تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


فلســــفة الموت على طريقة السامــــوراي

ملحق ثقافي
الثلاثاء 3 /1/2006
الروائي الياباني يوكيو ميشيما الروائي الياباني يو

أكد ميشيما بمشهد موته الدرامي الذي يذكرنا بمشاهد مسرحياته، انتمائه إلى تقاليد الساموراي على طريقته الخاصة،

وقد كتب جملة على عصابة الرأس التي ارتداها ليكمل طقس الموت، وهي "إن الرجال يجب أن يكون لهم لون أزهار الكرز حتى عند موتهم"، وقد اقتبس هذه الجملة من كتاب "الهاغاكوري"، أكثر الكتب تأثيراً على حياته وموته، وهو كتاب يتناول فلسفة الحياة والموت، إلا أن ميشيما، اعتبره كتاب البطولة والموت، وأكثر الكتب مبيعاً في الحرب العالمية الثانية، وكانت بعض جمله شعاراً يسير به طيارو اليابان آنذاك. يعود تأليف هذا الكتاب إلى عام 1710، عندما اعتزل الساموراي جوشو ياماموتو الحياة بعد موت سيده الإقطاعي، وبعد عشر سنوات حضر إليه أحد محاربي الساموراي الشبان، وبدأ بكتابة التعاليم والأفكار الفلسفية التي خرج بها الساموراي العجوز، وخلال سبع سنوات جمع التلميذ مادة ضخمة متنوعة، ضمنها كتاباً من أحد عشر مجلداً أطلق عليه "سجل الكلمات لسيد الهاغاكوري"، وقد أمر ياماموتو تلميذه بإحراق الكتاب، إلا أن التلميذ لم يطع معلمه واحتفظ به لنفسه. وسرعان ما بدأ محاربو الساموراي في استنساخه وتبادله سراً فيما بينهم، وبقي الكتاب حتى جرى تعميمه وتوزيعه علناً بعد أكثر من قرن ونصف قرن من تاريخ كتابته. جرت تغييرات في الوضع الدولي بعد إلقاء القنبلة الذرية على مدينتي ناغازاكي و هيروشيما، وانتهت الحرب العالمية الثانية، أعلنت اليابان انتماءها للغرب الليبرالي بالدخول في دائرة التحالفات، وسيطرت على المجتمع، قيم الغرب المادية حتى اختفت صورة الساموراي عن الحياة اليومية، واعتبر الكتاب خطراً على المجتمع الياباني، فمنع من التداول، واختفى عن عيون سلطات الاحتلال الأميركي، واتلفت نسخه، وعندما شب ميشيما، كان الموت هو الهاجس الأساسي في حياته، ورأى أن المجتمع يفقد حيويته وبطولته، ويسير نحو موت يجرده من تقاليده وخصوصيته، ويتجه نحو التغرب، ويلتحق بالنموذج الغربي الذي خرج منتصراً في الحرب، إذ قال "كنت أعود إليه (الكتاب) باستمرار لأعيد قراءة أجزاء منه بين حين وآخر، وفي كل مرة، كنت أجد فيه ما يدهشني" بدأ ميشيما يقرأ كتاب "الهاغاكوري" الذي أثر عليه تأثيراً مباشراً، على قوته،حيث كان الكتاب وعاءً حافظاً لهذه الملامح، ويهدف إلى إيجاد صلة حية بالتقاليد والأفكار التي ضمنها، وبنفس الوقت كان ميشيما يعلق ويشرح ويضيف إليه، في عام 1967، وضع ميشيما كتاباً يعد من أهم كتبه، عرض فيه فهمه الخاص لأخلاقيات وسلوك رجال الساموراي، وبعد انتحاره، أصبح الكتاب أكثر الكتب مبيعاً في العالم الغربي، للتعرف على لغز الانتحار في اليابان. لكن ميشيما، في الحقيقة، لم يكن متأثراً بهذا الكتاب فقط، بل كان تأثره مزيجاً من ثقافات متعددة، وأدباء كثيرين من أمثال توماس مان، دويستوفسكي، ريمون راديغيه، سافر أول مرة خارج اليابان، بدأ الرحلة من اليونان التي فتنته منذ الطفولة، فكتب روايته "ضوضاء الأمواج" عام 1945، التي جاءت في شكل صياغة يابانية، لأسطورة يونانية،"دافنيه وكلويه"، ومهدت هذه الأسطورة، دخول ميشيما إلى عالم الهاغاكوري، وهو الحديث عن كتاب راديغيه "حفلة الكونت دورغيل". رواية "غابة مزهرة"، كانت أول عمل مهم لميشيما في عام 1944، ثم نشر "السيجارة" 1946، وهي تجارب شخصية نابعة من شعور بالقلق والذنب، وروايته "السارقون" عام 1955، يقول عنها، هي محاولة روائية أولى لا أكثر، حبكتها بسيطة، فتاة وشاب يخلصان من الانتحار إلى ليلة زفافهما. قدم ميشيما صوراً عن واقع المجتمع الياباني، اعتباراً من صياد السمك في "ضوضاء الأمواج"، إلى مزارعي "عطش إلى الحب" 1950، متأثراً بفرنسوا مورياك الذي أعجب بالمناخ الدرامي لرواياته. هنا تفضيل للخرافة على التحليلات الثاقبة لنفسيته بأسلوب مرهف. إلى عمال "حرير وحدس"، إلى المجمع البوذي في "السرادق الذهبي". انضم ميشيما 1948، إلى مجموعة مجلة "الأدب الحديث" اليسارية، لكنه لم ينتم إلى الحزب الشيوعي، وظل غير ملتزم بأي حزب سياسياً، وكان من أنصار تمجيد الامبراطور والروح القومية اليابانية في " أصوات النفوس البطولية"، عام 1966. كتب ميشيما العديد من مسرحيات "النو" الحديثة، ويعتبر أفضل مسرحياته الطويلة، "مدام دي ساد" التي كتبها عام 1956، ومن مسرحياته "صديقي هتلر"، "يوروبوشي"، "الطبلة الحرير"، "آوا" ومسرحيات أخرى،وقد نشرت وزارة الثقافة مجموعة مسرحياته بعنوان "خمس روائع حديثة من مسرح (نو) الياباني"‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية