لا توجد بصمات متشابهة بين البشر، لكل امرئ منه بصمته الخاصة والمختلفة عن بصمة غيره، ولكل قفل مفتاح خاص به، ومن هذه الحقائق يمكن أن نستفيد في علاقاتنا مع الآخرين..
ننظر إلى الذين يتعاملون مع الحجر البازلتي «الأسود أو الأزرق» فهو وعلى الرغم من صلابته وتماسكه إلا أنه يكون ليناً ومرناً بيد من امتهن هذه الحرفة، فلو حاولت أن تضربه ب «المهدة» عشرة أيام متتالية فقد لا تستطيع ان تنتزع منه أي جزء يسير لكن أصحاب هذه المهنة ومن ضربة واحدة أو ضربتين يفلقون الصخرة الكبيرة إلى نصفين وكأنها «خيارة» قُطعت بسكين حادة، نسألهم فيقولون: إنها حرفتنا، ولكل صخرة «ديرتها» أي الطريقة المثلى للتعامل معها.
نستغرب أحياناً كيف يتعامل النحّالون مع الحشود الكبيرة من هذه الحشرات المفيدة دون أن يتعرضوا للسعها بينما إن خرجتُ أنا أو أنت في نزهة قصيرة أيام الربيع قد نعود بأكثر من «عضة»!
العلاقات الاجتماعية وعلى الرغم من جودتها في مجتمعنا العربي السوري إلا أنه وفي أحيان كثيرة تداخلها بعض المفاهيم الخاطئة التي تغطي على جوانب عديدة من هذه العلاقات فنتهمها بدل أن نتهم أنفسنا بالعجز عن فهمها..
بدل أن تفرض قناعاتك ومقدماتك وشخصيتك على الآخر حاول أن تفهم هذا الآخر وأن تبحث عن القواسم المشتركة بينك وبينه قبل أن تنفر منه على جناح الاختلاف الطبيعي بينكما، وبدل أن نتحدث ونتصرف بالشكل الذي يرضي الآخر ولا يخرجنا عن قناعاتنا أو يدفعنا للتخلّي عن مصداقيتنا.
لا نقترب من حدود المجاملة فهذا أمر آخر، ولكن الانتباه إلى تفاصيل الآخر تسهّل علينا الوصول إلى قناعاته مع الإشارة إلى أنه في خطأنا بعض الصحّ وفي صحّنا بعض الخطأ ولا يوجد ما هو مطلق تماماً.
في اماكن العمل وحيث تحضر الساعات الطويلة بين زملاء العمل فقد يُعطى الوقت الكافي للتعرف على من يشاركونا المكان وبالتالي فمن الطبيعي أن نجد الوسائل الكفيلة ببقاء هذه العلاقات هادئة وقائمة على الاحترام المتبادل والحبّ، ولا تنسى أنه لكل قلب مفتاح ولكل عقل مدخل ووسيلة تأثير.
يقولون في الأحاديث الدارجة: من لا يجود لك يجود لغيرك، ونضيف عليها: من قد تعتبره جافاً معك قد يكون طيباً جداص مع غيرك والمشكلة تنحصر هنا في تفاصيل التعامل بينك وبينه.