تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أوروبــــــا... بين إرادة السلام وضغوط اللوبي الصهيوني

شؤون سياسية
الأربعاء 13-1-2010م
غالب حسن محمد

بين المقترح السويدي وصيغة البيان الختامي للاتحاد الأوروبي بشأن مدينة القدس المحتلة، عملت دولة الاحتلال الإسرائيلية بمساعدة جماعات الضغط الصهيونية على الضغط على دول الاتحاد لتغيير صيغة المقترح السويدي

فبدلاً من أن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين وفق ما جاء مقترح الصيغة الأولى التي أعدتها السويد تحولت القدس كلها دون تحديد لشرقها من غربها إلى «العاصمة» المستقبلية لدولتين ما يعني إغراقها في غموض كثيف يستطيع الكيان الصهيوني من خلاله الاستمرار في المزيد من تهويد الشطر الشرقي منها.‏

قبل أيام صدر البيان الختامي لدول الاتحاد الأوروبي وبالرغم مما حمل من إيجابيات في بنوده حول عدم اعتراف دول الاتحاد بالتغييرات التي أجرتها دولة الاحتلال الإسرائيلي ولا تزال تجريها على حدود الرابع من حزيران عام 1967 في إشارة إلى القدس الشرقية التي ضمتها دولة الاحتلال إليها حيث قالت: إن القدس بغربها وشرقها عاصمة أبدية لها.‏

فإن هذه الإيجابيات تبقى إشارات «ضمنية» لا ترقى إلى مستوى أي وضوح كان لابد له من أن يخدم الحق الفلسطيني في عاصمته دون لبس ودون الخضوع للتفاوض فيه.‏

وهنا نستطيع القول: إنه لابد من الترحيب بالبيان الختامي باعتباره على الأقل تأكيداً أوروبياً معروفاً منذ عقدين في دعمه للتسوية السلمية السياسية القائمة على الشرعية الدولية بجميع مرجعياتها من دون إغفال المبادرة العربية في مجمل هذا الجمع.‏

ولكن هناك ما بعد البيان أو ما يمكن مناقشته داخل البيان عن بنود ونقاط واضحة وقوية في وقوفها الصريح إلى جانب الحقوق الوطنية الفلسطينية، ما الخطوة التالية؟‏

هل نكتفي بأن هذا البيان قد زاد من فعالية التوجه باتجاه مجلس الأمن لاستصدار قرار منه يكرس حق الفلسطينيين في الدولة المستقلة على حدود الرابع من حزيران أم إن المصلحة ستكون على العكس حيث لم يرد أي ذكر لهذه الدولة إلا في إطار عام لمبدأ «حل الدولتين» أي إن الدولة التي يوافق عليها الاتحاد الأوروبي مرتبطة في أن تكون أو لا تكون، بنتيجة المفاوضات بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني وليس عبر أي قرار جديد يصدر عن مجلس الأمن.‏

إزاء ذلك كان من الطبيعي أن ترحب إسرائيل بالبيان الأوروبي رغم محاولات ما حاولت أن تظهر به على ألسنة بعض موظفيها الصغار من بعض النقد له على أساس أنه لم يدع مباشرة وبالقلم العريض كما يقال إلى العودة الفورية للمفاوضات.‏

هنا لابد من التأكيد أن الفلسطينيين من غير المتوقع أن يترددوا في موقفهم المعلن حتى بسلاح البيان الأوروبي طالما أنه سلاح ذو حدين علماً أن الحد الذي يخص الكيان الصهيوني هو الأشد فاعلية. وبالتالي فإن ما بعد هذا البيان سيكون على الأغلب مزيداً من الحشد للتوجيه المقبل نحو مجلس الأمن الدولي.‏

في الحقيقة إن ما صدر في بيان مجلس وزراء خارجية الدول الأوروبية لا يلبي طموحات الفلسطينيين وتطلعاتهم ولكنه من ناحية أخرى يشكل خطوة إلى الأمام بالقياس النسبي كما أنه مؤشر إلى مستقبل أفضل.‏

ربما كان إقرار مشروع البيان السويدي سيشكل انتقالة حقيقية للسياسة الأوروبية وانتصارات مهمة للفلسطينيين بل كان انتصاراً للعدالة ولكن هذا لم يحصل وما حصل وإن كان لا يرقى إلى المستوى المطلوب إلا أنه يشكل تقدماً جيداً باتجاه تفهم المجتمع الدولي للحقوق الفلسطينية.‏

إضافة إلى ذلك يعتبر ما تضمنه البيان التزاماً أوروبياً موحداً تجاه القرارات الشرعية الدولية بالرغم من هذه القرارات لم تستطع ولم تلزم دولة الاحتلال الإسرائيلي وقف الانتهاكات لتلك القرارات.‏

ولكن أوروبا وبناء على ما صدر في البيان لا تعترف بالاستيطان القائم أو الذي ستقوم به إسرائيل في الضفة الغربية والقدس المحتلة ولا تعترف بعمليات تهويد المدينة المقدسة وتغيير معالمها.‏

من جهة أخرى نستطيع اعتبار ما جاء في البيان الختامي رداً مباشراً وغير مباشر على المناورة الإسرائيلية الأخيرة بشأن التعليق المؤقت للاستيطان تلك المناورة التي لم تجد من يؤيدها سوى الولايات المتحدة الأمريكية.‏

يبقى أن تعزيز التوجه السياسي والعملياتي المقاوم يحتاج إلى إنهاء الانقسام الفلسطيني الذي يوفر للكيان الصهيوني ذريعة مهمة لقمع هذه التوجهات.‏

لا شك أن الأجواء والتطورات العالمية تغري بعمل عربي مثمر وإيجابي لمصلحة الحقوق العربية وخصوصاً في ضوء مؤشرات تراجع مكانة ودور الولايات المتحدة عالمياً.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية