أردوغان يستميت لأجل إدلب لأنها ورقته الأخيرة، وتحريرها يعني هزيمة مدوية لمشروعه التوسعي، التي سبق وتجرعها سابقاً في حلب، وهي في الوقت ذاته ستمهد لطرده ومرتزقته من عفرين والجزيرة السورية، ولكن رغم كل التهويل والتحشيد، هو عاجز عن تنفيذ مغامرته العسكرية بشن عدوان مباشر على الجيش العربي السوري، لأنه سيكون بمواجهة غير مباشرة مع حلفاء الجيش في الميدان، وهو أحوج ما يكون إلى الجانب الروسي، أو الإيراني لإنزاله عن رأس الشجرة قبل أن يغرق أكثر في وحل هزائمه، وخاصة أن إرهابييه لم ينفعوه في تكريس نفوذه واحتلاله في منطقة (خفض التصعيد) التي يحسمها الميدان لمصلحة الجيش اليوم بعد نفاد عشرات المهل والفرص، لم يستغلها أردوغان لتنفيذ التزاماته بموجب (سوتشي).
معركة إدلب تكشف اليوم أن النظام التركي لم يكن في وارده على الإطلاق تنفيذ أي بند من مخرجات (آستنة وسوتشي)، وأن مشاركته كضامن للإرهابيين كانت فقط بهدف استغلال الوقت من خلال المماطلة الدائمة لتقوية شوكة إرهابييه، وتعويمهم كـ (معارضة معتدلة)، لفرضهم لاحقاً كجزء رئيسي في أي حل سياسي، والجانبان الروسي والإيراني أدركا جيداً آلاعيب أردوغان ونفاقه، حتى ضاقا ذرعاً من أكاذيبه، وبات اللجوء إلى عملية الحسم العسكري الخيار الوحيد للجيش العربي السوري وحلفائه، لقطع الطريق أمام المخططات التركية والأميركية في جعل إدلب بؤرة دائمة للإرهاب، وورقة ابتزاز تشهرها منظومة العدوان على طاولات الحل السياسي.
أردوغان المتخم بنوازع الإرهاب، قضى بسلوكه العدواني على (سوتشي) ومخرجاته، متسلحاً بالدعم الأميركي، والمراهنة على تدخل (الناتو) لانتشاله عندما يغرق في وحل هزائمه بإدلب، متجاهلاً أن مسألة التدخل الأميركي والغربي بأي حرب جديدة يشنها، سيكون لها حسابات أخرى، وسبق لأميركا وذراعها الأطلسي أن خذلت دميتها أردوغان، فهل يعيد حساباته هو الآخر؟.