعة أغانيها الأولى ذات الأصل الأجنبي التي غنتها بين 1951 و 1955 (ولا مانع من إذاعة الأغنية الأصل باللغة الأجنبية إلى جانب العربية) وأن تخصص السهرة التالية لإذاعة أغانيها العاطفية والسهرة الثالثة للأغاني اللبنانية والرابعة للأغاني الوطنية والخامسة للأغاني القومية والسادسة لأغاني مسرحياتها والسابعة للأغاني الحديثة التي لحنها لها ابنها زياد والأفضل في مثل هذه الحالة الاستعانة بفريق عمل لتحضير هذه الأغاني وكتابة التعليقات الملائمة عنها مع مذيع ذي خبرة لتقديمها.‏

قد يقول أحدهم: إن هذا سيكلف المحطات جهداً ومالاً إضافيين وأرد على ذلك بقولي: لم تعد توجد أي محطة إذاعة في العالم حتى محطات الإف. إم. تذيع أغاني متواصلة لمدة ثماني ساعات يومياً ولا يقطعها إلا صوت المذيع معلناً بين وقت وآخر اسم المحطة. والغريب في هذا أن هذه الأغاني جميعاً بصوت مطربة واحدة ولو كانت هذه المطربة السيدة فيروز.‏

تعليقات الزوار

Leena |    | 29/12/2009 04:12

أنا معك بكل شي حكيتو انا من أشد لمعجبي بفيروز بس والله ملينا ونحنا نسمع أغانيها ليلا نهارا وين أيام زمان لما كنا نحس بقيمة كل حرف من أغانيها مو متل هلأ صارت دنينا عم تطن بنفس الكلام واللحن

kamal |    | 29/12/2009 10:14

بتمنى تحكي يا استاذ بصيغة المفرد لا بصيغة الجمع, وصوت فيروز في الليل هو دواء لجروح النهار من الاغاني الطقطوقة التي لانسمع غيرها.

سيمو |    | 29/12/2009 13:11

يبدو أنو الدكتور إحسان بحب الصورة أكتر من الصوت . بعض الأسماء اللي ذكرها من الفنانات هم من ملكات الأستعراض (كارول _مايا) الفن كان وبيضل عند فيروز ونصري شمس الدين و ميادة الحناوي و وديع الصافي

samiha |  samiha_s2007@yahoo.com | 29/12/2009 14:08

مساء الخير شكرا لك استاذ إحسان نحن بالفعل بحاجة الى من يذكرنا ان الشمس أشرقت من جديد يجب الانتباه الى عاداتنا وكلماتنا وطريقتنا في المشي بالشارع الجميع تلهيهم الامور اليومية المفروض ان تكون هذه الامور امر مفروغ منه لكن للاسف باتت من الاساسيات فلا عتب على هؤلاء المستمعين لانهم غير مستمعون بل بحاجة للمذياع لسد خانة فارغة يعاني منها أولئك الافراد سلامي

علي |  aus_aus8@hotmail.com | 04/01/2010 00:32

يبدو انه اصبح عرفا عند (المتصحففين ) تناول السيدة فيروز لكي يتطرق القراء لمواضيعهم ...وهذا ما يحذوه الدكتور كاتب المقال ... وأين يأتي ويتحدث وعن من عن اذاعات دمشق .... وكأنه لا يعلم ان اذاعة دمشق هي التي امتهنت فيروز منذ الخمسينيات والتي احتضنتها وتعتبرها جزءا وركنا من اثيرها اليومي ... وليس مستغربا ان تتقاسم هذا الجمال مع كل اذاعة سورية ترى النور .... انني استغرب واستهجن امتعاض مثقف من بث اغاني السيدة فيروز لساعات طوال .... اغاني فيروز التي اصبحت الخلفية والموسيقى التصويرية للمثقف العربي السوري .... كنت حتى قرأت المقال اتضايق من السائق الذي يقدّر لي ركوب سرفيسه خلال فترة فيروز على شام اف ام عندما يطفئ الراديو ويفلت العنان للكاسيت( الشعبي ) في سيارته ... أما اليوم فلم اعد استغرب هذا .... وعندما يطالب دكتور ببث اغاني نوال الزغبي ليستريح من أغاني فيروز ... ويبدو ان الكاتب بالرغم من الإدعاء باعتيادهسماع الراديو على (الموجه القصيره ) لا يجيد البحث جيدا فهناك اذاعات عديدة تبث نجاة وام كلثوم وعبد الحليم طيلة فترة الليل وحتى الصباح ولا تبدأ بأغاني فيروز الا في السابعة ...ولكن الواضح انه يقصد اذاعة بعينها .... وتلك الاذاعة التي يجب ان تكون منارا لغيرها .... واخيرا سيبقى صوت فيروز عنوان الذوق السوري الرفيع والذي اضحىجزءا من نسيج الذائقة السمعية ودخل بجيناتنا وشكرا لله ان حال كاتب المقال مازالت استثناء ....

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية