جديد أيمن فضة رضوان ومهدي البعيني...تجريدية حرة وانسجام لوني انطباعي
ملحق ثقافي الثلاثاء 3 /1/2006 يعرفنا معرض الفنانين أيمن فضة رضوان ومهدي البعيني المقام في صالة المركز الثقافي الروسي ، على تنويعات أعمالهما المنفذة في الآونة الأخيرة ، والتي تتفاوت من حيث تقديم الأشكال بين الواقعية التعبيرية والتجريد اللوني الذي يكتفي بالبحث عن أجواء تقنية مع بعض الإضافات التعبيرية والخطوطية .
أيمن فضة رضوان
في هذا المعرض نتعرف على أيمن كفنان تجريدي، بعدما عرفناه في معارضه السابقة كفنان تعبيري مغامر في خطوات البحث عن جمالية اختزال العناصر الإنسانية والصامتة وتنويعات الورود والزهور. ففي لوحاته الجديدة يزاوج بين السطوح المتفاوتة الكثافة مع اتجاه واضح للتعامل مع الألوان بعفوية مطلقة تصل حدود الانفعال اللوني، كما هي الحال في أكثرية لوحات المعرض، التي تقدم اختبارية جديدة تجعلنا نقف طويلاً أمامها لتأمل منطلقات البحث اللوني التجريدي الخالص والمنفلت من كل قيد شكلي أو واقعي أو طبيعي. هكذا تبرز اللوحة كهاجس تجريدي انفعالي لانفلات مساحات الرؤية ضمن تشكيل هندسي يبرز المربعات والمستطيلات والتقاطعات الأفقية والعمودية مع التركيز على إظهار الألوان الكثيفة والتأثيرات التقنية التي تجعل السطوح مفتوحة على أجواء التخريب الدادائي وتنقل اللوحة من أجواء الأناقة الصالونية إلى حدود التعبيرية التجريدية والتنويع العاطفي والوجداني الذي يفتح نصوصه التشكيلية على تأويلات جديدة لها علاقة مباشرة بالثقافة البصرية المتداولة في الفن الحديث المطروح في أكثر من عاصمة فنية. هكذا يدخل أيمن فضة في مغامرة جديدة تستمد مقوماتها من اختبارات تجاربه السابقة فالمناخات التعبيرية والأجواء اللونية التي توصل إليها في مراحله السابقة تظهر تأثيراتها بصورة واضحة في لوحاته المعروضة. وأعماله الجديدة تثير أكثر من سؤال حول إمكانيات التجديد في فنه لاسيما وأنه يقدم نفسه هذه المرة كمصور تجريدي يصل إلى إيقاعات جديدة منطلقة من جوهر تجاربه السابقة. وهكذا نجد أن تجربته أصبحت مفتوحة على لونية تتحرك بحرية لا تولي أهمية لعناصر الأشكال بخلاف ماكنا نشاهده في أعماله السابقة، كما أنه يأخذنا إلى عفوية وبدائية من خلال وضع اللون وتحريكه بإيجاد تشطيبات تحفر الطبقة الطرية وتترك أثراً يصدم المشاهد العادي ويثير اهتمام المتذوق المختص الذي يجد نفسه أمام لوحات متطرفة في حداثتها وجماليتها المنتمية لثقافة فنون العصر. مهدي البعيني هو الآخر يعمل على الانفلات من إطار القيود الواقعية والكلاسيكية الصارمة مازجاً في لوحاته المعروضة ما بين اللمسة اللونية المعبرة عن تموجات العاطفة، وبين حالات إبراز جاذبية إيماءات الإشارات العقلانية التي يصل من خلالها إلى لوحة مدروسة ومتوازنة وبعيدة عن الانفعال والإرتجال والملامح التخريبية. مهدي البعيني من هذا المنطلق يحاول الموازنة ما بين معطيات تيار الانطباعية (في اتجاهه الواضح لإضفاء اللمسات اللونية الغنائية) وبين جماليات البقاء عند ضفاف الواقعية الجديدة أو الحديثة للوصول إلى اللوحة المتجددة التي تملصه على الأقل من إطار النمنمة التفصيلية التي كانت موجودة في لوحاته السابقة التي سبقت تجربة قيامه بالرسم المباشر والحر مع أيمن فضة وأمام الجمهور مباشرة وذلك في صالة السيد خلال العام الماضي. فهو في هذه المرحلة يرسم الطبيعة والورود والزهور والبيوت بأسلوب قريب من الانطباعية رغم أن مهدي ليس انطباعياً بالمعنى النقي للكلمة فهو لا يزال فناناً واقعياً يترصد عناصر المشهد بمنهج واقعي عفوي في أغلب لوحاته لأن اللون أصبح يتخذ في لوحاته طابعاً غنائياً من ناحية الرسم بلمسات عفوية متتابعة تتلاءم مع أجواء اللوحة الحديثة. هكذا أخذ يحس عبر تنويعات التجربة بأهمية اللمسة اللونية العفوية التي تملص مواضيع الطبيعة والأزهار والعناصر المعمارية من القوالب الكلاسيكية المثالية وتمنحها حيوية لونية غنائية وشاعرية تجمع ما بين تداعيات الحالة الداخلية الانفعالية وشاعرية تجمع ما بين الوعي الذي يعكس شيئاً من التوازن والانطباع والتأنق والانسجام اللوني والشكلي والخطي.
|