تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


البراءة والتجربة...بالعربي

كتب
الاربعاء 29/8/2007
(هو تجربة إبداعية في فضاء الترجمة اتخذت من قصائد (البراءة والتجربة) للشاعر وليم بليك حقلاً لها, فترجمها المؤلف مرتين.

الأولى ترجمة نثرية أدبية تهتم بأداء المضمون الانجليزي الأصل بشكل عربي يوافق الذائقة الشعرية الحديثة, لكن الأصل الانكليزي الموزون تحول في الترجمة الثانية إلى شكل عربي شعري حديث بأوزان عربية.‏

يستطيع القارئ أن يقارن بين الترجمتين فيحصل على متعة الموازنة, وبالرجوع إلى الأصل الانجليزي يضيف إليها متعة أخرى تصبح معها المقارنة تجربة متاحة).‏

هذه هي المهمة التي يتصدى لها د نذير العظمة في كتابه (الماسة وإزميل الترجمة): إنجاز ترجمة إبداعية تتجاوز الترجمة بمفهومها التقليدي والتي غالباً ما تقع ضحية تلك المسافة الشائكة التي تفصل الأمانة عن الصيغة الجمالية.‏

يتساءل العظمة في مقدمته: لماذا يترجم الشعراء غيرهم من الشعراء إلى لغاتهم ? وما هو طموحهم وما هي حوافزهم في ذلك ?‏

هل الإبداع مشروع في الترجمة.. أم أن الأمانة, هذه الفضيلة الصعبة, هي المطلوبة ? وهل الأمانة ممكنة في الترجمة وأين.. أم أن الترجمة, كما عبر الفرنسيون, أصلاً خيانة لا يمكنها أن تمارس نقيضها ?‏

في سياق الإجابة يؤكد العظمة أن الإعجاب بالنص الأصل هو ما يدفع الشاعر المترجم إلى ترجمته (لذا فان اغلب المبدعين من الشعراء, والذين ترجموا لغيرهم, لم يمارسوا فضيلة الأمانة ولو مارسوها لما حققوا ما حققوه من إبداع وتأثير في ترجماتهم), غير أن هذا لا يصب في خانة الدفاع عن الخيانة, بل هي إشارة إلى وجود أنواع عديدة من الترجمة ..(وما يصلح للشعر لا يصلح للنثر والعكس صحيح, والمخاطب هو الذي يحدد نوع الترجمة وطريقتها بالقدر الذي يحدده ويحددها الموضوع وسياقه وبعده..)‏

ويستعرض المؤلف العقبات الكبيرة التي تقف في طريق ترجمة الشعر: فالبلاغة كفن ما هي إلا قواعد تبين جمال التعبير أو قبحه وهي ليست واحدة عند كل الشعوب فما هو استعارة أو كناية عند قوم قد لا يكون كذلك عند آخرين... من هنا كانت الترجمة الشعرية تدميراً لجمالية الصورة الأصلية واقتراح صورة بديلة في اللغة المترجمة خاضعة لذوق آخر ولغة أخرى وأوضاع إنسانية مخالفة وشروط وجودية مغايرة, ما يذكر بقول الجاحظ: (الشعر لا يستطاع أن يترجم أو لا يجوز عليه النقل, ومتى حول تقطع نظمه وبطل وزنه وذهب حسنه وسقط موضع التعجب, لا كالكلام المنثور)..لكن هذه الصعوبات يقول المؤلف لم تثن المترجمين عن ترجمة الشعر لاسيما إذا كانوا شعراء, فالترجمة التحويلية التي ترمي إلى أن يعيش المترجم معاناة الشاعر الأصلي ويسكبها بلغته بمقتضى معايير اللغة والذوق والجمال, لم تكن التكنيك الوحيد الذي اخترعه هؤلاء الشعراء المترجمون, بل إنهم أيضا احتالوا على الترجمة, فلم يكتفوا بالتحويل بل ابتكروا تقنيات أخرى فنية كالمحاكاة والارتجال, والمترجم طبقاً لهذين المصطلحين لا يؤكد على الأمانة, بل يوحي من خلال المصطلح إياه ويؤكد على الخيانة, فالترجمة ليست ترجمة بقدر ما هي محاكاة للأصل أو إنها ارتجال النص الأصلي, (ولعل ترجمة الشاعر الأمريكي عزرا باوند للشعر الصيني أعطيت هذا الاعتبار فهي لم تؤخذ على أنها ترجمات بل ارتجالات مولدة من الأصل أو محاكاة له تقاس بصورتها المبدعة لا بوفائها للأصل, بخيانتها الجميلة لا بالأمانة).‏

يستذكر المؤلف علاقته بشعر وليم بليك والتي تعود بداياتها إلى مرحلة مجلة شعر, مؤكداً أن بليك (من الشعراء الذين يكتشفون في كل جيل, والقضايا التي طرحها شعره وفكره وفنه تتجاوز عصره إلى كل العصور, كما تتخطى الحواجز الحضارية لكونها في الجوهر إنسانية لا محلية).‏

الكتاب: الماسة وإزميل الترجمة‏

المؤلف: د. نذير العظمة‏

الناشر: الهيئة العامة السورية للكتاب‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية