بداية نقول إن العدوان الإسرائيلي لم يضف جديداً في الشكل والمضمون والتوقيت والأهداف للطبيعة العدوانية للكيان الإسرائيلي ، سو ى أنه يسجل انتهاكاً جديداً في سجل الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية ويسجل بالتوازي صفحة سوداء في سجل المجتمع الدولي الذي يفيض بالتواطؤ و ازدواجية المعايير حين يتعلق الأمر بإسرائيل.
في مقاربة العدوان الإسرائيلي الجديد على سورية وفي هذا التوقيت تحديدا فإنه يمكن على الفور تلمس بعض الرسائل التي يحملها هذا العدوان على وجه السرعة، الرسالة الأولى تتمثل بإيصال رسالة واضحة إلى كل الحلفاء والأدوات والأتباع والأدوات في داخل ساحة المعركة وخارجها بأن إسرائيل لا تزال حاضرة وموجودة وداعمة لهم بقوم على الأرض رغم أنها لم تغب لحظة واحدة عن هذا الدعم الذي يأخذ أشكالاً وأوجهاً متعددة حتى لو تراجع البعض من حلفاء الإرهاب ولو تكتيكيا عن تقديم العون والدعم للأدوات في الميدان ، دون أن ننسى أن العدوان الإسرائيلي في مقارباته البعيدة ليس إلا مؤشراً صارخاً ودلالة واضحة على ذلك الترابط الوثيق بين إسرائيل من جهة وبين أطراف التحالف وأتباعهم وأدواتهم من جهة أخرى، ما يعني بالضرورة التنسيق بين أطراف التحالف الأميركي حيال اي خطوة تصعيدية في المنطقة، أي علم الولايات المتحدة بشكل حتمي بهذه العملية توقيتاً ومكاناً واهدافاً هذا إذا لم تكن هي من أمرت بتنفيذها لنفس الأسباب السالفة الذكر مع إضافة أنها تشكل لها ضرورة في هذه المرحلة تحديداً حيث دخل مشروعها الاستعماري في أزمة حقيقية كنتيجة طبيعية لسلسلة الإخفاقات والانتكاسات التي لحقت به على الأرض.
الرسالة الثانية التي حملها العدوان الإسرائيلي هي إثارة التشويش على المفاوضات الإيرانية مع الغرب بعد تسريبات إعلامية عن أجواء ايجابية جدا بين الطرفين قد يؤدي للتوصل إلى اتفاق نهائي يؤدي إلى حل القضية من جذورها وينزع فتيل الأزمة المشتعلة منذ عقود ، وهو الأمر تجد صداه وارتداده عن الكيان الصهيوني غضباً وحماقة وتهوراً لا يمكن معه أن تبقى مكتوفة اليدين، وبالتالي فتح الأبواب أمام كل الاحتمالات التي تتقدمها العربدة والجنون بهدف إعادة خلط الأوراق و قلب الموازيين وتغيير المعادلات.
أما الرسالة الثالثة والاهم التي حملها العدوان الإسرائيلي فهي محاولة تغيير قواعد الحرب واللعبة في الميدان السوري الذي تتسيده الدولة السورية بلا منازع وبشهادة الأعداء قبل الأصدقاء وما يعنيه هذا التسيد على الأرض لجهة الكلمة الفصل في أي حوار أو مفاوضات أو اتفاقات بين الدولة السورية من جهة وبين كل الأطراف من جهة أخرى، ومن هذا المنطلق فإن العدوان قد يستهدف بين طياته خلق معادلات جديدة تشكل أرضية مناسبة لأي اتفاقات ومفاوضات قادمة بين الدولة السورية وبقية الأطراف الأخرى خاصة في ظل الحديث عن مشروع جديد لحل الازمة السورية تحتضنه روسيا أواخر الشهر الجاري.
الرسالة الرابعة التي قد يكون حملها العدوان الإسرائيلي هو إيصال رسالة مباشرة إلى محور المقاومة ، خاصة إن العدوان يأتي بعد يومين من خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الذي رسم فيه ملامح مرحلة مقبلة،وبالتالي فإن هدف استدراج إسرائيل لحزب الله خاصة ولمحور المقاومة عموماً إلى حرب هي تحدد توقيتها ومكانها هو أمر مفضوح الغايات والأهداف.
ما هو مؤكد إن إسرائيل تؤكد مجدداً دورها العلني والمباشر في دعم الإرهابيين في سورية بعد أن كان هذا الدهم يقتصر على الدعم اللوجستي والاستخباراتي بعيدا عن الأضواء أحيانا.
ما هو مؤكد أيضا أن إسرائيل بعدوانها الجديد قد فتحت باباً جديداً للتصعيد و إذكاء النار المشتعلة انطلاقا من هذه الاعتداءات لن تكون خارج التطورات والمعادلات الجديدة التي ترتسم كل لحظة على الأرض.
لكن الأهم في كل ما سبق هو أن تفهم إسرائيل ومن ورائها أميركا والغرب أن ما لم يستطيعوا أخذه بعد أربع سنوات من الصمود والكفاح والتضحيات ،لا يمكنهم أخذه بالعربدة و الحماقة ، لان المراهنة في هذا السياق خاسرة سلفاً بحكم التجارب السابقة .