بجامعي الأموال عندما ائتمنوهم على تحويشة العمر من أجل استثمار هذه الأموال مقابل نسبة من الأرباح قد تكون مغرية وتدفع شهريا أو سنويا!
الشريحة الأكبر من الذين أودعوا أموالهم لدى جامعي الأموال كانت غايتهم تحقيق ربح مشروع بعيدا عن المصارف والفوائد لأنهم لا يؤمنون بأن المال يتوالد ولا يقبلون تقاضي أي فائدة مقابل مبلغ من المال يودعونه في المصرف. وحتى الذين كانوا يودعون أموالا في المصارف كانوا لا يتقاضون فوائد عليها بل تظل كوديعة أو كحساب جار لحين الطلب.
قد يكون سبب لجوء شريحة من الناس الى جامعي الأموال هو عدم وجود أوعية ادخارية مناسبة يقتنعون بها, كالمصارف الإسلامية التي كانت تتواجد في العديد من البلدان والتي تقوم على التشاركية واستثمار أموال المشاركين في مشاريع منتجة تدر أرباحا توزع على المساهمين أو المشاركين في نهاية العام.
الأشخاص الذين سلموا أموالهم لجامعي الأموال كانت غايتهم تشغيل هذه الأموال واستثمارها في مشاريع وأعمال تجارية وصناعية وزراعية وغيرها ولم يكونوا يتوقعون الوقوع في حبائل هؤلاء وبالتالي ضياع أموالهم أو الجزء الأكبر منها.
مليارات الليرات يملكها مواطنون ذهبت أدراج الرياح بين عشية وضحاها وعندما انكشف أمر جامعي الأموال وتم الحجز على أموالهم المنقولة وغير المنقولة لم تجد السلطات المختصة إلا الجزء اليسير من الأموال على شكل أموال غير منقولة, وبما لا يفي إلا بجزء يسير من حقوق الناس الذين غرر بهم وكانوا ضحية لأناس اتقنوا من الاحتيال والعزف على الوتر الحساس لمشاعر الناس وهو تقديم الأرباح الكبيرة حينما ألقوا إليهم بالطعم, فتلقوه عن رغبة وربما طمعا في الحصول على ربح أكبر!!
لقد كانت تجربة مريرة للكثيرين ممن سلموا أموالهم لجامعي الأموال, فخلفت العملية آثارا سلبية ومؤلمة خاصة الذين باعوا ممتلكات ومصاغا ومواشي وأراضي ومقتنيات على أمل تعويض كل ذلك عندما تعود عليهم تلك الأموال بالأرباح المأمولة التي وعدهم بها جامعو الأموال!!
لكن الأموال ذهبت ولم يحصلوا على الأرباح وضاع كل شيء.
واليوم تدخل الى السوق السورية نوعية جديدة من المصارف وهي المصارف الإسلامية بعد أن تم الترخيص لثلاثة مصارف وكان الاقبال عليها كبيرا ولقيت ترحيبا غير عادي من قبل شريحة كبيرة من الناس التي فقدت ثقتها بالمستثمرين الذين كشفوا فيما بعد وتبين أنهم من جامعي الأموال.والمصارف الجديدة كما قلنا سابقا تقوم على التشاركية واستثمار أموال المشاركين في مشاريع منتجة ويتحمل المشاركون مخاطر الاستثمار من ربح وخسارة وهم يتقاضون في نهاية العام نسبة من الأرباح تزيد أو تنقص حسب الأرباح التي يحققها المصرف وحسب المجالات التي يستثمر أموال المشاركين فيها.
ويبدو أن التجربة ستكون ناجحة في سورية بدليل إقدام الناس على الاكتتاب لدى هذه المصارف الإسلامية.
هذا الإقبال على المشاركة في المصارف الإسلامية هو دليل ثقة من قبل الناس على أن هذه المصارف لا تعتمد على الإقراض وإيداع الأموال مقابل فائدة وقناعة المشاركين بأن الأموال لا تتوالد, بل قد تزيد أو تنقص حين استثمارها في مشاريع ومجالات عمل منتجة تساهم في تنمية الاقتصاد والمجتمعات وإيجاد فرص عمل جديدة تسهم في مكافحة البطالة. وتساهم المصارف الإسلامية في استعادة الأموال المهاجرة والكتلة النقدية الكبيرة التي تتم الاستفادة منها في بلدان أخرى لتكون قريبة من أصحابها وتسهم في تنمية اقتصاد بلدنا وتطوره وتعود بالنفع على الجميع.
فهل نشهد في المرحلة القادمة انعدام ظاهرة جامعي الأموال والتحول الى المصارف الإسلامية خاصة لدى الشريحة التي لا تقبل التعامل بالفائدة مقابل ايداع الأموال في المصارف!
وهل سيؤثر ذلك على اقبال الناس على توظيف أموالهم في العقارات وبالتالي على أسعار العقارات التي شهدت ارتفاعا محموما خلال السنوات الماضية?!
إن التعامل مع المصارف والأوعية الادخارية والبنوك الإسلامية هو الطريقة الأفضل المأمونة لاستثمار الأموال بدلا من تجميدها في العقارات وفي ممتلكات أخرى.
ولا ندري إن كان وجود مصارف إسلامية سيؤثر على المصارف الأخرى العامة والخاصة ويجذب الزبائن باتجاه هذا النوع الجديد من المصارف في السوق السورية!!
ولكن في كل الأحوال فإن تنوع المصارف من عامة وخاصة الإسلامية سيكون خدمة للمتعاملين كل حسب رغبته وقناعته والساحة تتسع للجميع والمهم هو أن يتم استثمار الأموال في مجالات منتجة تنعكس ايجابا على الجميع.