تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


سيرغي يسينين SERGEY ESENIN كمنـــــجة روسيا الحزينة

ملحق ثقافي
الثلاثاء 3 /1/2006
د.إبراهيم استنـبولي

وداعا، ياصديقي،،وداعا، حبيبي،،أنت في صدري. إن الفراق المرتقب يعد بلقاء فيما بعد. وداعا،صديقي،بلا كلام ولا سلام،

لا تحزن ولاتقطب حاجبيك،،- ليس جديدا أن نموت في هذه الدنيا، وأن نعيش،،بالطبع،،ليس جديدا أكثر. في 72 كانون الأول من عام 5291 راح صدى هذه الكلمات المؤثرة يتردد في جميع أنحاء روسيا... لقد كانت آخر كلمات كتبها الشاعر الروسي الوسيم وصاحب القصائد المفعمة بالروح الروسية،الممثلة برائحة القرية الروسية والغنية باللوحات الخلابة للسهوب والغابات..الشاعر الرقيق سيرغي يسينين. لقد كان سيرغي يسينين أكثر الشعراء «روسية» حسب تعبير يفغيني يفتوشينكو. إذ ليس هناك شاعر آخر خرجت قصائده من حفيف أشجار البتولا،،من النقر الخفيف لقطرات المطر على سطوح القش لأكواخ الفلاحين،من صهيل الخيول في السهوب المغطاة بالضباب عند الصباح،من تأرجح الأقاحي،ومن الاغاني عند سياج القرية.إن أشعار يسينين كما لو أنها لم تكتب بالقلم،بل تبدو وكأنها خرجت من تنفس الطبيعة الروسية ذاتها. بقي يحن الى الروح الروسية الغنية بالجمال وبالبساطة،التي طالما تغنى بهما في أشعاره....ولم تستطع روحه مقاومة الكآبة العميقة التي هبطت عليه، ما اضطره الى ان يضع حدا لمعاناته....لينتحر حسب الرواية الروسية ...ولكن يوجد من يعارض هذه النظرية...وهذا محور ما يتحدث عنه معرض الصور الفوتوغرافية «حياتي الطائشة...»،الذي افتتح في موسكو والمكرس ليوبيل الشاعر-مرور 011 سنوات على ولادته...وتظهر في المعرض صور الشاعر يسينين محاطا بأصدقائه الأدباء:اناتولي مارينهوف،زينائيدا رايخ،آيسيدورا دونكان،،فسيفولد مايرهولد....وغيرهم.كما ضم المعرض لقطات من المسلسل التلفزيوني «يسينين» الذي بدأ عرضه في 13/01/5002 ويشارك في تمثيل الأدوار الرئيسية فيه نجوم السينما الأمريكية شون يانغ وهاري بيوزي وذلك الى جانب كوكبة من الممثلين المعروفين في روسيا:كونستانتين هابينسكي،غوشا كوتسينكو،اندريه رودينسكي.... وغيرهم. ويعتمد الفيلم على كتاب الكاتب فيتالي بيزروكوف « سيرغي يسينين»،الذي صدر بالتزامن مع يوبيل الشاعر... وفيه يبرهن المؤلف أن يسينين لم ينتحر،وإنما قتل...واللافت للنظر هو أن هذه الفرضية تلقى قبولا في أوساط الرأي العام الروسي أكثر مما تلقاه فرضية الانتحار الشائعة والتي كانت قد وردت في الأدبيات التاريخية الرسمية. هذا وتجد الفرضية القائلة بقتل الشاعر دعما من قبل ممثلي مختلف الأوساط الفنية والسياسية... فقد صرح رئيس مجلس الاتحاد سيرغي ميرونوف:«... أن هناك غموضا كبيرا لا زال يلف موت الشاعر يسينين،،ولذلك من العدل أن يطرح موضوع إعادة التحقيق...» أما المحقق في فرع الأمن الجنائي في موسكو إدوارد خليستالوف فقد قام وبمبادرة شخصية و على مسؤوليته الخاصة بإجراء تحقيق حول نفس القضية.... وأمضى آخر سنوات عمره في سبيل الكشف عن الحقيقة ...وقد اعتمد الكاتب بيزروكوف في كتابه المذكور على نتائح تحقيقات خليستالوف إياه. وللعلم،كان الشاعر سيرغي يسينين قد وجد في الغرفة رقم خمسة من فندق «أنغليتير » (انترناسيونال في حينه) وذلك في 82 كانون الاول من عام 5291... وبعد أن تم خلع الباب وجدوا جثة الشاعر معلقة بحبل الى أنبوب التصريف الصحي تحت السقف مباشرة... وكانت توجد على الطاولة ورقة كتبت فيها تلك الكلمات،التي وردت في بداية هذه المقالة. ويعتقد أن الكلمات موجهة الى الشاعر الشاب فلاديمير آيرليخ،الذي كان أول شخص يدخل الغرفة. وقد أكد آيرليخ أن يسينين كتب كلماته الأخيرة بالدم.... وبالمناسبة،لقد تمت المحافظة على الورقة الأصلية، ولكن أحدا ما أحاط الكلمات بدائرة مما يجعل رؤية اللون الأصلي للأسطر مستحيلا. هكذا انتهت مسيرة شاعر صاحب قلب مرهف وروح معذبة ورقيقة حد اللامعقول، كما هي رحبة وخلابة سهوب روسيا وغاباتها وكما هي رقيقة نسمة ربيعية تعبر فوق الأرصفة و أشجار الصفصاف في مساء ساحر ولكنه كئيب.... إنه المساء. على الخبيز يلمع الندى. متكئا الى صفصافة، أقف على قارعة الطريق. ضوء غامر ينبعث من القمر وينسكب على سطحنا مباشرة، وفي مكان ما في البعيد اسمع غناء عندليب. راحة بال ودفء، كما لوقرب الموقد في الشتاء. كشمعات كبيرة. وبعيدا وراء النهر،، خلف حدود الغابة،يرى حارس وسنان وهو يضج بعصاه الميتة!‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية