حيث عروضها تعتمد البناء المسرحي المختلف بدءاً من حكايا علاء الدين إلى «جنة على الرصيف» وغيرها من عروض مسرح الشارع كما في كونستشين التي سبق للفرقة المشاركة بها خلال احتفالية دمشق كعاصمة للثقافة العربية فـ «الدون كيشوت» الذي عرض على صالة المسرح الدائري في المعهد العالي للفنون المسرحية من إعداد كفاح الخوص فكرة وإخراج أسامة حلال حيث تمت مسرحة الفكرة المأخوذة عن الرواية في سياق مسرحي يعتمد على علاقات إنسانية غنية تفرز الكثير من الأفكار والمفاهيم المتناقضة بين شخوصها، حيث أوصلت مفاهيم عن القيم من البطولة والفروسية والشجاعة معجونة بدم عصرنا الراهن، كما قدمت بأساليب درامية وأدوات فيها الإبداع، فحتى الإكسسوارات المسرحية أخذت منحاها الخاص عبر العرض، فأخذت أشكالاً لم تعهد بها لخلق هالات درامية واسعة الأطياف تتكاتف حول المرموز له، فها هو الترس غطاء لأحد أوعية الطبخ وخوذة الفارس تتزين بأشياء غريبة تكسر معناها الحقيقي، فالبناء المسرحي يعتمد على حلول اخراجية يعمق الفكرة المطروحة والجديدة عبر الدون كيشوت والتي تم الاستناد عليها في أعمال فنية كثيرة، إلا أنها هنا تراجع الكثير من المفاهيم الأخلاقية كالفروسية والشرف والصدق والشجاعة كونها قيماً تحتل أهميتها ومكانتها بالنسبة للإنسان وفي أي عصر كان، فكيف هي اليوم..؟ يركز العمل عليها خلال مقارنات واسعة كما التمييز بين البطل الأسطوري والبطل الحديث، فالمعالجة لتلك القيم في العرض تخضع لظروف حياتية حديثة ومشاكل، ما يتطلب البحث كما فعلها ذلك البطل الأسطوري ونهوضه ساعياً إلى الفروسية التي قرأ عنها الكثير في كتبه، فيمر بمغامراته التي يهزم فيها دوماً لكن لن تلين عزيمته ولن يعترف بهزيمته مبرراً انكساراته بتفسيرات تؤهله الاستمرار من رحلته الشاقة والطويلة في البحث عن الذات من جهة وعن القيم النبيلة من جهة أخرى، فالعرض يحدث تلك الأفكار عندما يناقشها متداخلة مع الظروف الحالية ومشاكلها العصرية حيث التغييم على المفاهيم والقيم المفترض بها ضرورة لإصلاح حال المجتمع فاستمرارية البحث الإنساني عن الخير والحق والعدالة تتجسد كحاجة إنسانية خلال العرض.‏‏