هذا ما كتبته و صرحت به سوزان لينداور في أكثر من لقاء مع وسائل الإعلام .وهي صاحبة كتاب « الإجحاف المتطرف » التي تحدت فيه الإدارة الأميركية و انقلبت على وكالة الاستخبارات السي آي إيه التي كانت تعمل بها كضابط اتصال منذ تسعينيات القرن الماضي حتى بداية الغزو الأميركي للعراق بعد أن كشفت الكثير من جرائم المخابرات الأميركية و قالت إن أميركا مسؤولة عن كل ما يجري من أحداث مأساوية في العالم .
تركز سوزان لينداور على أنهم وضعوا قانون باتريوت آكت بعد أحداث ١١ أيلول و هو ما سمي « قانون الأمن الوطني » الذي يتيح لأجهزة الأمن إدراج أي كان ضمن قوائم الإرهاب كما ينص على مراقبة الاتصالات و البريد الالكتروني والاطلاع على المقتنيات الشخصية للناس ثم نسف الحقوق المدنية للمواطن فهو قانون ينظر إلى حرية التعبير و كأنها تمرد، إذاً هي مؤامرة معقدة حبكوها في ٧٠٠٠ صفحة صيغت بطريقة مخادعة لقطع الطريق على المواطنين في أي شيء يفكرون به حول سياسة الحكومة أي إن حرية التعبير معرفة لديهم كضريبة أفكار وتهديد للحكام الراغبين في حفظ الاستقرار وبهذا أصبح قانون « باتريوت أكت » السلاح الأقوى ليستخدم ضد كل من يعكر صفو القادة السياسيين مع أن الكونغرس أكد لنا أن هذا القانون يستهدف فقط الأجانب القادمين إلى أرضنا ليدمروا نموذج حياتنا بالجرائم و العنف .
و تتابع سوزان : الأميركيون الذين يحترمون القانون لا يخشون شيئا وهذا القانون يقتصر فقط على التنصت الهاتفي و قد أقسم الكونغرس أن هدفهم الوحيد تفكيك الخلايا الإرهابية، هذا ما قالوه لكم و صدقتموهم أليس كذلك ؟ .
إن ثقتكم بالحكومة هي غلطتكم الأولى و ما يخص الباتريوت أكت هي غلطة قاتلة لقد ذهبوا بهذا القانون إلى أبعد مما زعموا بكثير فقد تسللوا به إلى جميع مفاصل حياة الأميركيين حتى إلى شبكات عمل المناخ المكرسة للطاقة الهوائية كما استهدف المعارضين لقانون الحكم بالإعدام أي إنه من خلال باتريوت أكت خلقت الحكومة الأميركية أداة قوية لمصادرة حرية الفكر لدى التيارات جميعها من يمين و يسار بحيث لا يستطيع أحد الاعتراض على سياسة الحكومة .
وتضيف لينداور : لقد كنت الشخص الثاني المتهم من قبل باتريوت أكت و أنا من رعايا الولايات المتحدة - ولست عربية - مع أني لم أكن إرهابية أتآمر على تفجير واشنطن بل بالعكس عملت كثيرا على مناهضة الإرهاب لدى الأمم المتحدة منذ أكثر من عقد من الزمن في العراق و ليبيا و في اليمن ومصر و ماليزيا و كنت قد وجهت تحذيرا مسبقا من هجوم ١١ أيلول إلى المدعي العام جون أشكروفت في آب ٢٠٠١ كما يثبت تنصت مكتب التحقيقات الفدرالية على هاتفي بأني قدمت خطة مشروع سلام مع العراق قبل الغزو بأشهر مشيرة للبيت الأبيض أن هذه الحرب عبثية و قد سلمت الوثائق إلى الديمقراطيين و الجمهوريين وإلى وزير الخارجية حينذاك كولن باول قبل أسبوع من خطابه المشؤوم في الأمم المتحدة و أكدت لهم أنه بالسلام يمكن أن تصل الولايات المتحدة إلى أهدافها في العراق و دون حرب .
لقد عملت بكل طاقاتي لتصحيح الأخطاء في فرضيات البيت الأبيض و طلبت من جون ماكين تشكيل لجنة للاستماع إلي و أنا فخورة بجهودي و لم أكن أتوقع بتاتا أن الكونغرس سيعاقبني بتهمة « استخبارات سيئة » لأصبح بعدها العدو الأول للبيت الأبيض ويتم توقيفي لسنوات ولم يمنحني عملي في مناهضة الإرهاب أي حماية أو حصانة بل تعرضت للتفتيش دون أمر من عناصر التحقيقات الفدرالية الذين تناقشت معهم حول معارضتي لتعذيب المساجين العراقيين و إذلالهم و لم أستطع خلال خمس سنوات من اتهامي الاطلاع على أي شهادات من مكتب التحقيقات الفدرالية حتى المحامون الذين وكلتهم لم يستطيعوا الاطلاع على تصريح لجنة القضاة لأنه بحسب باتريوت أكت لا يحق لمن يقرع جرس إنذار أن يعرف ما تهمته ولا تاريخ مخالفته المزعومة و لا القوانين التي خرقها و حين يصدر الكونغرس قرار اتهام ضد خصم سياسي فإن وزارة العدل تجبر محامي الدفاع الخضوع إلى تأهيل أمني بينما المواطن الذي قرع جرس الإنذار يقبع في السجن وينتظر في زنزانة معزولة وبمجرد تمت الموافقة على ترخيص أمني فإن النائب العام يحق له قطع الطريق على المحامين ومنعهم من الاتصال مع أي كان بل يهدد المحامون بشطب أسمائهم من النقابة و دفع غرامة وحتى عقوبة بالسجن، وإذا ربح أحد قضية فالوضع يصبح أسوأ لأن باتريوت أكت لا يلزم المدعي العام بتقديم أدلة الجرم للقضاة وقد تجد لجنة القضاة نفسها ممنوعة من معاينة نقص الأدلة في حال توجبت الإدانة ... والحكاية تطول.
إذا كنتم تظنون أني أبالغ فأنتم على خطأ لأن هذا ما حصل معي بل أكثر مما تتصورون من المتاعب التي واجهتها ومع أنهم رفضوا قضيتي فقد صارعت بقوة كي أدافع عن حقوقي بعدما رميت في السجن في قاعدة عسكرية في تكساس دون أي جلسة استماع لي في المحكمة بل هددت بالسجن مدى الحياة والانتظار طويلا .
يشار إلى أن سوزان لانداور تلقت عرضا بمليون دولار لقاء سكوتها وعدم نشر كتابها لكنها رفضت ذلك .