تحدثنا مع فلسطينيين بأعمار ومهن مختلفة ويبدو أن معظمهم استسلم لمستقبل كئيب, والبعض يشعر وبيأس بأن الاحتلال الذي استمر أربعين سنة لن ينتهي أبداً. لقد شعرنا بالكرب السائد وبالحرمان الاقتصادي والاجتماعي من الأعمال الإسرائيلية.
ومن بين السياسة الإسرائيلية الأكثر ضرراً الحد من التنقل, فحوالى أربعين بالمائة من الضفة الغربية لا يصلها الفلسطينيون. وهناك أكثر من مائة وعشرين مستوطنة بنيت على أراضٍ مصادرة وتوجد طرقات منفصلة لمئتين وخمسين ألف مستوطن إسرائيلي. وتقوم أكثر من ستمائة نقطة تفتيش وحاجز على إعاقة الانتقال في الضفة الغربية. ولذلك فإن الانتقال بالسيارة بين القدس وبيت لحم احتاج منا لساعة عن طريق غير مباشر وهي التي كانت تستغرق عشر دقائق. وعند نقاط التفتيش كان الجنود يصوبون بنادقهم تجاهنا وتجاه بقية المسافرين بينما يتفحصون ببلادة بطاقاتنا الشخصية.
الجدار الكبير الذي يفصل الضفة الغربية عن إسرائيل والذي تسميه وسائل الإعلام الإسرائيلية (السياج), سوف يمتد أربعمائة وثلاثة أميال, أي أكثر من أربعة أضعاف طول جدار برلين. وهذا البناء الإسمنتي يرتفع ثلاثين قدماً وله أبراج مراقبة أعلى منه. لقد بني على أرض الضفة الغربية ويعطل بعض الاتصالات.
منطقة بيت لحم التجارية المحاطة جزئياً بالجدار هي بالواقع مدينة أشباح مع قيام بعض الأشخاص بزيارة المواقع الدينية الهامة بينما معظم المحال التجارية مغلقة.
إن الاستخفاف بالممتلكات الفلسطينية يتضمن أيضاً تحطيم أشجار الزيتون وبالتالي إحلال الأراضي الجرداء ذات صفوف الأشجار المقطوعة عوضاً عن البساتين كما هو الحال بالقرب من الخليل.
إن نظام بطاقات الهوية وتأشيرات السفر المعقد يحد من إمكانية تنقل الفلسطينيين.
فمثلاً, الكثير من سكان الضفة الغربية الذين ولدوا في القدس محرومون من الذهاب إلى مسقط رأسهم الذي يبعد بضعة أميال فقط. وينبغي على أطباء رام الله الحصول على إذن إسرائيلي لحضور مؤتمر طبي هناك. وممرض في الضفة الغربية من مواليد غزة لم يمنح وعلى امتداد عشر سنوات الإذن من إسرائيل لزيارة عائلته في غزة. ومعظم سكان الضفة محرومون من زيارة البحر الميت وشواطىء المتوسط. الطريق الوحيد إلى ومن الضفة الغربية هو عمان- الأردن. وينبغي على الفلسطينيين استخدام سيارات الأجرة أو الباصات فالسيارات الخاصة ممنوعة. واجتياز المعابر الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية يحتاج لساعات, وبين الفينة والأخرى تغلق دون إنذار مسبق. لقد أخبرنا الكثير من الفلسطينيين أنهم يشعرون وكأنهم في سجن.
وتسيطر إسرائيل على الماء, ومعدل استخدام المستوطنين الإسرائيليين للماء يساوي عدة أضعاف ما يستخدمه الفلسطينيون المعتمدون على خزانات الأسطح ولا سيما عندما يوقف الإسرائيليون تزويد المياه, الأمر الذي واجهناه في رام الله.
لقد رأينا التباين بين الخضار المزدهرة في المستوطنات والقرى المقفرة حولها. وملعب كرة القدم الوحيد في رام الله عبارة عن قذارة. لقد أخبرتنا عاملة في الأمم المتحدة أنها عملت مع قوة الدفاع الإسرائيلي لأكثر من سنتين حتى تتمكن من الحصول على إذن بتوصيل الكهرباء إلى قرية نائية في وادي الأردن.
خدمة الجيش الإلزامية للرجال والنساء تدعو لتزويد مستمر بالجنود الشبان. إنهم يملكون حق الدخول دون قيد إلى الضفة الغربية وتحطيم الممتلكات وتهديد واعتقال وإصابة الفلسطينيين وقتلهم دون مساءلة.
أخبرنا ممرض كيف كانت أخته ذات الثمانية أعوام تلوح بالعلم الفلسطيني كمقاومة للغارة الإسرائيلية.
وكيف أن الجنود اعتقلوه لمدة ثلاثة أيام من الضرب لمجرد أنه أخوها الكبير. ويروي الآباء خوفهم المتكرر وقلقهم حول سلامة أولادهم
الانترنت- عن موقع counterpunch
* بروفيسور في الطب بجامعة كاليفورنياسان دييغو