تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


غــــــزة...محنــــــة مســــتمرة

مجلة تايم الأميركية
ترجمة
الأربعاء 13-1-2010م
ترجمة: ليندا سكوتي

مضى عام أو ما ينوف عنه منذ أن شنت القوات الإسرائيلية هجوماً على غزة استمر ثلاثة أسابيع أسفر عنه مصرع ما يزيد عن 1300 فلسطيني، وتدمير وتخريب أكثر من 50.000 وحدة سكنية،

وأصبح من بقي على قيد الحياة من قاطنيها يعيشون فوق ركام منازلهم المهدمة، ولم تأخذ الوعود التي أطلقت بإعادة إعمار ما دمرته الحرب مسارها نحو التنفيذ، لأمر لا يتعلق بنقص التمويل إنما بسبب المحنة التي يعيشها مليون ونصف المليون فلسطيني في غزة يشغلون هذه البقعة الضيقة من الأرض والذين يتعرضون للحصار الاقتصادي المطبق عليهم منذ عامين ونصف من إسرائيل بمؤازرة من الولايات المتحدة ومصر. وعلى الرغم من أن المانحين الدوليين قد قدموا 4,5 بلايين دولار لإصلاح الضرر، وخاصة في شبكة المياه، فإن تلك المساعدات لم تصل الى مقاصدها وفقاً لما ذكرته وكالات الإغاثة، وأكده الفلسطينيون الذين اتهموا إسرائيل بوضع العراقيل التي تفضي إلى منع دخول مواد البناء الأساسية وكذلك الأمر بالنسبة للكتب المدرسية والمواد الغذائية وغيرها من الاحتياجات الأخرى.‏

ذكر كريس غانز المتحدث باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأنروا) بأن عدم سماح الإسرائيليين بإدخال مواد إعادة الإعمار جعل من مبلغ 4,5 بلايين دولار مجرد حبر على ورق، وأشار إلى أن أكثر من 80% من أهالي غزة يعيشون في الوقت الحاضر على الإعانات الإنسانية التي تقدمها الأنروا، واستطرد غانز بقوله:«إن الفلسطينيين أصبحوا أكثر يأسا وتطرفا».‏

يقدر مسؤولو الإغاثة حاجة غزة من مواد البناء بحوالي 40000 طن من الإسمنت، و 25000 طن من الحديد كي يتمكنوا من البدء بإصلاح البيوت والمشافي والمدارس والمحال التجارية المدمرة جراء الهجوم الإسرائيلي. ذلك الأمر الذي يصعب تنفيذه لأن الإسرائيليين لم يسمحوا بإدخال سوى 19 شاحنة تحمل مواد بناء إلى غزة منذ نهاية الحرب في كانون الثاني الماضي، وفقاً لما أكدته مجموعة حقوق الإنسان الإسرائيلية جيشا. واستطرد غانز «إن القصف الإسرائيلي أعاد غزة الى العصر الغضاري، لأنهم أخذوا يعيدون بناء بيوتهم وترميمها باستخدام الطين».‏

لو استثنينا ما تضرر من الآلات الصناعية جراء الحرب، فإن الواقع يؤكد أن 97% من معامل غزة قد أقفلت أبوابها، وازدادت نسبة البطالة لتبلغ 43%، وشحت مصادر الدخل، الأمر الذي زاد في احتمال تعرض الكثير من السكان للجوع في حال تأخر وصول وتوزيع المعونات الغذائية التي تقدمها الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة. يضاف إلى ذلك وجود أكثر من 40000 مواطن يعيش دون كهرباء، و10000 لا تصل المياه الى منازلهم، لأن إسرائيل منعت دخول قطع الغيار اللازمة لتشغيل محطة معالجة الصرف الصحي ما جعل كمية 87 مليون ليتر من مياه الصرف الصحي تصب في البحر المتوسط وتلوث السواحل بما فيها السواحل الإسرائيلية.‏

نشهد بين الحين والآخر بعض الاحتجاجات التي يبديها المجتمع الدولي إزاء الأوضاع في غزة، لكنها ليست بالمستوى الذي يشكل ضغطاً حقيقياً على إسرائيل يجعلها تخفف من حصارها، وقد ذكر أحد المسؤولين الكبار في الحكومة اليمينية التي يترأسها بنيامين نتنياهو لزميل لي يعمل في الأمم المتحدة بأن ما تهدف إسرائيل إلى تحقيقه في غزة هو «لا تطور، لا ازدهار، ولا أزمة إنسانية». وقد فسر مسؤول الأمم المتحدة هذا القول بأن إسرائيل ستسمح بمرور القليل من مواد الإغاثة بحيث تفي بإبقاء مليون ونصف المليون فلسطيني على قيد الحياة لعلها تدفع بهم إلى إسقاط حكومة حماس التي أيدوها في الانتخابات الفلسطينية الأخيرة. لكن ذلك بعيد المنال، لأن حماس توفر الأسلحة والأموال اللازمة لها عبر الأنفاق الممتدة الى مصر، كما وأن الضائقة المالية حدت بالشباب من أبناء غزة للانضمام للفدائيين بغية تأمين دخل شهري لهم. وفي هذا السياق، اعتبر المسؤول في الانروا جون جينغ بأن الحصار الإسرائيلي يساهم إلى حد كبير بتدمير المجتمع المدني، على الرغم من أن الفلسطينيين كانوا يفخرون بتفوقهم في مجالي التعليم والصناعة .‏

إن الأمل الوحيد لرفع الحصار الإسرائيلي عن غزة هو إطلاق سراح جلعاد شاليط (الذي سبق وأن اختطفته حماس في صيف عام 2006) عبر الوساطة الألمانية والمصرية التي تتولى المفاوضات بين حماس وإسرائيل من أجل تبادل السجناء، وتدور المباحثات في الوقت الحاضر حول إطلاق شاليط مقابل إطلاق سراح أكثر من 900 فلسطيني من السجون الإسرائيلية، البعض منهم متهم بتنفيذ عمليات قتالية. وقد علمت مجلة تايم عن طريق مصادر إسرائيلية وفلسطينية بأن إتمام صفقة التبادل يتطلب إيجاد حل للإشكال القائم بشأن ترحيل سجناء الضفة الغربية إلى غزة أو أي مكان آخر في العالم، في الوقت الذي تصر به حماس على عودتهم إلى منازلهم، واقتران عملية تسليم السجين شاليط برفع الحصار عن غزة الذي يطالب به أيضاً الاتحاد الأوروبي. وقد أشارت مجلة تايم إلى أن القوات العسكرية الإسرائيلية تصر على نتنياهو بضرورة استمرار الحصار لأنهم يرون بإنهائه مجالاً لدعم حماس سياسياً وعسكرياً.‏

بعد حرب الشتاء الماضي، تمكنت حماس من إعادة تسليح نفسها بالصواريخ بنقلها عن طريق شبكة الأنفاق الممتدة إلى مصر، لكن تلك الأنفاق قد يتعذر الاستفادة منها في المستقبل القريب نتيجة لبناء جدار فولاذي بعمق 100 قدم على الحدود بين غزة والأراضي المصرية بخبرة وتمويل أمريكي، الأمر الذي سيؤدي الى قطع طرق الإمداد. وقد أطلق الصحفي المصري إبراهيم عيسى على هذا الجدار اسم «جدار الخزي والعار».‏

لا ريب أنه في الحالة التي تقوم بها مصر بمساعدة من واشنطن بإغلاق كافة الأنفاق المؤدية إلى غزة، فلن تكون حماس المتضررة الوحيدة، لأن تلك الأنفاق تمثل في واقعها شريان الحياة لسكان غزة في تأمين الاحتياجات الأساسية لهم بشكل يومي. وبذلك فإن تنفيذ إقامة الجدار سيفضي إلى زيادة البؤس والحرمان والفقر إن لم يتزامن مع قيام نتنياهو بتخفيف الحصار والتضييق على سكان غزة بعد إطلاق سراح الجندي شاليط.‏

 بقلم: تيم مكغريك‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية