|
مفهوم جديد للحب.. يضيء أرض المعركة بين الرجل والمرأة كتب . سنبسر, هافلون, فرويد, لوقا, فادي دي فيلد.. وكثيرون غيرهم, لكن ثيودور رايك مؤلف هذا الكتاب -(سيكولوجيا العلاقات الجنسية)- يختلف معهم من ناحية اشتركوا جميعهم فيها هي أن الحب بالنسبة لمعظمهم هو جزء من الجنس أو مشتق منه. وهم -برأيه- لا يدركون أن الحب مغاير تماماً للجنس في منشئه وطابعه فضلاً عن كونه منبثقاً من جذور مختلفة تماماً. تاريخ الحب موضوع خاص, تجب معالجته على نحو مستقل عن تاريخ الجنس إلى أن يلتحم الحافزان واحدهما مع الآخر. شيء واحد محقق ولا يقبل الجدل: الحب أحدث سناً من الجنس بكثير, لقد ظهر الجنس باكراً على هذا الكوكب, وهنا يبقى.وحتى لو أمكن رد منشأ الحب إلى زمن سابق على زمننا بآلاف عديدة من السنين فإنه يبقى أحدث سناً من الجنس.وهو قديم قدم الجسد الأنثوي أما الحب فقد ظهر متأخراً جداً لأنه نتاج حضارة ويدل ظهوره على الدوافع العمياء والعنيفة قد تم ضبطها وتحويلها جزئياً, لهذا يعد الحب نتيجة لارتكاس انفعالي ضد الحس الأصلي, والغيرة والتملك, وضرباً من التغلب على نزوات العداء والجشع.يقدم تيودور رايك حدسه الخاص بهذا الشأن قائلاً: (كانت المرأة في البداية مجرد موضوع جنسي للرجل ومعاوناً له في العمل حيث كانت كايد المرأة اخضاعاً عنيفاً وتعامل بخشونة تجبرها على اتخاذ موقف الدفاع.يؤكد رايك أنه (لا يعلم حول كيفية حدوث ثورة في التطور.. ثورة لطفت الطابع الوحشي للعلاقة بين الرجل والمرأة حيث كان الفعل تعدياً عنيفاً بعيداً عن أي ارتياح جسدي أو حنان وأي تطور في هذا الشأن يعزوه رايك للمرأة ويؤكد:(تطور الحب وتلطيف الهمجية كان من فعل النساء فقد علمن الرجال الحب بعد أن كانت كل المنطلقات السيكولوجية للغرام مفتقدة لدى الرجل الذي أقام نظاماً أبوياً (بطريركياً) ومؤسسة القبيلة إلى أن شرعن بالتمرد على رجالهن, وما عدن يستسلمن بحماقة وعدم اكتراث لرغبات الرجال الشهوانية وإنما استحضرن أنفسهن وانكرن ما كن يقمن به من أعمال الخدمة, وراح الرجال يضربونهن ويقسرونهن على الخنوع وكان عليهن أن يستسلمن لكنهن لم يهزمن وادرك الرجال أن النساء لم يعدن أدوات طيعة يعبثون بها, وأنهن صرن يبدين مقاومة تجاه القوة ولا يستسلمن لها إلا كارهات.خضعن لكن بعناد وتأفف, واستسلمن,لكنهن لم يتراخين قط امتثلن وربما عانين بصمت وصلابة لكنهن لم يستجبن وكانت نساء حقبة ما قبل التاريخ يحجبن أنفسهن عن ازواجهن وكشافهن إذا ما شعرن بمعاملة سيئة.أما سيدات أيامنا وبرأي رايك -فلديهن الصمت ذاته إنما مع نوع ساحق من الرد السريع وحضور البديهة. وكان ثمة أمام الرجل طريقان مفتوحان لملاقاة هذا الوضع الجديد: إما أن ينال بالقوة مابدأ يفقده من الاشباع أو أن يسعى خلف نساء أخريات أكثر استعداداً للاذعان لرغباته.ولا شك أنه جرب كلا الطريقتين, ولقد ثبت أنهما غير مشبعين في نهاية المطاف, حتى لو عملا على تسكين حوافزه الجنسية لبعض الوقت.وهكذا بدأ استيهامه ينشغل بامرأة واحدة تتمنع عليه, أو تمنحه نفسها بسبب قوته الجسدية وحسب, بسبب عنفه, وعندئذ اكتشفت النساء السبل والوسائل لاشعال خيال الرجال, ولقد تعلمن أن يقدمن ويحجمن بحيث بقيت صورة المرأة الواحدة التي تتمنع واثبتت أنها أقوى من واقع النساء الأخريات الخانعات.وكان على الرجال أن يتعلموا سلوك الطريق الصعب إلى الحب.. حيث خلقت المرأة وضعاً يشتمل على كل الامكانات الانفعالية لولادة الغرام.عبق الجو بالتوتر والعداء والحسد, ويرفض المرأة منح نفسها, اكتشفت الشرط اللازم لخلق التوق لدى الرجل, ولابد أنه قد شعر أن بمقدوره اعادتها إلى الخنوع والطاعة, إذا قام بما تريده.. وهكذا وجد حلاً تمثل أن يتصادق معها ويعاملها معاملة حسنة, وأن يخطب ودها ويكسبها, فيما هن واظبن على خلق حالة من التوتر ومشاعر حسد وجشع ورغبة بالانتزاع. وهي الشروط اللازمة الضرورية للتوق الانفعالي الجديد, وهكذا فإن النساء اللواتي كن من الشجاعة حد المجازفة بكل شيء كي يكسبن كل شيء أثرن خصومة الرجال وعداءهم. كما ضمن أيضاً وسائل التغلب على المشاعر السلبية وقلبها إلى عاطفة وحنان, هكذا خلقن الغرام في النهاية. يؤكد رايك أن كل الشروط اللازمة للحب كانت موجودة مسبقاً في نفوس النساء لكن هنالك فارقاً عظيماً في الحياة الانفعالية لكلا الجنسين, فالرغبة هي التي تنجب الحب لدى الرجال, أما لدى النساء فإن الحب هو الذي ينجب الرغبة. رايك لا يعتبر هذا قاعدة إنما حقيقة تحمل مقداراً محدداً من الخطأ.. فالرغبة الأصلية لدى النساء لم تكن أن يحببن بل أن يكن محبوبات وامرأة اليوم لا تختلف عن امرأة ما قبل التاريخ بهذا الصدد منهما اختان تحت الجلد..?!! مواضيع مثيرة مكتوبة بلغة سلسلة وأخاذة تسمح للقارىء بالوقوف على أساسيات مهمة في عالم العاطفة لدى البشر. الكتاب ترجمة ثائر ديب صادر عن دار المدى في 287 صفحة.
|