تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


اجتماعاتهم لاتحل مشكلات الغرب!!

ايمانيتيه
ترجمة
الأربعاء 13-1-2010م
ترجمة: سهيلة حمامة

بعد كل قمة أكانت اقتصادية أم سياسية أم مناخية، يعود أصحاب الشأن والقرار إلى كراسيهم الرئاسية المريحة وقد أزالوا عن كواهلهم نقل هموم شعوبهم وانتعشت ضمائرهم «الحيّة»

لأنهم يظنون أنهم باجتماعاتهم قد حلوا مشكلات العالم، نعم إنهم يعودون إلى ممارسة سلوكيات شاذة اعتادوا عليها كثيراً كترحيل موظفين «غير جديرين» ومنح العلاوات لمن لايستحقها أصلاً، وتوزيع موظفين في غير أماكنهم المناسبة وممارسة الفساد والنهب بكل أشكاله ضاربين عرض الحائط مصلحة شعوبهم، كل ذلك تحت مسمى «التنظيم المالي» أما نحن بعض صغار الكسبة فقد اتبعنا طريقة مثلى في ممارسة «التنظيم المالي» كاللجوء إلى تبني الإجراءات التي أوصى بها مجلس الاستقرار المالي مع الحرص على إفساح المجال والحرية للدول والقائمين على التنظيم في تحديد أو عدمه لتلك العلاوات، ما يشير إلى أن عصر الاتصالات المالية جاء بعد عصر الاتصالات السياسية إلى حد أن الدول الغربية توصلت إلى خلق وظيفة «مستشار اقتصادي» يقوم على تنظيم القمم العالمية، والتي تكلّف الكثير من الدولارات، فمثال على ذلك وصلت تكلفة قمة بيترسبورغ مؤخراً إلى أكثر من 30 مليون يورو.‏

«تفشي العيب» أو «ازدهار العيب» عنوان لقصة اقتصادية ألفها عالم الاقتصاد دانييل كوهن، وفيها يذكر أن أوروبا ومنذ عصر النهضة تقريباً لا تزال ترتكب الأخطاء تلو الأخرى في سعيها إلى زيادة نموها الاقتصادي بأي وسيلة مشروعة كانت أم غير ذلك على حساب استقرارها الداخلي، وبلدان العالم أيضاً قد نسوا أو تناسوا أن السعادة لاترتبط بأي شكل من أشكال الغنى، بل في تأمين استقرار شعوبها وممارسة أفعال الخير تجاه الشعوب المجاورة لها والكف عن إثارة الحروب والفتن لتحقيق المزيد من الثروة والمؤسف أن تلك الدول الغربية تعتقد أنه كلما ازدادت أملاك وأموال مواطنيها جذبوا السعادة لنفوسهم، ولعمري هذه مأساة كبرى نعانيها كل لحظة وكل يوم دون أن نستطيع الخروج منها وتأكيداً على ذلك فإن فرنسا اليوم أغنى بثلاثة أضعاف عما كانت عليه بعد سنوات الحرب العالمية الثانية، ولكنها في الحقيقة أقل رضا وسعادة، لقد ورثت مثل غيرها من الدول الأوروبية روح الرأسمالية وتماهت فيها ظناً منها أنها تمثل عصب الحياة ومنبع السعادة! ولعمري فإن ذلك يشكل دماراً جماعياً في تلك الدول يحتم على الدول النامية أن تستوحي منها دروساً وعِبَراً وتمسك بزمام تنظيم العولمة والتخفيف من وحشيتها.‏

وحتى يحين وقت تحقيق رؤية أولئك القائمين على التنظيم، وخلق عالم أفضل، فإن قانون مالتوس، عالم الاقتصاد الشهير، مازال يثبت روح تشاؤمه في مقولته «إن الأمور التي تبدو وكأنها جيدة مثل السلام والاستقرار والصحة العامة قد تتحول إلى لعنة لأنه بذلك يشجع على التوسع الديمغرافي وانتشار البؤس».‏

ولذلك فإن عودة الدول الغربية لحمل العصا والجزرة تجاه الدول النامية التي تعاني أصلاً من جمود اقتصادي واضح محتملة جداً، لأن ذلك يشكل بحسب رأيهم المتطرف الحل التقريبي لمشكلاتهم المتعددة.‏

ولكن المفارقة الصارخة في قانون مالتوس هي أن عدم المساواة أمر جيد، لايبدل شيئاً في المستوى المعيشي للطبقات الشعبية، ويعمل على إفقار أولئك الذين يستغلون عدم المساواة، وكلما ازدهر المجتمع صناعياً ازداد انخفاض أجر ساعة العمل، فالصيادون القطافون في العالم القديم كانوا يتقاضون أجراً بمقدار مايتقاضاه العمال الانكليز حالياً من خلال الصناعات المتطورة ولكن بجهد أقل، ولعل شعار مالتوس يتجلى في: اعمل أكثر حتى تربح قليلاً بل اعمل أكثر حتى تأمل أن لاتخسر أكثر.‏

فلماذا يبدو إذن في ظل هذه الفوضى وغياب النظام ثمة القليل من المقاومة؟ ربما للأقدار دور سلبي في ذلك، في الحقيقة، يبدو النظام الاقتصادي في الغرب كلعبة البوكر حيث الرابح ينهب الرهان واللاعبون الآخرون يكتفون بإحباطاتهم، فكل واحد منا يحلم أن يصبح نجماً محل النجم القائم، وكل منا يقبل بالمرفوض حين يرتضي لنفسه حياة بائسة!.‏

لقد آن الأوان للتفكير بـ «إعادة دمج الاقتصاد بالمجتمع» إذ إن القلق الأخلاقي فقط وتجزئة البشرية لا يشكلان مطلقاً حلاً ثالثاً.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية