تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الخطط المدروسة وانعكاسها على بيئة العمل

مجتمع
الثلاثاء 29-12-2009م
جنين الديوب

يسعى كل إنسان للوظيفة ، لأنها تؤمن له الاستقرار والمعاش المناسب والتأمين والتعويض الصحي والإضافة والمكافأة.. وهذه الأمور تميّز الدوائر الحكومية عن القطاع الخاص، ورغم هذه الميزات نجد أن الملل والنفور من العمل يسيطر على الكثير من الموظفين ، وبالتالي يفكرون بالهروب منه بأي طريقة.

الروتين ولسنوات عديدة من دون البحث عن طرق جديدة لأسلوب العمل وتطويره يجعل العامل يمل عمله ويتحين فرصة انتهاء الدوام الفعلي ، رغم وجود الوقت الكافي للاستراحة فيه.‏

فالتجديد والتطوير في حياتنا اليومية شيء لابد منه من أجل المتابعة في العمل برغبة حقيقية وبشكل جيد ، فكل إنسان لديه القدرة الدائمة على كسب العديد من الخبرات وهو بحاجة إليها مهما تقدم به العمر ، وكلما حصل على المعرفة أكثر كلما شعر بقيمة لوجوده ضمن الجماعة ورغبة في المزيد من التعلم ، و بالتالي ينعكس ما تلقاه من تعلم وخبرة على مكان العمل نفسه ، ولتحقيق ذلك يجب توفير الظروف المناسبة والإمكانيات المطلوبة لإعطائه هذه الخبرات بشكل مدروس ومنظم..‏

العديد من الموظفين يرتبطون بدورات تدريبية مسائية أغلب ما تكون دورات تخص اللغة الاجنبية أو برامج الحاسوب ، أو غيرها لكسب الخبرات وتطوير أنفسهم علمياً وعملياً ، دافعين بذلك ضريبة باهظة تكمن في عدم وجود الوقت الكافي لرؤية أسرهم.‏

لازلت أذكر زيارة قمت بها في عام /1997/ الى أحد معامل الألبسة الحديثة والمتطورة كان اول ما يقوم به العمال قبل بدء العمل الصباحي هو الرياضة الصباحية في شرفة واسعة ذات إطلالة جميلة ، لتنشيط الجسم وتخفيف أي ضرر قد ينجم عن الجلوس لوقت طويل على آلات الحياكة.. بالاضافة الى أشياء عديدة ملفتة للاهتمام ، منها المكان الواسع والمنظم من حيث توزيع أقسام العمل بشكل صفوف رتبت فيها آلات الحياكة ، ووضع مشرف على كل قسم لمراقبة سير العمل ، وتوزيع العمال والعاملات كل حسب قدرته ومعرفته ، وبين الحين والآخر يتم وضع الموسيقا الهادئة لتغيير الجو ، وهناك ساعة محددة للاستراحة لتناول الطعام فيها ، بينما يقوم المدير بشكل يومي تقريباً بإلقاء نظرة على سير العمل.‏

وفي أحد المطابع المتواجدة في منطقة (حوش بلاس ) كان أكثر ما يهتم به مسؤولو العمل في قبولهم للعامل هو التركيز على شخصيته وتعامله ، وليس بالضرورة فقط مدى إتقانه نوع العمل المطلوب ، من ثم يتم تعليمهم على تلك الآلات المختلفة ، مع التغيير كل فترة لنوع الآلة التي يعمل عليها بحيث يصبح العامل متقناً للعمل على جميع الآلات فلا يشكل غياب أحدهم إعاقة للعمل.‏

وضع خطة مدروسة‏

الدراسة الدقيقة والتخطيط المسبق لأي عمل كان هو من أولويات نجاح هذا العمل ، لذلك أهم مايجب دراسته في مجال العمل هو الاهتمام بتنمية الموارد البشرية عبر وضع خطة مدروسة تجعل من العمل مكاناً أكثر ألفة وأكثر نشاطاً ، يقوم بوضع هذه الدراسة مختصون لديهم خبرات عديدة حول دراسة النفس البشرية والقدرة على تنميتها وتطويرها ، وأن يكون لديهم اطلاع على إدارات الدول الأخرى وكيفية سير العمل فيها والاستفادة ما أمكن مما يرونه جيداً.. وهذا يكسب العامل المزيد من الخبرة والمعرفة ، التي تؤدي بالتالي الى تطوير آلية العمل وزيادة إنتاجيته.. فمن أهم اشكال هذا التطوير هو الاهتمام بالعنصر الإنساني البشري في المؤسسة المعنية..‏

ليس من العبث ان تتواجد في العديد من الإدارات الحديثة في العديد من دول العالم المتطور أقساماً خاصة تعنى بشؤون العنصر البشري من حيث مشكلاته النفسية الاجتماعية سواء ما يتعلق منها بحياته الخاصة والتي كثيراً ما تؤثر على أدائه الوظيفي ، أو تلك المتعلقة بمشكلاته الناتجة عن طبيعة عمله ذاتها.‏

وربما هناك الكثير من الاقتراحات قد يكون بعضها مثلاً يحتذى به :‏

- عقد أو حضور اجتماعات شهرية مع مسؤول القسم لمعرفة ما يحصل من تطورات ومناقشة أمور العمل كافة ، والتعريف بالأنظمة والإجراءات الجديدة بشكل دائم « أركز على هذه الفكرة لأنني أرى أن التواصل المستمر بين الموظف والمدير يخلق جواً جديراً بالثقة المتبادلة بينهما ويزيل الحيرة والتساؤل والشك عند الموظف».‏

- تختفي الكثير من الطلبات المقدمة من قبل العامل ولايعرف من يراجع بسؤاله عنها ، وكثيراً ما تكون مكدسة تحت الأوراق حتى يأتي صاحبها لمراجعتها أو يعيد تقديم الطلب.‏

- أن يوجد في كل مؤسسة حكومية برامجاً تدريبية ، قسم منها لتعليم اللغات الأجنبية ، والآخر للتعلم على برامج الكمبيوتر الأكثر استخداماً - كالتصميم والإخراج والفوتوشوب والإكسل- يقوم بإعطائها مدرسون ومهندسون مختصون ، بحيث يمكن لأي موظف الاشتراك بهذه الدورات بدفع مبالغ رمزية تقررها الجهة المسؤولة عن تنظيم هذه الدورات.‏

- وضع بعض الآلات الرياضية التي تساعد على تنشيط الجسم ووقايته من أي ضرر يمكن أن ينجم عن العمل المتواصل.‏

- تخصيص صالة انترنت تخص العمال للتواصل مع العالم الخارجي عبر إرسال المواد والإيميلات ، وعبر الحصول على المعرفة والمعلومات من خلال الجوجل (googl) وسحبها على الفلاشة ، وتحصين الأجهزة من الفيروسات عبر تحديث دائم للأنتي فايروس‏

(antivairos) وليس بإزالة جك الفلاشة.‏

- يراجع الكثير من الموظفين دوائر حكومية أخرى لتقديم طلب أو إجراء معاملة فيحتاج ذلك لأيام كثيرة - كما هو معروف- بسبب الذهاب من دائرة لأخرى ومن مركز الى آخر حتى يتم الانتهاء من تلك الأوراق ، ما يضطره للغياب عن مكان عمله أو التأخير مراراً ، السؤال هنا.. لم لايكون في تلك الدوائر كمؤسسة التأمينات الاجتماعية أو القصر العدلي أو سجل العاملين أو غيره ، لم لايكون هناك دوام مسائي في بعض الأقسام الهامة كالذاتية أو الديوان لختم أو توقيع الأوراق المطلوبة ، فهناك الكثير من العمال يرغبون بالدوام المسائي، مما يخفف من زحمة العمال صباحاً ومن عدم تراكم عملهم ويجعلهم أكثر راحة في أدائه.‏

إن الدراسة العملية والنفسية لمكان العمل هي من الأشياء الاساسية لتحسين العمل، وهي التي تجعل من الشخص محباً لعمله ومواظباً عليه ، وبالتأكيد هناك العديد من الامور الأخرى التي تؤدي للتطوير في مكان العمل والتي نحتاج إليها جميعاً ، لأنها لو دُرست بشكل جيد سوف تؤدي الى نتائج إيجابية ، وبالتالي تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية