تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


مفارقات صارخة

نافذة على حدث
الثلاثاء20-1-2015
عبد الحليم سعود

ما تتخذه بعض الدول الغربية هذه الأيام من إجراءات لمنع عودة بضاعتها الإرهابية، والحد من تداعيات عودتها الخطرة على أمن مجتمعاتها هو أقرب إلى محاولة خداع النفس وتضليل الرأي العام منه إلى محاولة معالجة ظاهرة الإرهاب بحد ذاتها، فالإرهابيون العائدون سبق أن أبصروا النور في هذه المجتمعات ولُقنوا فيها وحُشيت أدمغتهم بهذا الفكر التكفيري المتطرف الذي تعاني منه منطقتنا والعالم، وبالتالي فإن الخطورة الحقيقية على الغرب لا تنحصر باحتمال عودتهم فقط بل تتأتى من استمرار الغرب على سياساته الداعمة للإرهاب، واستمرار احتضانه لفئات وعناصر تتغذى على الكراهية والتطرف والعنصرية التي يمارسها الغرب نفسه.

وأما الادعاء بأن الإرهاب يستهدف الغرب بسبب الهوامش الكبيرة الممنوحة لحرية الرأي والتعبير والعقيدة ففيه مغالطات كبرى وتضليل ما بعده تضليل، لأن أبسط قواعد وآداب الحرية هو احترام حرية الاعتقاد والعبادة وعدم المس بالمقدسات لأي دين من الأديان، ولذلك فإن بعض ما يصدر عن الإعلام الغربي من إساءات متعمدة ومقصودة لرموز دينية بعينها لا يعكس حرية في الرأي والتعبير بقدر ما يعكس عنصرية تستدرج عنفاً وتطرفاً من النوع الذي شهدته باريس قبل أيام، وثمة من يتساءل ببراءة ما الفرق بين من يتطرف باسم حرية التعبير ويسيء للديانات والمقدسات الأخرى كما فعلت «شارلي إيبدو» وبين من يتطرف باسم الدين ويمارس القتل والإرهاب كما تفعل داعش وجبهة النصرة وباقي ميليشيات «الاعتدال» الغربي، إذا كان كل هؤلاء يحظون بدعم الغرب ورعايته..؟!‏

المفارقة الصارخة في سلوك الغرب تجاه الحريات أنه يجيز السخرية من الرموز الدينية الإسلامية والمسيحية ويجرم كل من يشكك بحدوث ما يسمى «المحرقة اليهودية» تحت عنوان معاداة السامية، ما يعني أن الحرية في الغرب محكومة ومقيدة بدوافع ومصالح سياسية وهي قابلة للمساومة وليست مقدسة ومكفولة بالمطلق..؟!‏

الأكثر مفارقة في سلوك الغرب أنه يسمح للإرهابيين أن يتنقلوا بكل حرية باتجاه منطقتنا لارتكاب أفظع المجازر، في حين يسد كل الأبواب في وجه عودتهم إليه ويقيم الدنيا ولا يقعدها عند أي عبث بأمنه، فهل يستطيع الغرب أن يقنع نفسه بصوابية هذا السلوك أم أنه سيعترف بأخطائه ولكن بعد فوات الأوان..؟!‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية