ذلك لأنه لم يكن بإمكانها أن تبعث إلى الوجود دون تجميع شتات من الأقوام من بلدان ودول عديدة في العالم، الأمر الذي اقتضى سياسة تقوم على السطو على الأرض وتوطين الأشتات فيها.
قبل سبع سنوات تم إنزال العلم الإسرائيلي في قطاع غزة بعد أن غادرها قرابة 8700 مستوطن يهودي من 21 مستوطنة إسرائيلية (حسب مركز الإحصاء الإسرائيلي عام 2004)، تم إجبارهم على الرحيل وإزالة كافة المستوطنات من القطاع والتي بلغت مساحتها 155 كم2 تقريباً، كما تبلغ مساحة المناطق المسماة المناطق الصفراء (مناطق المستوطنات) 15.8 كم2 والمناطق الأمنية 58.03 كم2 والمواقع العسكرية 2.42 كم2 أما المناطق المجرفة التي كانت لأغراض توسعية صهيونية فتبلغ مساحتها 8.43 كم2 كل ذلك يشكل ما نسبته 40% تقريباً من مساحة القطاع البالغة 365 كيلو متراً مربعاً.
بلغ عدد مستوطنات القطاع 21 مستوطنة أنشئت أولها في العام 1968م، وهي مستوطنة «إيرز»، وآخرها مستوطنتا «أيلي سيناي» و»ونفي ديكاليم» في عام 1993م، ويمكن تقسيم مستوطنات القطاع إلى ثلاثة أقسام، وهي:
مستوطنات الشمال: حيث تعد منطقة «ايرز» الصناعية أول مستوطنة أقيمت في القطاع في العام 1968م بعد احتلال القطاع بعام واحد، بمساحة 1200 دونم يقطنها حوالي 400 مستوطن، وتلعب دوراً هاماً في التحكم والعبور إلى داخل ما يسمى الخط الأخضر، وتأتي ثانياً مستوطنة «نيسانيت» أنشئت عام 1982، وتقع شمال شرق بيت لاهيا، ومساحتها 1610 دونمات يقطنها 550 مستوطناً، وثالثها مستوطنة «إيلي سيناي» أنشئت عام 1983، وتقع على شاطئ البحر مباشرة، ومساحتها 291 دونماً يقطنها 300 مستوطن، ورابعها «دوغيت»، ومساحتها250 دونماً يقطنها 70 مستوطناً، وجميع هذه المستوطنات مقامة على أراضي بلدة بيت لاهيا، وتعد أراضيها من أجود أراضي القطاع، كما أنها تتحكم بمخزون ضخم من المياه العذبة.
مستوطنات الوسط: وتمثلها مستوطنتا «نيتساريم» أنشئت عام 1972، تقع جنوب غرب مدينة غزة على مساحة 2200 دونم ويسكنها 41 عائلة، ومهمتها السيطرة على جنوب وغرب المدينة، وكذلك على المعسكرات الوسطى ك «النصيرات» و»البريج» و«المغازي»، كما تسيطر على مفرق الطرق الرئيس الرابط شمال القطاع بجنوبه، و»كفار داروم» المقامة على أراضي مدينة دير البلح، ومساحتها 265 دونماً يبلغ عدد أفرادها نحو 200 مستوطن، وتتحكم بمدخل مدينتي دير البلح وخان يونس.
مستوطنات الجنوب: منها «نتصير حزاني» أنشئت عام 1973م بمساحة 2038 دونماً ويقطنها ما بين 50-60 عائلة وبها حوالي 180 منزلاً، و«غوش قطيف» 1993 دونماً، و«جني طال» أنشئت عام 1987م بمساحة2450 دونماً يقطنها نحو 400 مستوطن، و«نفي ديكاليم» 1171 دونماً ويقطنها نحو 2000 مستوطن، و«جان اور» 1692 دونماً يقطنها نحو 280 مستوطناً، وجميعها مقامة على أراضي مدينة خان يونس، و«بدولح» 1456 دونماً يسكنها ما بين 40-50 عائلة من بينها 15 عائلة من القادمين الجدد من فرنسا، و«بني عتصمونة» 882 دونماً يقطنها نحو 450 مستوطناً، و«بآت سديه» أنشئت عام 1989م، مساحتها نحو 1500 دونم، ويوجد فيها 45-50 عائلة معظمها من جنود الجيش الصهيوني، و»رفيح يام» أنشئت عام 1984م، مساحة 574 دونماً ويبلغ عدد أفرادها نحو 120، وأغلب المقيمين فيها من الجنود الصهاينة، و«موراج» 1400 دونم يقطنها نحو 150 مستوطناً، وتقع على أراضي مدينة رفح، وتعد هذه المستوطنات سلسلة متشابكة تبدأ من مستوطنة «نتصير حزاني» شمالاً، وحتى الحدود المصرية جنوباً، وأكبرها وأخطرها مستوطنة «نفي ديكاليم» الواقعة على مفترق طرق رئيس، ويحدها شرقاً مخيم خان يونس، وغرباً منطقة المواصي وشاطئ خان يونس.
إضافة إلى مواقع استيطانية مثل: يغول – تل قطيف – سلاف «سلاو» - المنطار – ميراف – دورون شوشان.
أما من الناحية الوظيفية فتنقسم المستوطنات الإسرائيلية إلى أربعة أقسام رئيسية: المستوطنات المدنية وهي مواقع للسكن، والمستوطنات الزراعية، والكييوتسات وهي المستوطنات التعاونية، إضافة إلى المستوطنات الصناعية.
ولم يتم اختيار المستوطنات في القطاع بصورة عشوائية، وإنما كان بعد مسح شامل ومعاينة للمكان المطلوب، ومن ثم الاستيلاء عليه وتحويله لمستوطنة، فجميعها قريبة من تجمعات الفلسطينيين وتتحكم في مفترقات الطرق الرئيسة، وتحتكر أجود الأراضي الزراعية، وتحتها مخزون هائل من المياه العذبة الشحيحة بالقطاع.
لقد تم إخلاء المستوطنات الإسرائيلية والمنشآت العسكرية الدائمة وسحب القوات العسكرية من قطاع غزة يوم 12/9/2005، بناءً على الخطة الإسرائيلية أحادية الجانب لفلك الارتباط، وعليه فإن الاستيطان الإسرائيلي في قطاع غزة أصبح من الماضي، ولكن هذا الإخلاء لم يضع نهاية لسيطرة إسرائيل على غزة، وإنما غيّر من طريقة تنفيذ هذه السيطرة عن طريق: السيطرة التامة على المجال الجوي والمياه الإقليمية للقطاع؛ سيطرة محكمة على معابر القطاع الأرضية؛ سيطرة على الأرض عن طريق شن غارات ووجود قوات برية بشكل متقطع «مناطق محظورة»؛ سيطرة على سجل عدد السكان الفلسطينيين إضافة إلى «المقيمين» في قطاع غزة؛ سيطرة على السياسة الضريبية وتحويل عائدات الضرائب؛ سيطرة على قدرة السلطة الوطنية الفلسطينية ممارسة مهامها الحكومية؛ وعلى الضفة الغربية التي تشكّل مع قطاع غزة وحدة إقليمية واحدة.
تظاهر الأسبوع الماضي المئات من المستوطنين الصهاينة، من سكان المستوطنات المحيطة بقطاع غزة في النقب الغربي، أمام مركز الحكومة الصهيونية، احتجاجاً على الوضع الأمني المتدهور الذين قالوا إنهم يعانون منه منذ 13 عاماً وإنه وصل أخيراً إلى حالة لم يعد بالإمكان التعايش معها، وقال عدد من المعتصمين: إنه لم يعد من الممكن السكوت عن اللامبالاة التي تظهرها الحكومة إزاء أوضاع سكان النقب الغربي وغلاف غزة، حيث يحيط بقطاع غزة العديد من المستوطنات أهمها وأكبرها بئر السبع والنقب الغربي، يليها أشدود، ثم مستوطنة «غان يفنيه» و«أشكول» و«شاعر هنيغف» و«كريات ملاخي» قرب أسدود التي تبعد 40 كيلو متراً عن قطاع غزة، تسيطر هذا المستوطنات على المعابر الاستراتيجية والجغرافية المهمة، ضربت سوراً حول القطاع يضعه في عزلة تامة.
لقد حولت هذه المستوطنات حياة الفلسطينيين إلى جحيم لايطاق، كما ظلت إسرائيل تفلت من العقاب على مدى أكثر من ستة عقودٍ من الزمن رغم استمرارها في المشاريع الاستيطانية التي تمثل تحدياً صارخاً للقانون الدولي الأمر الذي أشعرها بأنها قوية وأنها فوق القوانين والأعراف الدولية.