تموز الماضي!!وأكثر ما أكد حرص اسرائىل على تطبيق قرارات مجلس الأمن هو خوضها حرباً ضد لبنان من أجل تطبيق القرار 1559!! ربما صار دعم استمرار العدوان على أي بلد بمثابة إعلان الحب عليه!!وربما أيضاً يكون تحلل أي طرف من الالتزام بقرار دولي واحداً منذ عام 1948 هو الذي يعطيه مصداقية القيام بعمل عسكري لتنفيذ القرارات الدولية!!
وبناء على هذه( الصيرورة) وتلك..لا بد من إعادة تصنيف تعبيري الحب والالتزام انطلاقاً من حب أمريكا للبنان بل وللعرب جميعاً ومن التزام اسرائيل بأن تكون الشرطي الساهر على حماية الإرادة الأممية!!.
لأن أمريكا تحب العرب غزت العراق ودمرت بنيته التحتية وأشاعت فيه الفوضى مهجرة علماءه والملايين من أبنائه ولأنها تحبهم قتلت مئات الألوف من العراقيين وجرحت ما لا يحصى وأعادت بلداً عربياً إلى عصور التخلف والجهل, وكلفت الفتنة بتقسيم وتقطيع أوصال لوحة فسيفساء أصيلة أهدت للعالم حضارة رافديها منذ سبعة آلاف عام.
إن العراق هو نموذج الحب الذي يحاول الأمريكيون تعميمه في إطار تحقيق مشروع (الشرق الأوسط الكبير ),وللمراهنين على هذا المشروع نستحضر قول أحد الفلاسفة ( المجنون من يقدم على العمل نفسه ويتوقع نتائج أخرى).
وفي التطبيق العملي لهذا القول فإن على العرب أن لا يتوقعوا قطف ثمرة العشق الأمريكي لهم, أو الالتزام الاسرائىلي بالشرعية والغريب الغريب أن يراهن أي عربي على أمريكا...!
هل يكون عاقلاً من يعتقد لحظة واحدة صدق نبض واشنطن تجاه القضايا العربية? إن المراهنين على أعداء قضايانا هم عملاء ينفذون أدوارهم تحت مظلة يافطات وشعارات تقلب حقائق الصراع في المنطقة بين الأمة وأعدائها.
أيام الحرب على لبنان نتذكر جميعاً كيف اتكأ المندوب الاسرائىلي في مجلس الأمن على تصريحات ومواقف نواب لبنانيين!!لقد وصلت الإباحية السياسية ببعضهم إلى تجاوز اسرائىل في اتهام أعدائها.
ألم يتهموا حزب الله بشن العدوان على اسرائيل?! وزد على ذلك فإن معادلة الصراع حسب هؤلاء لم تعد بين عدو مغتصب وأصحاب حق, إنه بين أبناء المجتمع الواحد.
كل تصريحاتهم ومواقفهم تؤدي وظيفة التجييش الطائفي والمذهبي. لقد ذهبوا بعيداً في تنفيذ إملاءات اسرائىل وأمريكا لزرع الفتن في لبنان.. وصولاً إلى توطين الفلسطينيين فيه وخسارته الريادة السياحية في المنطقة, وكسر إرادة دفاعه عن الأرض والكرامة..
إنهم يريدون بصريح العبارة أن يحل صراع مذهبي مكان الصراع بين الأمة والمتربصين بأمنها ووجودها.
وإدراكاً من الدكتور سليم الحص رئيس الوزراء اللبناني الأسبق لهذا التوجه جاء تحذيره:(نحن أمام خيارين إما أن نقاتل اسرائيل أو نقاتل بعضنا).
بعبارة أخرى: إما أن تنصهر معادن الوطن في المرجل الوطني أو تنتصر لا سمح الله مناخات السقوط المذهبية والطائفية.
وبشكل عام أناطت أمريكا ومعها (اسرائىل) وكل المتآمرين.. بهذه المناخات مهمة تمزيق الشرق من باكستان وأفغانستان وصولاً إلى مصر والسعودية....
لقد اتضحت بشكل جلي أبعاد المؤامرة وخطابها السياسي والإعلامي.. وحين تعي الشعوب خطورة أي توجه فإنه لا خوف من المستقبل.. ومهما حاول بعض الساسة أن يلعبوا فوق فوهة البركان فإن النار لن تلفح بالعار والخزي سوى وجوههم ووجوه أسيادهم.