تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الرسم وسيلة للتواصل عند الأطفال

مجتمع
الأثنين 15-12-2008
زهور رمضان

يتفاوت البشر في أسلوب التعبير عن مشاعرهم وعواطفهم وتغيرات مزاجهم وحتى رغباتهم فالكبار تمكنهم طرق اللفظ الصريحة والتعبير بالتصرفات الواضحة والإيحائية من توضيح مقصد غايتهم في حين تختلف طريقة التعبير هذه عند الأطفال،

حيث يتخذ أسلوب شرح المشاعر لديهم طابعاً خاصاً إما لأن قدراتهم اللغوية لاتمكنهم من التعبير الواضح عما يجول بخاطرهم أو نتيجة قمع تعرضوا له من أهل استبدوا بهم واستغلوا ضعفهم أو بسبب قيود فرضها ذووهم تأتي عن عقد نفسية وأخطاء في أسلوب التربية فتراهم يفرغون على ورقة بيضاء مايجول بداخلهم ومايتخيلون من أحلام وأمان وقد يرسمون مستقبلهم وطموحاتهم وبهذه الطريقة يمكننا أن نتواصل معهم ونتعرف على ذواتهم وندخل إلى مكنوناتهم، كما أن للرسم عند الأطفال مميزات موحدة لكل سنة عمرية حتى سن 14 عاماً فإما أن ننميها للطفل أو ندفن موهبته ونقتلها، ورغبة منا بالتعرف على هذا الموضوع بشكل أكبر التقينا بعض الأطفال ليحدثونا عن مدى محبتهم لهواية الرسم فأجابت الطفلة شذى أحمد البالغة من العمر سبع سنوات إن أباها يضربها لأتفه الأسباب وخاصة بعد وفاة أمها فهي تعاني من قسوته الكبيرة وتتخيله كالوحش وقامت برسم ذلك حسب مقدرتها على دفتر الرسم.‏

أسلوب التعبير عن الضغوط والمشكلات‏

وترى الدراسات النفسية التحليلية للأطفال أن تعرض تلك الطفلة للظلم من قبل والدها قد وَّلد لديها أسلوباً جديداً للتعبير عن الأمور والمشكلات التي تعانيها فكانت وسيلتها هي الرسم في حين بيَّن لنا الطفل قاسم محمود أنه عندما طلب منه في المدرسة أن يرسم والده قام برسم يد والده الكبيرة دون أن يشعر وهذا يدل على أن والده يضربه بيده باستمرار كلما غضب منه، ويمكن أيضاً من خلال الرسم أن نتعرف على ميول الطفل واتجاهاته ومدى اهتمامه بموضوعات معينة من البيئة التي يعيش فيها فعلينا أن ننمي للطفل هذه الهواية ونغذي فيه روح الابداع ونزرع لديه بذور النجاح والتفوق وهذا ماحدث للمهندس الميكانيكي سلمان ابراهيم حيث لاحظ والده أنه يرسم أجزاء السيارة على دفتره الخاص ويوضح العجلات من الهيكل الخاص من المقود وغيره وهو مازال طفلاً ماحدا به لتشجيعه على الاهتمام بالدراسات العلمية والفيزياء إضافة لتعليمه مهنة ميكانيك السيارات خلال العطل الصيفية وها هو الآن قد تخرج حاملاً وسام الهندسة ومن خلال اطلاعنا على كتاب الموسوعة العلمية للطفل وجدنا بين طيات صفحاتها أن علماء النفس استخدموا الرسم للتعرف على ما يدور في أذهان الأطفال ونفسياتهم تجاه ماحولهم من أشياء وأشخاص قد يتمكن الطفل من رسم حالة قد حصلت له لم توفر له المتعة وشعر بحالة من عدم الرضا وأحياناً كانوا يلجؤون لوضع الأطفال في مرسم صغير وإعطائهم مايلزمهم من الألوان والأوراق وفسح المجال أمامهم لرسم مايرغبونه ومن ثم الاستفسار عن كل مارسموه من أشكال وخطوط مختلفة إضافة إلى أن الألوان تعبر عن حالة الطفل النفسية في التعبير عن قلقه أو فرحه فمثلاً عندما يختار الطفل اللون الأسود أو الرمادي فهذا تعبير عن الحزن والغضب وعندما يميل إلى الألوان الهادئة فهذا دليل على أنه سعيد وتبين لنا هذا من خلال أستاذ الرسم في المرحلة الاعدادية الذي كان يشجعنا على الرسم ونحن في عمر الثالثة عشرة ويقول لنا ارسموا ماتتخيلون وماترغبون به وكل ماتريدون أن تعبروا عنه ولاأريدكم أن تقلدوا شجرة أو صورة أمامكم أنا أريد أن أقرأ أفكاركم الواحد تلو الآخر لأساعدكم في اختيار طريق نجاحكم وأتعرف على حالتكم النفسية ولكن ماأبسطنا حين لم نكن نولي اهتماماً لكلامه ونتهامس بين بعضنا ماهذا الهراء ونتجاذب أطراف الحديث صارفين النظر عن فكرته وغير مقدرين قيمتها وخاصة عندما كان يؤكد لنا أن الرسم أداة لاقامة الحوار والتواصل مع كل الاشخاص على حد سواء.‏

الرسم عند ذوي الاحتياجات الخاصة‏

وقد أكدت الدراسات التي أعدها رئيس قسم رياض الأطفال بكلية التربية في جامعة طنطنا الدكتور محمد متولي قنديل أنه (إذا تم اكتشاف موهبة الطفل مبكراً فسيصبح بالامكان التعامل معها بغرض تحسينها وتطويرها وهو يوصي بتعليم الأطفال الرسم وخاصة من المتأخرين دراسياً الذين يعانون من مشكلات نفسية وسلوكية ويؤكد على استخدامه خاصة مع ذوي الاحتياجات الخاصة كالمعوقين الذين لديهم مشكلات لغوية لأن الرسم قد يكون أداة لفهم وضعهم الاجتماعي وهذا يبدو واضحاً وجلياً إذا ما تأملنا رسوم الأطفال ومعانيها وتفحصنا فحواها ونوعية الألوان المستخدمة والخطوط المرسومة من حيث العمق والدقة وراقبنا طبيعة الرسوم التي يميلون لها لأن كل رسمة تحمل في طياتها معان شتى وتفسيرها الوحيد هو مايدور في ذهن الطفل وما يتخيله عقله الباطني فقد يكون للخطوط العشوائية دلالات أفضل من الرسومات المتقنة الدقيقة التي يقوم الطفل بنقلها عن صورة أمامه ونسخها بحذافيرها ودائماً يكون ابداع الطفل في الرسم أو غيره هو أبلغ في التعبير عن أي أسلوب آخر.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية