تل الأشعري.. غنى الاكتشافات الأثرية
ملحق ثقافي الثلاثاء 3 /1/2006 تحقيق وتصوير: ياسر أبونقطة أواخر آذار من عام 2005 م كان تل الأشعري الأثري مدينة (بيلاوديون) الهلنستية، على موعد مع حفريات الموسم السابع للتنقيب الأثري. تلك الأعمال استمرت حتى نهاية شهر حزيران بداية تموز. وذلك نظراً لظهور مكتشفات في غاية الأهمية.
وكان من المعتاد أن يتم العمل في أكروبول المدينة أي في المنطقة الشرقية المرتفعة من التل كما حصل في المواسم الستة السابقة والتي بدأت في العام1998م. ولكن في هذا الموسم تم تغيير قطاع العمل باتجاه الشمال الغربي للتل في منطقة جميلة تشرف على وادي الهرير القادم من الشمال وجزء من وادي تابع له ينحني باتجاه الجنوب ليتابع مجراه نحو الغرب، وكان الهدف من هذا التغيير من وجهة نظر إدارة البعثة يعود للأسباب التالية: 1- سبر منطقة جديدة ومختلفة بخصائصها وفترتها التاريخية. 2- هذه المنطقة تقع في الجزء المنخفض من التل حيث تنتشر المخلفات الرومانية واليونانية من أعمدة وتيجان، إضافة لوقوعها الى جانب بقايا المسرح الأثري. 3- إن العمل في القطاع الغربي يمثل المستوى المنخفض للتل وسيتم من خلاله الوصول للأرض الطبيعية التي يقع عليها التل، وبناءً على ذلك يمكن أن يمتد العمل في كافة الاتجاهات في السنوات المقبلة. وبالاعتماد على هذه المعطيات تم مد شبكة التربيع إلى القطاع المذكور لتصل إلى حافة التل،
وتم اختيار خمسة مربعات للعمل تقع خارج شبكة التربيع هي (2AA2 ) و (3AA3 ) و(1BB1) و(2BB2 ) و(3BB3 ) وروعي الانحدار الشديد للتل باتجاه الوادي. لقد أسفرت التنقيبات الأثرية عن نتائج هامة فيما يتعلق بالمكتشفات المعمارية، إذ أمكن العثور على حمام يعود في إنشائه للفترة الرومانية و رمم وجدد بالفترة البيزنطية. وتنبع أهمية هذا الاكتشاف إلى ما يشكله هذا الحمام كمنشأة اقتصادية وخدمية لعبت دوراً هاماً في حياة الناس وتركت حيزاً هاماً في حياة العامة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مستوى الرخاء والتقدم الذي وصلت إليه هذه المدينة الهامة. ومدى التطور الثقافي فيها ويشهد على ذلك وجود بقايا المسرح اليوناني القريب من الحمام حيث تظهر للعيان بعض العناصر المعمارية المكونة له.
الموسم السابع 2005 سير العمل : في البداية تم ترحيل كميات كبيرة من أنقاض الأتربة والحجارة، والتي هي عبارة عن بقايا الطبقة السطحية الحديثة العهد حيث وجدت بشكل عشوائي ومخربة تمثل زرائب للأغنام. أقامها البدو قبل أكثر من أربعين سنة حيث استخدموا حجارة الأبنية المتوفرة على سطح التل، وبعد إتمام شبكة التربيع بدأت مباشرة أعمال التنقيب على النحو التالي: المكتشفات المعمارية: المربع 2AA2 : تم تتبع مدماك من الحجر البازلتي كان يظهر واضحاً على سطح التل ويتجه باتجاه غرب شرق، وبعد عملية التنقيب تبين أنه الجدار 2AA2001 الذي يبدأ من جهة الشرق من كتلة مبنية من الحجر البازلتي على شكل مصطبة 2AA2002 أبعادها(4.75×2.5) م وينتهي بمدخل للقاعة 3AA3001. هذا الجدار بطول (8.40) م وعرض (120) سم وتم ملاحظة وجود نقش لصليب صغير على إحدى حجارته وهو كما يبدو من الفترة البيزنطية، وإلى الشمال منه ظهرت كتلة كلسية بطول (340) سم وعرض (80) سم أشبه ما تكون بجدار يوازي الجدار 2AA2001. لكنها منفذة بخلطة قوامها الكلس وحجر الخفان والحصى النهري لتشكل كتلة صلبة ترتكز على أعمدة صغيرة، هي عبارة عن أقراص فخارية دائرية الشكل قطرها (21) سم تقريباً مبنية فوق بعضها البعض بواسطة مونة كلسية رابطة. هذه الكتلة الكلسية كانت تحمل السقف المنهار والذي يعتقد بأنه منفذ بواسطة قباب اسطوانية من الكلس والحجر الخفاني. وإلى الشمال من هذا الجدار ظهر جدار آخر هو 2AA2003 وبمحاذاته من الجنوب كتلة كلسية أخرى موازية له وحاملة للسقف مشابهة للسابقة، طول هذا الجدار (11.65) م وهو أيضاً يبدأ من كتلة مبنية من الحجر البازلتي على شكل مصطبة 2AA2004 وينتهي بنهاية الجدار الغربي للقاعة 3AA3001 والتي سيتم الحديث عنها لاحقاً. وفي منتصف هذين الجدارين عثر على جدار يتجه شمال جنوب 2AA2005 طوله (5.80) سم، وعلى أحد حجارته من جهة الغرب نقش لصليب صغير، ليتشكل لدينا القاعة 2AA2006 وهي الجزء الحيوي الأهم في هذا الحمام، إذ استخدمت كغرفة لتسخين الماء البارد الوارد إليها من خزانات خارجية عبر أقنية مبنية من الآجر الحراري، ونلاحظ في هذه الغرفة مدى الدقة في إنشاء هذه الأقنية الداخلة إلى مراجل التسخين والخارجة منه إضافة إلى أقنية تصريف المياه العادمة. والتي تتبعنا مجراها واكتشفنا الجدار 2AA2007 الواقع إلى الشمال من الجدار2AA2003 حيث يتعامد معه ويتجه باتجاه الشمال، هذا الجدار غير متقن من حيث أسلوب البناء ووظيفته هي تشكيل حاجز لتجميع المياه العادمة أو الزائدة القادمة من غرفة التسخين عبر قناة خاصة لذلك، تقع في منتصف الجدار 2AA2003 ومن ثم إلى خارج البناء باتجاه الوادي. الأقنية الفخارية: تم العثور داخل غرفة تسخين الماء 2AA2006 على أقنية فخارية مبنية بنوعين من قطع الآجر الحراري النوع الأول بأبعاد ( 24× 12) سم والنوع الثاني مربع الشكل تقريباً طول ضلعها (20) سم، عدد هذه الأقنية ثلاثة، واحدة رئيسية طولها (7.5) م وعرضها ( 50) سم وبجانبيها على اليمين والشمال اثنتين فرعيتين الغرض منهما الاحتفاظ بالهواء الساخن القادم من المصدر الحراري. يبلغ طول كل واحدة (3) م وعرضها (35) سم. أما القناة الرئيسة فهي تتصل مع القناتين الفرعيتين بواسطة فتحات صغيرة لكي يسهل السيطرة عليهما أثناء تسخين الماء وتوزيعه إلى أقسام الحمام المختلفة. وفي الزاوية الشمالية الشرقية من المربع عثر على موقد مبني من قطع الآجر المختلفة، وسقفه عبارة عن قطع صغيرة من الآجر على شكل قنطرة. هذا الموقد لم تكتمل معالمه أو وظيفته بسبب وقوعه خارج منطقة التنقيب في المربع 1AA1. ومن المعتقد أن تكون له وظيفة مكملة لعمل غرفة تسخين الماء وهذا ما ستكشفه أعمال التنقيب القادمة. المربع 3AA3 : تم تتبع الجدار 2AA2003 حيث استمر إلى داخل المربع 3AA3 وبلغ طوله (11.65) سم، وفي نهايته من الأسفل عثر على فتحة صغيرة مربعة الشكل طول ضلعها (29) سم ما هي إلا قناة لتصريف المياه العادمة باتجاه الوادي. ثم عثر على جدار آخر هو 3AA3002 يتقاطع معه ويتجه باتجاه شمال جنوب حتى يدخل إلى المربع المجاور، طول هذا الجدار ( 8.5) م ليتشكل لدينا القاعة 3AA3001 والمؤلفة من الجدران: 2AA2003 في الشمال والجدار 3AA3002 في الغرب والجدار 2AA001 في الجنوب والجدار 2AA005 في الشرق. لقد أمكن العثور داخل هذه القاعة على قاعدتين 3AA3003 و 3AA3004 وهما على ما يبدو قاعدتين لقنطرة مدمرة كانت مبنية من الحجر البازلتي المشذب، وإلى الشرق منهما عثر على قناة فخارية تتصل مع القناة الرئيسية التي ظهرت في المربع السابق عبر قوس مبني من الآجر، وعلى طابقين وهذا يبدو واضحاً في الجدار2AA2005. والواضح أن هذه العملية تفيد في حصر الماء بين الجدارين بحيث أن تستوعب القاعدة أكبر كمية ممكنة من الماء لتوزيعها عبر أقنية فخارية وعددها ثلاث مبنية من الآجر، وتتوضع تحت الجدار المكتشف مباشرة، ومن ثم تتجه إلى الغرب لتلاقي قناة عريضة 2BB2010 مبنية من الحجر البازلتي قادمة من تحت الجدار المكتشف 2BB2002، لتتجه شمالاً ثم غرباً بمحاذاة الجدار 2AA2001 لتدخل إلى القاعة 3AA3001 عبر الفتحة 2BB2011 وهي مربعة الشكل طول ضلعها( 25) سم في أسفل الجدار2AA2001 وقبل فتحة الباب 3BB3003 بمسافة ( 180) سم. بعد الكشف على الجدار 2BB2002 وهو بطول (880) سم وعرض (90) سم ويمتد إلى خارج المربع باتجاه الجنوب، تم العمل إلى الشرق منه ليتم الكشف في القاعة 2BB2003 على أرضية مبلطة بالحجر الكلسي القاسي وبمقاسات متنوعة. ولكنها مخربة في عدة أقسام وتمتد إلى خارج المربع باتجاه المربع1BB1 وتظهر هذه الأرضية بشكل واضح في جزء صغير يقع في الزاوية الجنوبية الشرقية للمربع، وعند التعمق تحت الأجزاء المخربة من هذه الأرضية، تم العثور على أرضية أخرى ولكنها منفذة بفصوص فسيفسائية قوامها الحجر الكلسي القاسي بمساحة (1) سم2 وباللون الأبيض تتخلله بعض الفصوص الملونة. ولدى المتابعة بأعمال التنقيب تبين أن هذه الأرضية تعرضت للتخريب في فترات سابقة ولكنها مستمرة إلى خارج المربع وقد أتضح لاحقا . ً وبعد إكمال عمليات التنقيب في المربع 1BB1 تبين أن هذه اللوحة لا تحمل أية رسومات أو صور تزيينية وربما هي مجرد حصير من الفسيفساء لأرضية قاعة الاستقبال، وتم الكشف عن ثلاثة ركائز لأعمدة الرواق خارج المربع هي الركيزة1BB1001 وعليها القاعدة مع جزء من العمود. والثانية1BB1002 عبارة عن الركيزة فقط وعثر بقربها على جزء منهار من العامود دون أن نتمكن من العثور على الأجزاء المفقودة منه وربما يتم الكشف عنها في أعمال التنقيب المقبلة خارج المربع. أما الركيزة الثالثة فقد عثر عليها وفوقها قاعدة العمود. والى الجنوب منها بقليل عثر على تاج بازلتي جميل من الطراز الأيوني يخص إحدى الأعمدة المنهارة، وهذا يشكل كشفاً هاماً للغاية إذ من خلاله استطعنا أن نؤكد عائدية السوية للفترة الرومانية. بعدها تم العمل إلى الغرب من هذه القاعدة وعثر على الجدار 2BB2004 وهو بطول (7.55) سم وعرض (95) سم يتخلله باب 2BB2007 بعرض ( 80) سم يفضي للغرفة 2BB2005 حيث كشف عن جزء من الجدار الشمالي لها. 2BB2006 بطول (180) سم وعرض (55) سم كما عثر في الجدار 2BB2004 على فتحة لقناة ماء 2BB2009 بعرض ( 50) سم متقابلة تماماً مع قناة أخرى عثر عليها في الجدار 2BB2002هي 2BB2010 مشابهة لها تماماً. غير أنها نفذت بطابقين وهذا يشير إلى وجود مستويين للماء: الأول وهو الأعلى يأتي من خزان مائي لتصريف الكميات الفائضة، والثاني وهو المنخفض ويمثل التصريف الطبيعي للماء باتجاه أقنية التغذية إلى داخل الحمام. بعد اكتشاف الجدار 2BB2002 والجدار 2BB2004 نتج لدينا فسحة سماوية هي الممر 2BB2008 الذي يخلو من الإشغالات. تتميز تربته عن غيرها من أجزاء التل وما حوله بأنها تربة حمراء فاتحة، حيث تم إجراء سبر اختباري في القسم الجنوبي منه وعلى عمق ( 40) سم من مستوى الجدران الآنف الذكر. تم الوصول إلى الصخر الطبيعي دون العثور على الكسر الفخارية أو أية مخلفات بشرية وهذا يدل على مايلي: 1 – أن جدران الحمام أقيمت على الصخر الطبيعي. 2- أن الممر 2BB2008 يمثل سطح الأرض الطبيعية التي أقيم عليها التل. 3- هذه السوية هي الأرض البكر وتمثل بداية الاستيطان البشري في هذا الجزء من هذا التل في العصر الروماني. المربع 3BB3 : للغرب من الغرفة 2BB2005 عثر على جزأين لجدارين يأخذان اتجاه مختلف عن بقية الجدران، يأخذ الجدار 3BB3001 اتجاه زاوية شمالية غربية بينما يأخذ الجدار 3BB3002 اتجاه زاوية جنوبية غربية ومن المحتمل أن يكونا حديثي العهد لا يتبعان إلى السوية التي يعود إليها الحمام، وربما يكونا عائدين إلى منشأة أو برج دفاعي غايته الاستطلاع، قريب من سور المدينة الغربي المطل مباشرةً على الوادي السحيق. إن دراسته تستوجب الكشف الكامل عنه حيث تعرض للهدم سابقاً في الزاوية الشرقية التي يلتقيان بها. اللــــــقى : أ- إبريق صغير من الفخار ذو عنق صغير له عروة واحدة . ب- إبريق صغير من الفخار له عروة واحدة وعنق متوسط . ج- صحن من الفخار دائري الشكل . د- صحن من الفخار له شفة مائلة للخارج، ربما له وظيفة سكب السوائل . هـ- سراج فخاري عليه بعض الزخارف النباتية والحيوانية. و- سراج فخاري دائري الشكل . كما عثر على العديد من الكسر الفخارية المتنوعة والتي تعود إلى أواني مختلفة بالحجم والنوع بعضها لجرار كبيرة الحجم عثر عليها في جميع المربعات وخاصة في المربع 2BB2 . وقد تميزت هذه الكسر بسماكتها وهشاشتها ووجود قبضتين لمعظمها كما يوجد لبعضها تحزيزات عرضانية على الثلث الأوسط من الجسم. كذلك تم العثور إلى جانب كسر الجرار الكبيرة على كسر لأواني رقيقة وصغيرة وتتميز بدقة الصنع ونقاء المادة الغضارية المائلة للون الأحمر الداكن وعلى جسمها تحزيزات غائرة، لبعضها قبضة واحدة ولبعضها الآخر قبضتان، كما عثر في المربعات الثلاثة على كسر فخارية متنوعة تعود لعصور مختلفة نستطيع تمييزها على النحو التالي: أ- كسر فخارية حمراء اللون نقية وناعمة سطحها الداخلي والخارجي مصقول ولامع من نوع (السيجلاتة) التي ساد تصنيعه بالفترة الرومانية. ب- كسر فخارية ذات اللون الأحمر الفاتح: الشفة أهليلجية مائلة قليلاً للداخل تعود لأباريق بقبضة واحدة على جسمها تحزيزات غائرة ونافرة، وبعضها يعود لأواني خاصة بالطبخ (عليها أثر للحرق المباشر ) ولها فوهات عريضة مع وجود مقبضين يعتقد بعائديتها للفترة البيزنطية. ج- كسر فخارية مزججة: بعضها مزجج من الداخل باللون الأخضر وبعضها الآخر مزجج باللون الأصفر، وغيره مزجج من الداخل والخارج بهذين اللونين مع وجود بعض الرسومات الهندسية المنفذة باللون الأسود على خلفية ملونة، صفراء أو خضراء هذا النوع ساد تصنيعه بالفترات الأيوبية المملوكية العثمانية. د- فخار أبيض مائل للأصفر: ناعم ونقي من الشوائب بأحجام مختلفة، الجدران سميكة يوجد عليها تحزيزات عرضانية غائرة وبدرجات متفاوتة يعتقد بعائديتها للفترة البيزنطية. 2- اللقى الزجاجية: عثر على العديد من الكسر الزجاجية المتنوعة التي تمثل نماذج مختلفة لأواني متعددة الاستعمالات مثل: أ- كسر لأواني رقيقة الجدران بعضها بدون قواعد مخصصة لحفظ العطور. ب- كسر لأواني سميكة الجدران وبألوان: أبيض و أزرق تمثل زجاجات كبيرة وكؤوس وأباريق وصحون لمختلف الاستعمالات المنزلية. ج- كسر زجاجية مستوية عائدة لألواح من الزجاج الملون لتغطية نوافذ الحمام. وإذا قارنا نماذج من هذه الكسر مع نماذج أخرى كاملة ظهرت في العديد من المدافن في: نوى – اليادودة – جملة – شعارة – نستطيع أن نؤرخها للفترتين الرومانية و البيزنطية. 3- اللقى المعدنية: أ- من الحديد: عثر على العديد من المسامير الحديدية المهترئة وبقياسات متنوعة. ب- من البرونز: تم العثور على ثمانية وعشرين قطعة نقدية بمعالم غير واضحة. 4- اللقى الحجرية: تم الكشف عن العديد من الأدوات الحجرية هي: أ- أجزاء من رحى لطحن الحبوب مصنوعة من الحجر البازلتي. ب- أجزاء من أعمدة وتاج من الطراز الدوري. ج- مدقات من البازلت. تعليقات الزوار |
| محمد |    | 22/10/2007 12:48 | في تل ثاني اسمه الأشعري في غرب اربد |
|
|
|