ولن يقتصر كتاب روائي أو إبداعي على هذا الأثر، بل انسحب على كتب فكرية من فلسفة وتاريخ وغير ذلك بل هو أيضاً كتب علمية على اختلاف أنواعها المدهشة في اتساع أفق معارفي.
كما أعترف بأن ما يكتب في الدوريات من مقالات ودراسات هو الذي يثير أحياناً دهشتي، ومع أن ما يكتب في تلك المطبوعات هو من الندرة ولكنه يساهم في ازدياد معرفتي ونمو رغبتي في الحصول على الزاد الذي أحتاجه.
ولم يكن ما أقرأ من كتب وغيرها على قدر من المساواة في إغنائي، بل أن جميع ما أقرأ سيلعب دوراً في ترميم معرفتي أو الإضافة عليها بأن تلك المعرفة لن تكتمل أبداً وستظل بحاجة إلى الاستزادة منها، فأنا أشبه بالجائع الذي لا يشبع أو كمحب للمال أو السطوة الذي فقد السيطرة على جشعه، وكالعاشق للجمال الذي لايقف عند حد.
وأؤمن باعترافي في أن أبتعد عما يكتب من ضعف معرفي وابتذال فكري أو سياسي أو غيره، قد دفعني إلى التدقيق في الكتب وغيرها لأكتشف من الصفحات أو الأسطر الأولى أنها لن تقدم لي شيئاً أو أنها تساهم في تشويه ذائقتي أو تسمم معرفتي، آنذاك أتوقف عن القراءة، وإن كنت في سنواتي الأولى من القراءة مقبلاً دون تمييز الجيد المفيد من الرديء الغث، إلا أنني بعد فترة ابتدأت في الاختيار فالتشدد مما جعلني أمر في فترة من النضج التي آمل أن تستمر ما بقي لي من حياة.
وأما من طرف آخر فكنت دوماً أقبل قراءة كتب المبتدئين والشباب فقد أجد من يبرع في الأسلوب والموضوع، كما وأبحث عن شيء أفتقده، أو أنه يثير الإعجاب لما يحمله من احتمالات في التفوق أو التقدم. وبت منذ زمن طويل أبحث عن الجديد عن روائي أو شاعر أو مسرحي أو مفكر أو باحث، كما كنت أنقب عن علامات تسم أولئك بخميرة تنبئ بموهبة ستمنح صاحبها فرصة المشاركة في بناء ثقافتنا الوطنية، وإن كانت فرصتي أحياناً ضعيفة إلا أنها لم تتوقف يوماً عن وقوعي على كاتب يبشر بدخول نادي صناع الإبداع الثقافي فأحس بفخر، وهذا الأمر يشير إلى حيوية اجتماعية، وهو ما يؤكد على أن حياتنا العربية ما زالت قادرة على إنجاب المبدعين في كل مجال.
وأعترف بأن ظهور مبدع ما بعيداً عن الكتابة المطبوعة سيمنحني متعة الانتساب إلى عالم الثقافة الذي يشارك فيه فنانون تشكيليون ومعماريون وموسيقيون ومفكرون وسينمائيون وصانعو دراما من مسرح وتلفزيون وغيرهم، وأجد نفسي كمساهم في الكتابة وأنهم يشكلون حماية لوجودنا وإغناء لمستقبلنا.