ويعتبرها العالم اغنى دولة, واكثرها تقدما من الناحية التكنولوجية ومن اكثرها ايضا احتراما وقوة ومنعة على وجه البسيطة وبدا ذلك جليا في التلهف الذي ابدته كل من الصين وروسيا للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية بالاعتماد على المساعي الحميدة التي يقدمها البيت الأبيض, وقد تحقق للصين متبغاها اما روسيا فقد بذلت قصارى جهدها للدخول في تلك المنظمة لكن جهودها لم تفلح بتحقيق ذلك, وحتى ايران العدو اللدود للولايات المتحدة امسكت بغصن الزيتون بعد تهميش دورها في المنطقة.
لقد كان الهدف من غزو افغانستان والعراق التعبير عن القوة الاميركية وترويع دول اخرى في المنطقة خشية من ان يأتي دورها بالغزو, واصبحت الديمقراطية هي الكلمة المتداولة لدى الدول المرتبطة بالولايات المتحدة والدول التي تتهيأ للتضحية باستقلالها, والانحناء للاملاءات الاميركية, كما وساد الاعتقاد بأن روسيا لن تجرؤ على رفع رأسها خشية من تعرض اقتصادها للانهيار اما الصين فكان لديها بشكل مستمر أمور مجهولة ومبهمة.
الرؤساء الدمى:
يسود الاعتقاد لدى البيت الأبيض بأن باستطاعة تغيير القادة في كل من افغانستان والعراق بتسميته لقادة دمى بمقدوره تغيير اي واحد منهم دون حدوث اي صدى لهذا التغيير وعمدت الولايات المتحدة إلى خداع كل من الشعب الافغاني والعراقي بالتلويح لهما بالحرية المنشودة وبالأمن والأزدهار اللذين سيتحققان ان احسنا التصرف.
يعتقد الاميركيون بأنهم يسيطرون على الباكستان واسلحته النووية عبر التحالف مع رئيسه, ولديهم الثقة بامكانية السيطرة على الهند في حال السماح بتطوير التكنولوجيا النووية لديها, واعتقدوا ايضا بأن لديهم القدرة على خداع روسيا بالسماح لها بالهيمنة على القوقاز وكاسبان, ورأوا بأنها سترحب بالناتو ( والاتحاد الأوروبي) حتى ولواصبح على حدودها, وتمنوا ان لايعترض الرئيس بوتين على نظام الدفاع الصاروخي والرادار الأميركي.
لقد كان الاميركيون مخطئين في كل حساباتهم لذلك فإن الولايات المتحدة الآن هي اضعف من اي وقت مضى إذ يلاحظ بأن ايران لم ترحب بدخول الولايات المتحدة إلى العراق على الرغم من اسقاطها لنظام صدام حسين وان طالبان اخذت باستعادة نشاطها في افغانستان والرئيس حامد كرزاي لم يعد طوع امرها في كل ما تريد حيث صرح ل CNN بأن الوضع في البلاد يتدهور ورأى في ايران الجهة التي يمكن ان تساعد في ايجاد حلول ومعالجة لكثير من الأخطاء التي وقع بها بوش وإن رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي قد زار ايران ( عدوة الولايات المتحدة) وعبر عن شكره للاعمال الايجابية البناءة وخاصة في مجال الأمن ومقاومة الارهاب في العراق.
أما الرئيس الباكستاني فهو يجابه السلطة القضائية وتدعوه أحزاب المعارضة إلى الاستقالة وهو يعاني من وضع سيئ جدا قد يدفعه إلى اعلان حالة الطوارئ.
لم تنته مشكلات بوش عند هذا الحد, حيث تقوم حاليا كل من روسيا وطاجكستان واوزبكستان وكازاخستان وقرغيزستان بإجراء مناورات عسكرية مشتركة بدعوى ان تلك المناورات موجهة ضد الارهاب وقد تفاخر احد القادة الروس بالقاذفات الروسية المقاتلة التي حلقت فوق القاعدة الاميركية في جزيرة جوام في المحيط الهندي بهدف استعراض قوة بلاده الامر الذي نفته الولايات المتحدة وقد اعلن بوتين منذ ايام عن تطوير كبير في النظام الدفاعي الصاروخي لبلاده ردا على الخطة الاميركية ولاتزال روسيا تعبر عن حقها في ثروات الغاز والنفط في القطب الشمالي وعمدت إلى وضع العلم الروسي في قاع بحر القطب الشمالي إلا أن ما يقلق الولايات المتحدة ويهددها بقوة هو التراجع الكبير في اسعار الاسهم المالية, وهبوط سعر الصرف للدولار بسبب من الصين في الوقت الذي تحاول به المضاربة على الين, وزادت معضلات الولايات المتحدة في هذا المجال عندما صرح مسؤول صيني بأن بامكان بلاده تدمير الدولار عبر صرف السندات المالية التي تناهز 900 بليون دولار وهذا يعني أن الصين هي التي تهيمن على اقتصاد الولايات المتحدة.
هل سيستيقظ الشعب الاميركي بعد أن فقد دولاره 25% من قوته الشرائية ويتقدر على المواطنين بيع بيوتهم واحتمال اندلاع حرب جديدة, وثمة احاديث تدور حول اعادة رسم الخريطة التي وضعتها الولايات المتحدة للعالم.