تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


خطاب الغرب حول الإرهاب بعد شارلي؟!

الصفحة الاولى
الإثنين 19-1-2015
سليم عبود

سال الدم الفرنسي، على عتبات صحيفة «شارلي إيبدو»..

وفي أماكن أخرى من فرنسا، ومن المتوقع أن تسيل دماء كثيرة في دول أوروبيه أخرى، فالخلايا الإرهابية التي وفرّ لها الغرب وسائل الدعم والحياة للمجيء إلى سورية وتدميرها تحت عناوين كاذبه، هي اليوم تتهدد هذا الغرب، لينطبق عليه القول:‏

«من يزرع الريح، يحصد العاصفة» ومن هذا المنطلق، نتساءل: «هل سيكون ما قبل شارلي مختلفاً عن ما بعد شارلي، في موقف فرنسا والغرب من الإرهاب الذي يضرب في سورية والعراق ودول أخرى في العالم، وهل سيفهم الغرب، وحلفاؤه في المنطقة “ الأتراك، والأنظمة النفطية “ أن الإرهاب الذي يهدد الغرب هو الإرهاب نفسه الذي دُعم منهم في سورية والعراق ؟!‏

إلى الآن.. يبدو أن الخطاب الغربي لم يتغير مما يجري في سورية، وفي العراق، منطلقاً من رؤية استعمارية حاقدة، تنظر إلى العالم العربي، والعالم بمنظارين، لكل منهما مسوغاته، لتمريره في العقل الغربي... في القراءة السياسية الغربية.. ماجرى في الحادي عشر من أيلول.. وما جرى في العاصمة الفرنسية، إرهاب..‏

لكن ما يجري في سورية.. من تفجيرات، وتدمير، وقتل طال حياة البشر وممتلكاتهم ووسائل عيشهم، ليس إرهابا بل هو بحسب رأيهم حركات معارضة مسلحة، ومهما قتلت ودمرت وذبحت، وخرّبت، بل حركات نضالية يعمل الغرب على دعمها سياسيا وعسكريا وماليا.‏

جبهة النصرة التي صنفت من قبل مجلس الأمن كحركة إرهابية قبل أن تصنف داعش كحركة إرهابية، هي اليوم مدعومة من قبل حليفة الغرب وربيبته “إسرائيل” بالسلاح والمعلومات الاستخباراتية، وعسكريا بالاعتداء على مواقع سورية لمصلحة إرهاب النصرة..ومن قبل تركيا التي مازالت تمرر الإرهابيين إلى سورية.‏

كيف نقرأ موقف الغرب من الإرهاب، وهو يعلن دعمه بالتدريب والسلاح لما سموه بالمعارضة المعتدلة؟!..‏

حكاية «المعارضة المعتدلة».تؤكد أن الغرب سيظل استعمارياً.‏

الرئيس بشار الأسد في مقابلة مع صحيفة «ليتيرارني نوفيني» التشيكية تعليقاً على أحداث فرنسا الأخيرة: «كنّا نقول لا يجوز أن تدعموا الإرهاب وأن توفّروا مظلة سياسية له، لأن ذلك سينعكس على بلدانكم وعلى شعوبكم.‏

لم يصغوا إلينا، بل كان السياسيون الغربيون قصيري النظر وضيّقي الأفق.‏

وما حدث في فرنسا منذ أيام أثبت أن ما قلناه كان صحيحاً، وفي الوقت نفسه، فإن هذا الحدث كان بمثابة المساءلة للسياسات الأوروبية.. لأنها هي المسؤولة عمّا حدث في منطقتنا وفي فرنسا” حقيقة.. أن فرنسا شكلت تاريخيا.. وتشكل اليوم عبر ماجرى في سورية..‏

الوجه القميء، المملوء بصديد الحقد والكراهية، لأن سورية رفضت أن تكون تحت مظلة الغرب، وتحديدا تحت مظلة الدولة التي استعمرت سورية عقودا، وصنعت سايكس بيكو التي فككت الدولة السورية..‏

وهي اليوم أي «فرنسا» تقوم مرة أخرى عبر دعم المنظمات الإرهابية بتفكيك ما فككته من قبل..‏

نسأل الغرب: ومتى كانت الحركات الإرهابية الدموية معارضة، أو معارضة معتدلة.. إن طابخ السم شاربه..وفرنسا والغرب، ستشربان هذا السم.. بقي على الغرب أن يتهم الدولة السورية بأنها وراء ماجرى في باريس..‏

لتمرير عدوان مباشر على سورية، كما فعل هذا الغرب في حربه على العراق، وأفغانستان.‏

الغرب اتهم سورية ذات يوم بصنع داعش.. لكن هيلاري كلنتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة اعترفت أنه أمريكا من صنع «داعش» وأنها حصلت على موافقة أكثر من مئة دولة في هذا العالم للاعتراف بالدولة الإسلامية، إلا أن الشعب المصري بإزاحته محمد مرسي الإخواني عن قيادة مصر قلب كل مابنته الإدارة الأمريكية.‏

وهكذا صمت الغرب الاستعماري ولم يرد على هيلاري، حقيقة.. رغم الدم الذي سال في شوارع باريس..‏

مازل هذا الغرب يرى أن هناك معارضة معتدلة، ومعارضة متطرفة، ولا يأتي على ذكر الإرهاب الذي يضرب العالم العربي.. لأن هذا الإرهاب يسفك دم العرب في خدمة الصهيونية، ومشاريع الغرب..‏

وليس اليوم في الثقافة الغربية ،وفي الإعلام الغربي مايشير إلى تحديد معلن لمفهوم الإرهاب..سوى مفهوم واحد هو: «إن كل دم يسفك في الغرب هو بفعل الإرهاب.. وكل دم يسفك خارج هذا الغرب، هو معارضة معتدلة ويجب دعمها».‏

فالإرهاب الصهيوني مهما استوحش وقتل وسفك ودمر في غزة والضفة، أو في البلدان العربية، أو مهما انتهك الأجواء العربية، أو أمد الإرهابيين في الجولان والجنوب السوري بالقدرات العسكرية، والاستخباراتية، فهذا ليس إرهابا، ويدخل في خانة «متطلبات الأمن الإسرائيلي».‏

الغرب يختار مفرداته، ومصطلحاته، ويحدد مواقفه، بحسب مايراه في مصلحته، وإن كان مدمرا للآخرين ،وبحسب مايخدم رؤيته في معاداة العرب والمسلمين، ويمرر مشروعه التفكيكي في المنطقة، ولو تطلب ذلك تدمير أوطان بأكملها.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية