تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


تعقيباً على مقال «واقع الشعر والقصة.. على هامش شبه إحصائية».. المبشرون بالهموم... هل من منصف؟؟

الرسم بالكلمات
الأثنين 15-12-2008
إذا كان نقص المعرفة يتيح مجالاً واسعاً للاستنتاجات والأحكام غير الدقيقة، فإن الجري وراء شائع القول دون تدقيق وتمحيص يؤدي نفس المؤدى، وأسوأ منهما ـ دون شك ـ

التنكر بقصد أو بغير قصد لحقائق يسهل الوصول إليها بمجرد بذل جهد معقول.‏

ما دفعني لقول ما قلت مقالة قرأتها في صفحة الرسم بالكلمات للقاص الجاد والموهوب فراس النجار بعنوان: «واقع الشعر والقصة.. على هامش شبه إحصائية».‏

عتبٌ كبير أسجله على الأخ فراس، وكان بمقدوري أن أوجهه إليه شخصياً، إلا أن توضيح بعض الأمور للقراء بخصوص بعض القضايا التي أثارها في مقالته واجبٌ وحق، واجب على كل من يعرف خفايا أمور عاشها أو عاينها في الواقع الثقافي والأدبي في حمص خصوصاً، وحق لمن كان يجب إنصافه وسقط حقه هذا سهواً ـ دون ريب ـ من المقالة آنفة الذكر.‏

أولاً: أبدأ بكشف الأسماء الذي طلبه مدير الثقافة بحمص، وأسأل بصدق وحسرة: هل سيعمل المعنيون بالشأن الأدبي في مديرية ثقافة حمص بهدي هذا الكشف؟ وسأدعي بكل ثقة أن هذا الكشف سينام نومة أهل الكهف في درج مقفل، لأن الأيادي التي جمدت مثله الكثير لم تزل تملك مفتاح باب الكهف / الدرج، وسأزعم أن الآليات العجائبية القديمة ستبقى المتحكمة في الأنشطة الأدبية لمديرية الثقافة الحمصية، وهي آليات تعتمد العلاقات الشخصية بديلاً من أهمية وجدية وجودة المنتج الإبداعي للمشاركين في هذه النشاطات، هذا مادرجت العادة عليه منذ عشر سنين على الأقل، وأتمنى أن يخالفني القائمون على هذه الأنشطة ولو مرة واحدة، وعندها سأقدم اعتذاري جهاراً نهاراً، ولكني أخشى أنهم يعملون بالمثل القائل: من غيّر عادته قلّت سعادته!!‏

ثانياً: يؤكد كاتب المقالة على قلة الشاعرات المتميزات أمثال سرى علوش في حمص، وهنا أسجل تقديري وإعجابي الشديدين بموهبة هذه الشاعرة، ولكني في الوقت نفسه أستغرب بصدق تجاهل الكاتب لتجربة شعرية نسائية هامة تمثلها الشاعرة سمر علوش!! وهي شاعرة تثبت نصاً بعد نص أنها من أفضل الشاعرات السوريات ـ وليس الحمصيات فحسب ـ وأكثرهن قدرة على بناء نص شعري لا يقدس الأعراف اللغوية، ولكنه لا يرتكب الحذلقات الشعرية بدعوى الحداثة، ومجموعتاها الصادرتان حتى الآن احتُفيَ بهما جدياً من قبل نقاد عرب كبار (للأسف لم يتناول تجربة الشاعرة سمر علوش إلا ناقد سوري واحد هو الدكتور هايل الطالب مشكوراً!!) وكل الدراسات والقراءات النقدية التي قرأتها عن تجربتها الشعرية تؤكد أنها شاعرة أثبتت قدرة فائقة على الهروب من البنى الشعرية المهيمنة، والتطلع إلى رؤى وأساليب تصوير ومنظومات دلالية خاصة بها، هذا على صعيد نتاجها الشعري، أما المعيار الذي أظن أن الأخ فراس ارتكن إليه في حكمه هذا ـ على خطئه ـ وهو معيار الجوائز الأدبية، فإن الشاعرة سمر علوش فازت قبل كل شاعرات سوريا المعاصرات من جيلها في أكثر من جائزة شعرية عربية، ليست جائزة الشارقة أولها، وفي الوقت الذي يتم فيه تجاهل هذه الشاعرة ـ لأسباب لا مجال للبحث فيها ـ في كل النشاطات الشعرية السورية باستثناء نشاطات فرع حمص لاتحاد الكتاب العرب، فإن الشاعرة شاركت في العشرات من المهرجانات الشعرية الهامة عربياً، وحتى دولياً، وللتأكيد أيضاً، فإن الإعلام العربي يواكب تجربة هذه الشاعرة باهتمام معقول، وبكل تأكيد وبكل أسف، لا يفعل الإعلام السوري شيئاً من هذا ؟؟!!‏

ثالثاً: للتصويب أيضاً، فإن الفائز الحمصي في مسابقة دبي الثقافية للقصة هو القاص الموهوب الغائب عن الساحة فؤاد عمران، وليس شقيقه أنور عمران، وفؤاد قاص بارع نشر عدداً قليلاً جداً من قصصه في منتصف التسعينات، وغاب طويلاً قبل أن يفاجأ الجميع بنبأ فوزه المفرح.‏

رابعاً: ولأن صاحب المقالة القاص فراس نجار لا يمكن له أن يتحدث عن نفسه، فمن حقه علينا أن نذكر أنه واحدٌ من أهم كتاب القصة من أبناء جيله، وأنه القاص الوحيد ـ بحسب علمي ـ في حمص الذي حصد جميع الجوائز الأدبية في القصة التي تنظم في سوريا، وما زلنا ننتظر منه الكثير.‏

أخيراً: سنوات طويلة أبعدتني عن معايشة الواقع الثقافي في سوريا بحكم إقامتي خارجها، ولكني بقيت معلقاً بكل كلمة نشرها مبدعوها، أقرأ بدموع العين ونبضات القلب، وأحتفظ بكل صفحة فيها نص لكاتب من بلدي في الضلوع قبل أن أخبئها في المكتبة، وكم هو جميل أن ننصف المبدعين ـ المبشرين بالهم ولا شيء سواه ـ ولو بكلمة، لأنهم أحوج ما يكونون إلى كلمة طيبة تبلسم جراح همومهم الإبداعية، ما دمنا غير قادرين على تقديم الأكثر.‏

ياسين سيفو ـ السعودية‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية