تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


السودان.. أبعد من خلافات داخلية

شؤون سياسية
الأربعاء 13-1-2010م
د. محمد البطل*

تعد السوادان واحدة من أكبر دول القارة الإفريقية، وإحدى أهم الدول العربية وصنفت ولا تزال سلتها الغذائية التي أنهكتها حروبه الداخلية وخلافاته والحركات الانفصالية والانقلابات العسكرية أيضاً وخاصة حرب الجنوب أعوام 1983-2005.

ورغم أن هذه الخلافات والحركات قد جاءت في المحصلة، على حساب برامج التنمية والتطوير المفترضة لهذه الدولة بمكوناتها وأرهقت اقتصاد البلاد، فإنها لم تكن معزولة عن دور السودان العربي- الإفريقي، في منطقة بالغة الأهمية جيوسياسياً فضلاً عن غنى البلاد بالموارد الطبيعية ومصادر الطاقة والثروة الحيوانية أيضاً كذلك عن الأطماع الأجنبية في السودان موقعاً وإمكانيات وبضمنها سلسلة العقوبات المفروضة على السودان، دون غيره تحت لافتات متنوعة، ويساعدها في تنفيذ خططها تركيبة البلاد القبائلية، وتداخلها مع دول الجوار من جهة، والنهج الذي اعتمدته الخرطوم في مواجهة مجموع هذه الإشكاليات على أهميتها من جهة ثانية.‏

ومع التوقيع على اتفاق نيفاشا عام 2005 بين الحكومة المركزية في الخرطوم والحركة الشعبية لتحرير السودان (الجنوب) تنفس السودانيون الصعداء بانتهاء أطول حرب أهلية شهدتها القارة، وتالياً إمكانية وضرورة الالتفاف إلى الهموم الداخلية الاقتصادية-الاجتماعية والسياسية على كثرتها، إلا أن هذا «الفرح» السوداني عكر صفوه بدء التوتر في إقليم دارفور شمال غرب السودان (يشكل عملياً خمس مساحة البلاد وتقطنه قبائل عربية أو إفريقية مسلمة عديدة تتداخل مع دول الجوار وخاصة ليبيا، تشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى) التقاتل منذ عام 2003 بين هذه القبائل في سياق ترحالها بحثاً عن الكلأ والماء، إضافة إلى اكتشاف الثروات المعدنية كالنفط واليورانيوم وبالتالي اندلاع التمرد المسلح في شباط عام 2003 الذي ترافق مع «حرص» دولي مفاجئ بأوضاع الإقليم وسكانه وحقوقهم ومصيرهم أيضاً.‏

وحرصاً على درء التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية من جهة، وحل إشكاليات الإقليم وبضمنها الجفاف الذي تعرضت له ولايات دارفور الثلاث من جهة أخرى فقد توصلت الخرطوم إلى توقيع اتفاق أبشي في تشاد وفي 3 أيلول عام 2003 مع جيش تحرير السودان، ثم التوقيع على اتفاقية أبوجا بين الحكومة وحركتي العدل والمساواة وجيش تحريرالسودان في 9 تشرين الثاني عام 2004 وشهدت الفترة التي أعقبت هذين الاتفاقين تدخلات من دول الجوار واتخاذ قرارات دولية غير «متوازنة» أو منحازة لحركات التمرد، وانقسامات في حركات التمرد ذاتها، واستمرار المحاولات الليبية والقطرية، فضلاً على الاتحاد الإفريقي لحل هذا الخلاف وتحديد طبيعة السلطات المحلية وعلاقاتها بالسلطات المركزية هذا في الوقت الذي تزامنت فيه تفاعلات ملف دارفور مع حل إشكالية ولايتي شرق السودان (ولاية البحر الأحمر، ولاية كسلا وبضمنها تعيين نائب للرئيس الاتحادي من شرق السودان).‏

ورغم الجهود الحثيثة لحل إشكاليات البلاد شرقاً وغرباً وفي الجنوب خاصة فإن عام 2009 سجل صراعات قبلية بلغ عدد ضحاياها نحو 2500 سوداني ونزوح نحو 250 ألفاً طابعها العام الصراع على الماشية والأراضي ودوافع الثأر أيضاً الموروثة منذ الحرب الأهلية في الجنوب.‏

ولا نتجاهل هنا شاطئ السودان على البحر الأحمر وقربه من مناطق الصراع الدائرة راهناً أو المقبلة في منطقتي القرن الإفريقي وباب المندب، وتالياً أهمية السودان الموحد في مواجهة هذه المخاطر، وبضمنها الوجود العسكري الأجنبي في المنطقة، أو من خلال القطع العسكرية البحرية التي تجوب المنطقة أيضاً.‏

كما لا نتجاهل انعكاسات الحل الإيجابي السوداني المفترض لإشكالياته المتعددة الأوجه، على الصراعات الداخلية لدول الجوار السوداني القائمة والكامنة، أو الخلافات الحدودية بينها والتي يشكل السودان (الدولة- القارة) الموحد مدخلاً متوازناً لإشكالياتها وهذا ما يتطلب من السودانيين حكومة ومعارضة أخذ مجموع هذه الملاحظات بالحسبان حفاظاً على السودان ووحدته الديمقراطية والالتفات إلى النهوض به دولة قوية ومؤثرة تتمتع بإمكانيات تؤهلها القيام بدورها سودانياً وقارياً أيضاً.‏

 باحث في الشؤون الدولية‏

batal m-@ ses-net,or‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية