تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الشاشة ملعب العنف...8000 حالة قتل ومئة ألف مشهد عنف... حصاد الفتى الأميركي

فضائيات
الأربعاء 13-1-2010م
يمن سليمان عباس

لم تعد حكايا الجدات أنيسة ليالي أطفالنا تحلق بأخيلتهم بعيداً بعيداً، دفء هذا القصّ انتهى إلى غير رجعة ولم يعد الحديث عن الذئب والنمر والغابات أمراً يخيف أطفالنا وليلى لم تعد تسير بمفردها ليلاقيها الذئب في منتصف الطريق.

تغيرت الأحوال وتبدلت، فمن السماء بدلا من الغابات بدأ الرعب يأتينا وبدأ العنف يغزو بيوتنا، بدل الحكاية المروية بأسلوب تربوي شائق بدأت تأتينا آلاف الحكايا، يكفي أن تجلس أمام جهاز التلفاز، وتقلب بين المحطات لترى العجب العجائب، فكل محطة هي حكاية، وهي حكاية عنف تبث سمومها ففضائنا لم يعد للقمر الذي يزين سهرات العشاق بل هو لهطل أفكار وأساليب تربوية أرهقتنا وأرهقت أطفالنا وكأننا لانريد لهم إلا أن يصبحوا أدوات تلقِ ومن ثم اعتياد على كل ماتراه وما يأتيها.‏

استسهال العنف‏

في الحديث عن العنف الذي تبثه الفضائيات لانجد دراسة أهم وأفضل من الدراسة التي قدمها الدكتور نسيم الخوري في كتابه الصادر عن مركز دراسات الوحدة العربية 2005 وفيه يقدم إضاءات مهمة على دور السلطة الرابعة ومن هذا الفصل نقتطف المحطات التي تدلل على سطوة الشاشة وقدرتها على إعادة صياغتنا يقول الدكتور الخوري: صحيح أن إلفة تشبه الإدمان ترسخت بين الشاشة والناس إلا أن التحلق أمام الشاشات خرج عن نطاقه القديم معززاً الاجتماعية إلى الفردية حتى يبدو، وكأن لكل فرد برامجه وشاشته الخاصة، فقد تشظت الصور مع تشظي الشاشات هندسياً وتعددها للفرد الواحد (شاشة للتلفزيون وثانية للكمبيوتر وثالثة للكاميرات الخفية والهاتف الخلوي...الخ)‏

ولو أنها عادت تتجمع من حيث وظائفها في شاشة واحدة بالمعنى التقني أو أن الشاشة الواحدة تتشظى في مربعات نستقبل فيها عدداً متنوعاً من البرامج ومن مصادر مختلفة فإن الصورة العامة التي تمثل المجتمع المعاصر تحمل تشظيات الفرد والعائلة على مستوى مصادرها ولغاتها.‏

سطوة وسائل الإعلام هذه هي التي تجعل أطفالنا أسرى لأساليب تربوية تقدمها لهم وسائل الإعلام، ولهذا يرى نسيم الخوري تحت العنوان السابق (الشاشة ملعب العنف)، يرى أن الألعاب والبرامج الالكترونية تغذي روح القتل بل تؤلف الإطار العام الذي يمهد لأصناف الانهيار والتداعيات اللاواعية في أشكالها المختلفة.‏

وحسب دراسة نسيم الخوري فإن هذا العنف أكثر مايتمثل في البرامج الأميركية، إذ تشير الإحصاءات التقديرية في هذا المجال مثلاً إلى أن الطفل الأميركي يكون قد شاهد على الشاشة مع نهاية تحصيله الإعدادي ثمانية آلاف حالة قتل ومئة ألف مشهد عنف تخلق لديه صور وكوابيس لاتكف إلا عند ممارسته القتل فعلاً بواسطة الألعاب الالكترونية فيصل عدد الضحايا مع بلوغ الثامنة عشرة إلى أربعين ألفاً دون أي وخزة ضمير.‏

يألف الطفل لعبة القتل السهلة التي لاتحتاج إلاّ إلى ملامسة الأزرار الناعمة وهذا سلوك يتفّه فكرة الموت ويفرغها من مضامينها الفعلية التي أرستها الديانات والفلسفات.‏

إنه الموت الذي يشابه التخدير في نتائجه ويقض مضاجع بعض الدول والمرجعيات التربوية، فالشاشة باتت ملعباً عالمياً لممارسة فعل الموت العنيف.‏

وحسب نسيم الخوري فإن الولايات المتحدة اضطرت في تسعينيات القرن الماضي إلى إيقاف عرض فيلم بعنوان البرنامج، يقدم الفيلم مشاهد عنيفة جداً وقد تدخل الكونغرس الأميركي وطالب بوضع قوانين تحد من مشاهد العنف على الشاشة وكذلك فعلت الحكومة البريطانية، وهذا يدعونا لأن نتحدث عن علم النفس الفضائي المولود الجديد الذي بدأ يحبو وأخذ مكانة جيدة ويبدو أننا نحتاجه لعلاج ماحل بنا وبأطفالنا بعد أن كنا ننام على هدهدة أغنية واليوم على صليل وجعجعة العنف.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية