تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


حين يمشي العالم على رأسه!

آراء
الأثنين 15-12-2008
نواف أبو الهيجاء

قبل أسبوع تقريباً - وفي أول أيام الأضحى المبارك - تابعت برنامجاً في فضائية الجزيرة يبث من (واشنطن) خصصت دقائقه التي تربو على (الخمسين) لحوار مع توني بلير

(كونه ممثل الرباعية الدولية) وديفيد وولش - مساعد الخارجية الأميركية لشؤون (الشرق الأدنى) كما تم تقديمه والحقيقة أن الإنسان يحتاج إلى (صبر جميل) حتى يواصل الإصغاء إلى ما يقولانه... وخاصة انهما يتحدثان في شأنين عربيين خالصين: الاحتلال المجرم للعراق، والاحتلال الصهيوني المجرم - أيضاً- لفلسطين.‏

تصوروا أن توني بلير (يبدي استغرابه لكثرة ما يقال أن انكلترا مسؤولة عن قضية فلسطين) فهو يريد أن يتجاهل العالم مسؤولية بريطانيا (التي كانت عظمى قبل افول شمسها) عن مأساتنا في فلسطين - وهو مصر على تجاهل (وعد بلفور) وتجاهل التقسيم البريطاني الفرنسي للوطن العربي في (سايكس -بيكو)، ويتحدث اليوم عن موقع يقال إنه (دولي) ومع ذلك فهو لم ينس أن الفلسطينيين هم المسؤولون عن حصار القطاع - إنهم يطلقون الصواريخ على المدن الإسرائيلية- فكيف لا تقوم (إسرائيل) بالدفاع (عن نفسها)؟ وعليه فإن حصار مليون ونصف المليون إنسان هم سكان القطاع يصبح معقولاً ومنطقياً ومشروعاً كذلك كيف يكون هذا الإنسان ممثلاً للجنة رباعية (دولية) يفترض أنه محايد ووسيط تقريباً بين المحتلين الصهاينة وشعبنا الواقع تحت الاحتلال في الضفة والقطاع؟‏

أما عن اجابته عن سؤال بشأن الحرب على العراق ومشاركة بريطانيا فيها وما إذا كان يندم أو يأسف كونه كان رئيس وزراء دولة شاركت في حرب واحتلال وتدمير دولة أخرى دون مبرر.. فإن الاجابة أعجب (إذ كان هناك ضحايا وقتلى بالآلاف جراء الحرب والاحتلال فالسبب أنهم متطرفون اسلاميون -سنة وشيعة- من القاعدة ومن يماثلها).‏

ولم يعترف أن العراق كان قبل الاحتلال خالياً من أي من هذه التنظيمات وأن ما يسمى الارهاب كان غائباً تماماً عن العراق إلى جانب أن الاحتلال المذكور دمر بلداً وتسبب بمصرع أكثر من المليون ونصف مليون إنسان وتهجير أكثر من خمسة ملايين إنسان... وحرم العراقيين استقلالهم والأمان في الوطن، ومزقهم وخرب النسيج الاجتماعي المتماسك للشعب العراقي، ونهب خيرات العراق، وصادر سيادته - والانكى أنه يسعى إلى ربطه بسياسة الإدارة الأميركية وجعله منطلقاً للعدوان على جيرانه من العرب والمسلمين وبالتالي تحويله من قوة للعرب والمسلمين إلى قوة عليهم.‏

والغريب أن وولش مضى في الدرب ذاته - وأكد أن إدارة (بوش) المنصرفة قريباً سعت إلى (حل الدولتين) وأنها رضيت بالديمقراطية الفلسطينية ودعت اليها ولكن المشكلة هي (كيف يكون السلام والحل القائم على الدولتين إن كانت هناك فصائل وجهات فلسطينية تريد نهاية (إسرائيل) وخاصة حماس؟) والحقيقة أن ولش نسي أنه كان السباق إلى إثارة المشكلات في المنطقة - وخاصة حين كان يعرج على لبنان - ويقوم بما عليه من واجب نشر الفتنة هناك ومحاولة تدمير النسيج الوطني للبنان وإشاعة البغضاء والفرقة والاقتتال في لبنان وتحريض الأهل في لبنان على أشقائهم في سورية وفي غير سورية أيضاً - إلى جانب الشد الدائم على أيدي المحتلين الصهاينة في فلسطين.‏

الالتقاء التلاحمي بين بلير وديفيد وولش هو أن الاثنين يتحدثان عن المقاومة بلغة واحدة - (إنها إرهاب وإنها عنف يجب استئصاله) - في العراق وفلسطين ولبنان على السواء وهما خريجا مدرسة واحدة وهما تلميذان (نجيبان) للمدرسة الاستعمارية التي غابت شمسها منذ نحو قرن من الزمن، وإنهما لفرط تعاليهما وغطرستهما يتصوران أن العالم لا يفهم وأنه لا يقرأ التاريخ ولا يتابع إلا ما تريده واشنطن الغارقة في مستنقع العراق - ولندن المتهاوية منذ زمن عن قمة (الدنيا) إلى الوادي السحيق، إنهما يتحدثان بلغة واحدة تحاول الانطلاق من (الحكي) إلى عالم يمشي (ملكاً) على رأسه بعد تحول القدمين إلى رأسين وبعد تحول الجمجمة إلى (خف) يمكن أن يحرك مالكه وينقله حتى في بحر من الرمال.‏

nawafabualhaija @ yahoo.com‏

تعليقات الزوار

أيمن الدالاتي - الوطن العربي |  dalatione@hotmail.com | 15/12/2008 09:22

هكذا شخصيات غربية فاسدة ومجرمة لاجدوى من الحوار معها للحكم عليها أو على الأمور التي تختلقها, إذلابد من الحكم عليها فقط من خلال أفعالها على الأرض, والرد عليها أولى من الحكم عليها, والرد عليها لايكون إلا عمليا عل الأرض بالممانعة والمقاومة فقط لاغير.

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية