وأما الادعاء بأن الإرهاب يستهدف الغرب بسبب الهوامش الكبيرة الممنوحة لحرية الرأي والتعبير والعقيدة ففيه مغالطات كبرى وتضليل ما بعده تضليل، لأن أبسط قواعد وآداب الحرية هو احترام حرية الاعتقاد والعبادة وعدم المس بالمقدسات لأي دين من الأديان، ولذلك فإن بعض ما يصدر عن الإعلام الغربي من إساءات متعمدة ومقصودة لرموز دينية بعينها لا يعكس حرية في الرأي والتعبير بقدر ما يعكس عنصرية تستدرج عنفاً وتطرفاً من النوع الذي شهدته باريس قبل أيام، وثمة من يتساءل ببراءة ما الفرق بين من يتطرف باسم حرية التعبير ويسيء للديانات والمقدسات الأخرى كما فعلت «شارلي إيبدو» وبين من يتطرف باسم الدين ويمارس القتل والإرهاب كما تفعل داعش وجبهة النصرة وباقي ميليشيات «الاعتدال» الغربي، إذا كان كل هؤلاء يحظون بدعم الغرب ورعايته..؟!
المفارقة الصارخة في سلوك الغرب تجاه الحريات أنه يجيز السخرية من الرموز الدينية الإسلامية والمسيحية ويجرم كل من يشكك بحدوث ما يسمى «المحرقة اليهودية» تحت عنوان معاداة السامية، ما يعني أن الحرية في الغرب محكومة ومقيدة بدوافع ومصالح سياسية وهي قابلة للمساومة وليست مقدسة ومكفولة بالمطلق..؟!
الأكثر مفارقة في سلوك الغرب أنه يسمح للإرهابيين أن يتنقلوا بكل حرية باتجاه منطقتنا لارتكاب أفظع المجازر، في حين يسد كل الأبواب في وجه عودتهم إليه ويقيم الدنيا ولا يقعدها عند أي عبث بأمنه، فهل يستطيع الغرب أن يقنع نفسه بصوابية هذا السلوك أم أنه سيعترف بأخطائه ولكن بعد فوات الأوان..؟!