تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


من ظرفاء دمشق (56).. حكمت محسن .. بلا غرفة

ساخرة
الخميس 22-11-2012
نصر الدين البحرة

ما عرف تاريخ الكتابة في سورية كاتباً غزير الإنتاج مثل حكمت محسن

وكان يغمس ريشته في قلب المجتمع منقراً عن همومه ومشاكله، ليحولها تمثيلية إذاعية- وربما مسرحية- لا تخلو من طرافة، سواء في لهجتها أو مواقفها، ليجعل المستمع يضحك، أو يبتسم على الأقل أو يتأمل.‏

وكانت تمثلياته كثيرة على نحو يلفت النظر، وهي كما صنفها الفنان الكبير تيسير السعدي- رفيق رحلة حكمت محسن في ربع قرن تقريباً: ترفيهية، ودرامية وتراثية، وحكائية. وإنما تبدو طرافتها أو بعض طرافتها من عناوينها المستقى بعضها من الفولوكلور الشامي.‏

عمشة والقاق والكركوزاتي!‏

من هذه العناوين الطريفة: يا آخذ القرد على ماله، مذكرات حرامي(لص). حاوي جراب الغرايب، أبو علي الحكواتي، علي الكركوزاتي، عمشة الرقاصة، عزّو القاق(الغراب)، ويقول الأستاذ السعدي: كانت الحكمة متضمنة في التمثيلية بشكل دائم، ولم يعد الضحك وحده هو الغاية.‏

حكمت محسن موظفاً رسمياً‏

ولاشك أن استقبال الأستاذ محسن في بعض الدوائر الرسمية، على نحو لا يتضمن الاحترام الواجب تجاه الفنان- فكيف إن كان كبيراً!؟-إنما يعكس إلى بعيد، الموقف العام من الفن عامة، في فترة معينة من تاريخ سورية الحديث، وهذا ما جاء في حديث ابنه الأستاذ أيمن المنشور في مجلة (هنا دمشق).‏

كالوزير.. بلا وزارة‏

يقول أيمن محسن: إن المسؤولين لم يقدموا لحكمت محسن وفرقته أي فرصة حقيقية في التلفزيون، فكان كالوزير بلا وزارة، يتبرّك به في المناسبات، ويشاد بفضله وفنه وعبقريته، ثم تنحرف عنه الأضواء.‏

بين الردهات.. ولا غرفة‏

ويتابع المؤرخ أكرم حسن، العلبي في كتابه (ظرفاء من دمشق) هذا الحديث، فيقول نقلاً عن أيمن: لم يكن لوالده مكان محدد في مبنى التلفزيون، فلم يكن له مكتب ولاغرفة، بل كان يقضي نهاره في التجول بين ردهات المبنى حتى يحين موعد الانصراف.‏

حين عوقب حكمت محسن‏

ويستطرد أيمن قائلاً: وحدث أن غادر مبنى التلفزيون في يوم من الأيام قبل نهاية الدوام، ففرضت بحقه عقوبة مسلكية يحتفظ الفنان تيسير السعدي بصورة عنها.‏

ولم يكن الحال أفضل عندما نقل حكمت محسن إلى وزارة الثقافة فلم يجد له مكاناً فيها، ولا في أذهان المسؤولين عنها، بل كانوا دوماً يغرقونه بمعسول الكلام، ويروغون منه كما يروغ الثعلب. وكان في تلك الأيام يحلم بتأسيس(المسرح الشعبي) على أن يسير جنباً إلى جانب مع (المسرح القومي)، ولم يقتنع المسؤولون بفكرة هذا المسرح، كما يقول الأستاذ علبي، أو «لعلهم خافوا على المسرح القومي الذي انفرد بالساحة الفنية، يقدم عروضه لطبقة محدودة جداً».‏

إنشاء المسرح بعد وفاته‏

بالطبع فإن الوزارة بادرت إلى إنشاء المسرح الشعبي، بعد رحيل حكمت محسن، لكنه بقي بين مد وجزر، حتى اختفى نهائياً.‏

على كل حال فإن في الإمكان الحديث هنا عن حكمت محسن مسرحياً، أي كاتب مسرحي، وقد شاهدت مسرحيته الهامة(صابر أفندي) في عرضها الثاني في السبعينات، وكانت قد عرضت للمرة الأولى على مسرح سينما فريال- هدمت في الثمانينات وقام مكانها مبنى حديث كبير- بالصالحية في أواخر سنة 1957.‏

صابر أفندي المسرحية الأهم‏

قدم حكمت محسن أيضاً مسرحية أخرى، هي(بيت للإيجار) وذلك سنة 1960، وثالثة هي (سورية في خمسين عاماً) قدمتها فرقة أمية للفنون الشعبية، وكانت لوحات تاريخية من سورية، مهما يكن من أسر، فعندي أن (صابر أفندي) هي الأهم بين هذه الأعمال، وهي جديرة بحديث خاص.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية