وفي أحد الأيام دخل رجل إلى مجلسه وقال: يا سيدي ذهب أجيري في الصباح ليتابع أعمال الحراثة في الحقل، وعندما أراد أن ينبش سكة الحراثة من التراب، حيث كان قد طمرها في مساء اليوم السابق، فوجىء بأنها غير موجودة، ولابد أن يكون أحد الناس قد راقب الأجير وتسلل إلى مكان السكة وسرقها.
وكان في مجلس الحاكم بعض رجال حاشيته، فقال أحدهم: أعتقد أن أجيرك هذا رجل منافق، وقد باع السكة وتصرف بثمنها، فقال الرجل: أجيري رجل بار، يصوم ويصلي ويتقي الله، ولا أشك أبداً بأمانته.
وقال آخر: إذا كان أجيرك كما تقول، فلا بد أنه ساذج ونسي المكان الذي طمر فيه السكة.
وهنا قال الرجل: أجيري فطين جداً، ولم يسبق له أن أهمل أو نسي شيئاً.
فقال آخر: إذا كان أجيرك هكذا أميناً وفطناً، فلا بد أن يكون ابن آوى، مر بالمكان ليلاً واشتبه بالأمر فنبش السكة وأكلها.
فضحك الرجل وقال: هذا معقول، عندئذ صاح الحاكم أبو دكة: مادمت تعرف أن ابن آوى هو الذي أكل سكتك، فلماذا جئت تتهم أحد الناس.
فقال الرجل: لئلا يقال، الواوي أكل السكة.