عندما لم يتجاوز ,1,75 وقد أدى ذلك إلى إقبال المواطنين على الاستدانة من البنوك لشراء العقارمادامت الفوائد غير مكلفة إلى هذا الحد, وتوسع سوق العقارات على نحو غير مسبوق. لكن تطورات اقتصادية عديدة قوضت هذه العملية, إذ أدى انخفاض سعر الدولار أمام العملات الأخرى, وخصوصاً بسبب تراجع حصة الاقتصاد الاميركي في الناتج الإجمالي العالمي, وبسبب تدني أسعار الفائدة إلى ولادة مشاكل جديدة, دفعت بالاحتياطي الفيدرالي الاميركي إلى التدخل لدعم العملة الأميركية وقام برفع أسعار الفائدة إلى أن وصلت إلى 5% لكن هذه العملية أثرت سلباً على أسواق العقارات, إذ رفعت كلفة الديون, واضطر عدد غير قليل من المواطنين إلى التخلص من عقاراتهم للحؤول دون الأكلاف الباهظة لديونهم, وأدت هذه العملية إلى انهيار قطاع العقارات في الولايات المتحدة, الأمر الذي تسبب بأزمة مالية حادة حيث هوت الأسهم الأميركية بقوة يوم الأربعاء قبل الماضي وهبط مؤشر دواجونز الصناعي لأسهم الشركات الأميركية الكبرى ب 387,18 نقطة أي ما يعادل ,2,82 وفي اليوم التالي تراجع مؤشر داوجونز 146,08 نقطة أي 1,10% وانعكست خسائر البورصة الأميركية على البورصات العالمية بعد أن تبين أن أكبر مصرف فرنسي هو ( بي إن بي باربيا) قد خسر الكثير وجمد استثماراته في ثلاثة صناديق تابعة له تنشط داخل الولايات المتحدة. وقد أدت هذه العملية والخوف من انهيارات كبرى في البورصات العالمية إلى تدخل البنوك الدولية وضخ كميات كبيرة من السيولة لوقف حالة الذعر الذي أصابت المستثمرين, وبلغ مجموع ما ضخته البنوك المركزية خلال يومين ما لا يقل عن 326 مليار دولار في محاولة لمنع أزمة سيولة عالمية (ترجع جذورها إلى مشكلات قطاع التمويل العقاري المرتفع المخاطر في الولايات المتحدة).
وعلى الرغم من كثافة تدخل البنوك المركزية في كل أنحاء العالم إلا أنها لم تبدد القلق من حدوث أزمة أكبر في ضوء الاختلالات التي يعاني منها الاقتصاد الأميركي, أكبر اقتصاد في العالم, ويعتقد الخبراء أن ما جرى حتى الآن هو إنذار للمسؤولين عن الاقتصاد في الولايات المتحدة, وكل شيء مرهون الآن بكيفية تصرف المسؤولين عن أداء الاقتصاد ليس فقط في مواجهة مظاهر الأزمة الحالية, بل معالجة جذور المشكلة.
في مطلق الأحوال أدت الأزمة الحالية إلى تداعيات سلبية كثيرة قد تساهم في تعميق أزمة الاقتصاد الأميركي الذي يواجه ركوداً قد يتدنى إلى درجات أكبر من المتوقع, وفي هذا السياق رصد المحللون هروباً من المخاطر في الأسواق وطلباً قوياً على النقود, دفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل في منطقة اليورو, وبين المصارف داخل الولايات المتحدة, إلى الارتفاع, إذ وصلت إلى 5,85 وهي نسبة عالية جداً, وإذا ما استمرت أسعار الفائدة في الارتفاع فإنها سوف تؤدي إلى إضعاف النزوع إلى الاستهلاك, وبالتالي تراجع الطلب, وهذا من شأنه أن يهدد مستوى النمو, وإذا كان الاقتصاد الاميركي يعاني أساساً من الركود, فإن هذه التداعيات قد تؤدي إلى خنق النمو الذي سجلته منطقة اليورو والتي يقدر لها أن تلعب دور القاطرة في ظل تعثر الاقتصاد الاميركي, وإذا ما تراجعت معدلات نمو أكبر اقتصاديين عالميين, هما الاقتصاد الأميركي والاقتصاد الأوروبي, فإن الاقتصاد العالمي بكامله, ربما باستثناء الصين قد يتضرر من هذه العملية.