وموقع تدمر له شهرة عظيمة أخذها من جمال الطبيعة وروعة الأطلال إضافة إلى الدور التاريخي الذي لعبته عبر تاريخها العريق...
وحرصاً من الحكومة السورية على إظهار الوجه التاريخي والإنساني أضيفت تدمر إلى المدن الرائدة والأصلية في MAM من أجل التنمية المحلية وأنيطت بها مهمة إنتاج أدوات التطوير العمراني للاستفادة من فرص التطوير الاقتصادية والاجتماعية التي تقدمها تدمر بما لها من سمات فريدة مع تحقيق أكبر قدر من التوازن الدقيق لموقع الارث العالمي بفعالية واستدامة ومن أسباب هذا الضم أهمية تدمر بالنسبة إلى سورية والخارج على حد سواء كونها موقعاً إرثاً عالمياً ومدرجاً في قائمة اليونيسكو لمواقع الارث العالمي...
من هنا جاء الاهتمام والرغبة الحقيقية بإيجاد طرق وأساليب تتماشى مع المعاصرة وتحافظ على الارث التاريخي وكان لمبادرة الجمعية السورية البريطانية في عقد ندوة (تدمر: رؤية للحفاظ والتنمية) بالتعاون مع برنامج تحديث الإدارة البلدية الذي يقوم به التعاون الأوروبي بالاشتراك مع وزارة الإدارة المحلية والبيئة.
رؤية للحفاظ والتنمية .. وتطلع من التاريخ إلى الحاضر
عطري:
مواصلة الجهود لإبراز دورها الحضاري
واكد المهندس محمد ناجي عطري رئيس مجلس الوزراء في كلمته بافتتاح الندوة تاريخ تدمر العريق وحضارتها والأحداث التي مرت بها والتي ظلت آثارها شاهدة على عظمة المدينة التي بلغت ذروة ازدهارها التجاري ونفوذها السياسي منذ النصف الثاني من القرن الأول بعد الميلاد وحتى عصر الملكة زنوبيا التي جعلت من تدمر مركزاً قوياً ومحطة تجارية سيطرت على حركة التجارة والقوافل التجارية بين الشرق والغرب.
وبين رئيس مجلس الوزراء الأسباب التي أدت لانحسار مجد تدمر المتربعة على مساحة10 كيلومترات مربعة تضم الأسوار والمعابد والحمامات والأسواق والشوارع والمسرح وقوس النصر وأبراج المدافن والقلعة المنيعة التي ظلت على مدى العصور تبعث على الإعجاب ما دفع الأمم المتحدة لتسجيل تدمر موقعاً متقدماً على لائحة التراث الإنساني العالمي عام .1980
وأكد عطري أنه انطلاقاً من الأهمية التاريخية والحضارية لتدمر فقد قامت وزارة الثقافة بالتعاون مع منظمة اليونيسكو ومراكز البحث العلمي والبعثات الأثرية الدولية بالدراسات الأثرية والتنقيبات الواسعة منذ ثلاثينيات القرن الماضي وبأعمال الترميم والصيانة والتأهيل لإظهار موقع المدينة أمام حركة السياح والزوار كما عملت وزارة السياحة على تكثيف حملات الترويج للتعريف بتدمر وما يحيط بها من مواقع أثرية في البادية السورية كقصري الحير الشرقي والغربي والرصافة وحمامات أبو رباح وخان الحلابات لتتكامل كلها مع تدمر وتشكل معها منطقة أثرية وسياحية واسعة داعياً إلى مواصلة هذه الجهود وتطوير البنى التحتية وشبكة الطرق المؤدية إليها بالتعاون مع محافظة حمص والجهات المعنية نظراً للأهمية البالغة لمكانة تدمر التاريخية وإرثها الثقافي والحضاري الكبير والارتقاء بالواقع الخدمي والمعيشي للسكان وتوفير متطلبات الصناعة السياحية وتطوير المكونات البيئية والطبيعية في البادية المحيطة بتدمر.
وتحدث المهندس عطري عن جهود الحكومة والجهات المعنية واهتمامها بتدمر لتعزيز بنيتها التحتية لافتاً لأهمية تنسيق هذه الجهود عبر التخطيط الإقليمي الاستراتيجي للمنطقة لتتوازن الاهتمامات والمتطلبات المكانية للقطاعات المختلفة مع الالتزام الدقيق بحماية الأوابد الأثرية والتنوع الطبيعي وتحقيق النمو وحماية الموارد البيئية لجعل تدمر مقصداً سياحياً قائماً بذاته على خريطة السياحة العالمية مؤكداً أهمية انسجام منطلقات التخطيط الاستراتيجي الإقليمي لتدمر مع توجهات التخطيط المماثل للمنطقة الشرقية التي تتشابه معها بجوانب عديدة وتعد العمق الاستراتيجي وصلة الوصل مع محيطها الداخلي ومع الدول المجاورة أملاً أن يعقد في تدمر مؤتمر للاستثمار للحفاظ على أوابدها التاريخية بما فيها واحة النخيل والمناظر الخلابة للجبال والسبخة الملحية والينابيع الكبريتية والمحافظة عليها مشيراً لأهم توصيات مؤتمر الإسكان في نيسان الماضي الرامية لتحقيق تنمية محلية عمرانية.
ونوه رئيس مجلس الوزراء بالتعاون المثمر القائم مع الجمعية البريطانية السورية ومبادرات الأخيرة المستمرة في إطار التنمية الاقتصادية والاجتماعية والحفاظ على التراث ومنها المؤتمر المصرفي الأول وندوة مستقبل مدينة دمشق ومؤتمر التركيز على سورية آملاً لهذا التعاون الدوام والنجاح.
كما أعرب المهندس عطري عن تقديره لاهتمام الاتحاد الأوروبي ومبادراته التنموية في سورية وخصوصاً مايرتبط منها بالتنمية المحلية وبرامج الإصلاح الاقتصادي والترويج السياحي وحماية التراث وتحديث الادارة البلدية.
الأخرس: تراث.. رسم هوية سورية
وكان الدكتور فواز الأخرس رئيس الجمعية البريطانية السورية قد ألقى كلمة تحدث فيها عن أهمية تدمر التاريخية وقال.. إن تاريخها شهد حضارات عديدة وتراثاً كان له الأثر الكبير برسم هوية هذا البلد الذي يجب علينا المحافظة عليه لما قدمه من إسهام كبير في إغناء التراث العالمي مؤكداً أن تدمر تشكل قلب سورية وجزءاً أساسياً من إرثها الحضاري بما تملكه من خاصية عريقة تتبوأ مكانة مرموقة على قائمة التراث العالمي منذ العام .1980
ودعا الدكتور الأخرس إلى ضرورة تحمل المسؤولية الكاملة تجاه هذا الإرث التاريخي والحفاظ عليه مشيراً إلى ما تتمتع به هذه المنطقة من طبيعة جميلة تجعل منها مرتكزاً مميزاً للاستثمارات التي تصب في خدمة السكان المحليين ومواكبة تطور السياحة العربية والعالمية مؤكداً أن مشاريع التنمية والتطوير العمراني والتخطيط الإقليمي لا بد أن تعود بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية للنسيج البشري لهذه المنطقة ما يوجب على الجهات المعنية وأصحاب القرار العمل الجاد للحفاظ على هذا التراث واحترامه دون الانتقاص من أهميته الأثرية على ألا تكون هذه المشاريع على حساب هذا الإرث المميز.
وأكد الدكتور الأخرس ضرورة احترام العلاقة المميزة والمتكاملة للمكونات الفريدة التي تتمتع بها تدمر والمنطقة المحيطة بها ومراعاة مشاعر المواطنين والسكان المحليين وتاريخهم وعاداتهم أثناء القيام بالتخطيط العمراني والإقليمي لهذه المدينة ونسيجها العمراني لافتاً إلى نجاح تجربة المغرب العربي في هذا الميدان وضرورة الاستفادة منها.
وأوضح رئيس الجمعية البريطانية السورية أن هذه التجارب تحظى بالاهتمام والرعاية على أعلى المستويات داعياً إلى الابتعاد عن محيط المدينة وآثارها وواحاتها أثناء التخطيط العمراني والأخذ بعين الاعتبار التجارب الناجحة في بلدان أخرى أملاً لهذه الندوة تحقيق ما تصبو إليه من تطوير للبني التحتية وتشجيع للاستثمارات بهذه المنطقة وبما يضمن الانسجام مع البيئة والآثار فيها.
سفير المفوضية الأوروبية: إرث عالمي
بدوره أكد فاسيليس بونتو سوغلو سفير المفوضية الأوروبية في سورية أن ورشة العمل تشكل فرصة جيدة لجميع المعنيين بالتطوير المحلي والتخطيط العمراني والحفاظ على الإرث الثقافي اذ تتيح لهم المشاركة في الآراء حول مختلف المقاربات المحلية المتعلقة بالحفاظ على الإرث الثقافي إضافة إلى تعزيز الوعي بأهمية التخطيط الإقليمي بصفته نشاطاً متعدد الجوانب ويشمل الكثير من الهيئات الحكومية وتقييم أداء النشاطات المستمرة في التخطيط العمراني وتخلق وعياً مشتركاً إزاء الحاجة إلى تخطيط إقليمي فعال.
وأشار بونتو سوغلو إلى أنه تم بناء على طلب الحكومة إضافة تدمر إلى المدن الرائدة والأصيلة في مشروع تحديث البلديات الذي انيطت به مهمة إنتاج أدوات التطوير العمراني للاستفادة من فرص التطوير الاقتصادية والاجتماعية التي تقدمها مدينة تدمر بما لها من سمات فريدة بفعالية واستدامة.
وأوضح الأهمية الخاصة التي تتمتع بها تدمر لكونها موقع إرث عالمي ومدرجة في قائمة اليونسكو لمواقع الإرث العالمي مشيراً إلى المناخ الاستثماري في تدمر الذي يحتاج إلى إرشاد صحيح وصولاً إلى التحقيق الكامل لإمكانات التطوير الاجتماعي والاقتصادي.
جاموس: نموذج للتأهيل والتوظيف
واعتبر الدكتور بسام جاموس مدير عام الآثار والمتاحف أن هذه الندوة هامة جداً خاصة أن تدمر أخذت كنموذج للتأهيل والتوظيف السياحي حيث إن هناك مجموعة مشاريع مطروحة من قبل وزارة السياحة ومحافظة حمص هي الآن قيد الدراسة مشيراً إلى الاتفاقية الموقعة بين وزارتي السياحة والثقافة بخصوص التأهيل والتوظيف للمواقع الأثرية في سورية وخاصة تدمر.
وقال جاموس إن هناك تعاوناً مشتركاً بيننا وبين اليونسكو ومعماريين في جامعة دمشق مع مجموعة من المختصين لدراسة هذه المشاريع ليصار إلى اتخاذ القرارات اللازمة لتأهيلها وتوظيفها أسوة بالمواقع العالمية.
وعن أهمية هذه الندوة أرجعها جاموس الى مستوى المشاركة الكثيفة ومن مختلف الفعاليات وكذلك وضع كافة المشاريع التي ستنفذعلى طاولة البحث ومن ثم تقديمها لأصحاب القرار. وتمنى مشاركة فعالة من المجتمع المحلي في تدمر في انجاح هذه المشاريع.
يشار الى ان الندوة حضرها وزراء الإدارة المحلية والبيئة وشؤون رئاسة الجمهورية والزراعة والري والصحة والنقل والاسكان والتعمير والدولة لشؤون مجلس الشعب ورئيس هيئة تخطيط الدولة ومحافظ حمص ورئيسا جامعتي دمشق والبعث وعدد من معاوني الوزراء والمديرون العامون لعدد من المؤسسات والشركات الوطنية والدولية المعنية وحشد كبير من المهتمين والمعنيين.
بعد ذلك بدأت جلسات الندوة برئاسة الدكتور الأخرس بعنوان (تنمية تدمر كوجهة للسياحة العالمية) ركز فيها ممثلو وزارة السياحة ومحافظ حمص ومجموعة وكلاء السفر الأجانب على أهمية الاستثمار في تدمر وما حولها وتعزيز بنيتها التحتية لتكون قبلة للسياح والزوار وتتوافر فيها متطلبات الصناعة السياحية.
غزال: 40 ألف فرصة عمل مرتقبة..
من جانبه أكد محافظ حمص محمد اياد غزال على أهمية إعداد الدراسات للتخطيط الإقليمي ودراسة البنى التحتية والترويج السياحي لهذه المنطقة مشيراً أن الارث الحضاري لتدمر يحتاج إلى تضافر جهود الجميع لإبرازه وتنميته على المستوى العالمي وأضاف أن المحافظة الآن بصدد تطوير المشاريع الخدمية من طرقات وكهرباء ومياه وصرف صحي وإنشاء قرى سياحية.
ورأى محافظ حمص أن تدمر منطقة تنموية هامة جداً وأن هذه المشاريع ستخلق فرص عمل تزيد عن عدد سكان تدمر البالغ 40 ألفا.
لقطات :
- تمنى الدكتور فواز الأخرس أن يكون وزيرا الثقافة والسياحة حاضرين كون الأمر يهمهما في الصميم..!!
- أحد المشاركين نوه إلى أهمية الآثار كبديل اقتصادي للنفط مستشهداً بقول أحد علماء الآثار أن قوس النصر في تدمر يساوي مئات آبار النفط.. كون هذه الآبار ستنضب.. بينما القوس سيبقى على مر التاريخ والعصور.