تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


معاهدة أوسلو لحظر« العنقودية» وحقيقة المواقف الدولية

دراسات
الأثنين 15-12-2008
د. محمد البطل

أكد لقاء أوسلو الدولي الخاص بحظر استخدام القنابل العنقودية، مرة أخرى، زيف ادعاءات واشنطن وتل أبيب حول السلام والحرص على سلامة الإنسان،

وضرورة الاستغناء عن إنتاج أسلحة همجية واستخدامها، وخالفتا بذلك تطلع صف واسع من الدول الداعية إلى حظر إنتاجها واستخدامها. هذا في الوقت الذي أظهر فيه لقاء أوسلو ازدياد عدد الدول الراغبة في حظر هذا النوع من الأسلحة الفتاكة من جهة، وابتعاد دول «حليفة» و «صديقة» لواشنطن عن مواقفها الانفرادية من جهة أخرى.‏

لقاء أوسلو الذي عقد مطلع كانون الأول الجاري، ونتائجه التي تلخصت في «معاهدة أوسلو»، وقعتها 92 دولة، بحضور 125 دولة مشاركة يحتاج إلى مصادقة 30 دولة على الأقل، وهذا ما تأمل النرويج تحقيقه خلال العام القادم. إذ ستودع أوراق التصديق عليها لدى الأمم المتحدة. وتمثل «معاهدة أوسلو» استمراراً لمؤتمر دبلن الذي عقد في نهاية شهر أيار الماضي بمشاركة 111 دولة إثر تحضيرات استمرت نحو عام، بعيد حرب تموز في لبنان عام 2006 واستخدام «إسرائيل» هذه القنابل بكثافة (أمطرت إسرائيل لبنان بأكثر من 4 ملايين قنبلة عنقودية). ونص مؤتمر دبلن على تعهد الدول، «الدول الموقعة» على ما بات يعرف بمعاهدة دبلن ألا تستخدم، أو تنتج هذه القنابل، ولا تشجع أو تحرض أي طرف على القيام بنشاط عسكري تحظره هذه المعاهدة. كذلك أن تتعهد الدول الموقعة على المعاهدة بالتحقق من تدمير كل القنابل العنقودية التي تمتلكها خلال عشر سنوات باستثناء عدد محدود يستخدم للتدريب على كيفية التعامل مع هذه الأسلحة وأن تدخل حيز التنفيذ بعد 6 أشهر من تصديق 30 دولة عليها.‏

وفي هذا السياق جاء اجتماع أوسلو الذي شاركت فيه 125 دولة (مقارنة بـ 111 دولة في مؤتمر دبلن) التزاماً بمعاهدة دبلن، ورغم أن واشنطن رفضت التوقيع على معاهدة أوسلو، فإنه تجدر الإشارة إلى أن الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما، كان قد أيد عام 2006 في مجلس الشيوخ الأميركي (بأغلبيته الجمهورية آنذاك) مشروع قانون يحظر إلقاء القنابل العنقودية على مناطق مأهولة.‏

معاهدة أوسلو رفضتها تل أبيب على لسان أندي ديفيد المتحدث باسم وزارة الخارجية: (نعتقد أن هناك مكاناً أفضل للتعامل مع قضية الأسلحة التقليدية... لا منبر آخر مؤهلاً أو قادراً على التعامل مع هذا الأمر بشكل أفضل من الأمم المتحدة)!! لسنا هنا بصدد تفنيد هذا المبرر، بل بصدد التذكير مجدداً وبرفض الكيان الصهيوني كل القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة والمتعلقة بالصراع العربي- الإسرائيلي. وإن التعاطي الإسرائيلي مع هذه المعاهدة عندما تُودع في الأمم المتحدة لن يشذ عن التعامل التقليدي السلبي المخالف للإجماع الدولي، مع هذه المرجعية الدولية وقراراتها ومواثيقها أيضاً، أما موقف واشنطن الذي أعلنه المتحدث باسم الخارجية الأميركية بقوله: (رغم أننا نشاطر الدول الموقعة على المعاهدة قلقها الإنساني، فإننا لن ننضم إليها)!! معتبراً أن: (حظر القنابل العنقودية في هذا الشكل سيعرض حياة رجالنا ونسائنا للخطر، وكذلك حياة شركائنا داخل التحالف)!!.‏

تؤكد الإدارة الأميركية، مرة أخرى، حقها دون غيرها في استخدام أسلحة همجية ضد الإنسانية بذريعة حماية رجالها، وأن حمايتهم تأتي على حساب البشرية جمعاء ومواقف المجتمع الدولي. وأما حماية شركاء واشنطن، فإن معاهدة أوسلو شهدت توقيع 18 دولة من الدول الـ 26 الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، كندا، استراليا....الخ) لا بل إن وزير الخارجية الفرنسي برنارد كرشينير قال: (علينا أن نضغط عليهم- يقصد واشنطن- بصورة ودية حتى يوقعوا.. ما من شك أنهم سيفعلون ذلك.. السؤال الوحيد هو متى؟ لكنهم سيفعلون بالتأكيد، لا يمكن تجاهل هذه الحركة). وتحدث ديفيد ميليباند وزير الخارجية باللهجة نفسها بقوله: (علينا أن نشرح للإدارة الأميركية الجديدة أن المعاهدة شيء جيد للجميع). رغم «التبريرات» الأميركية غير المقنعة حول معاهدة أوسلو، فإن موقف الإدارة الأميركية هذا، يضاف إلى مواقفها تجاه الكثير من الاتفاقيات الدولية.‏

فقد رفضت واشنطن التوقيع على معاهدة كيوتو الخاصة بالاحتباس الحراري وخفض انبعاث الغازات الحرارية. كذلك عاندت التوصل إلى معاهدة إقامة محكمة الجنايات الدولية، وعملت فور إقرارها دولياً على التوقيع على اتفاقيات ثنائية مع عدد من هذه الدول تمتنع بموجبها هذه الدول عن إيقاف، أو التحقيق مع عناصر القوات الأميركية المنتشرة في العالم في محاولة منها للالتفاف على هذه المعاهدة، كما رفضت حظر استخدام الألغام الفردية وإنتاجها، واتخذت موقفاً منفرداً من تشكيل مجلس حقوق الإنسان....إلخ.‏

معاهدة أوسلو التي وقعتها 92 دولة قبل أيام قليلة من حلول الذكرى الـ 11 لتوقيع معاهدة كيوتو. تمثل جهداً دولياً جديداً في خدمة البشرية والحرص على سلامة الإنسان والإنسانية وتظهر حقيقة مواقف الدول المعترضة عليها وفي الصدارة أميركا balal-m@scs-net.org‏

باحث ">و«إسرائيل».‏

balal-m@scs-net.org‏

باحث في الشؤون الدولية‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية