ان الوثيقة السياسية التي أطلقتها قوى السلطة في ذكرى 14 آذار تستدعي التوقف عندها لما تحمل من دلالات كنا نتمنى ان تكون ايجابية تبحث عن المشترك مع الاخر وتعمل على ان تمد اليد اليه من موقع الشراكة الوطنية لا ان تحمل عنوانا لنفي الاخر وتضخيم الذات واحتكار الفصائل وادعاء الطهرانية وتفصيل حاضر الوطن ومستقبله على قياسها وممارسة الاختزال والتشويه والاتهام على الاخر بينما ترفضه لنفسها.
واضاف البيان ان اللغة التي سادت في كل مفاصيل الوثيقة الاساسية هي بمنزلة بطاقة انتساب رسمية الى المشروع الاميركي في المنطقة وتكرس بشكل نهائي موقعها العلني في الانحياز الى الخيارات الاميركية.
وفي التدقيق الفصلي نستطيع ان نتوقف عند النقاط التالية:
1 ان الحديث عن ان الخلاف أعمق من السياسي وادارة الدولة وطبيعته الحادة بما هو نظرتان مختلفتان الى العالم انما تستبطن في جوهرها نظرية الفسطاطين والخير والشر فالاخر هو الشر كله وما يعتقدونه هو الخير ومن هنا نفهم تماما كل السياسات التي سترد لاحقا باعتمادها هذا المنطق .
أ الحديث عن احترام الضحية وعدم التمييز بينها بينما الامر خلاف ذلك يدفعنا الى التساؤل حول الذاكرة المعطوبة عن قصد لهؤلاء ومعاناة الشهداء معهم ولاسيما الذين سقطوا في الاعتداءات الاسرائيلية وحتى في الداخل اللبناني في اكثر من مكان.
ب ان تنقية الذاكرة تفترض اعترافا صريحا وطلب الغفران من الشعب اللبناني على كل المجازر والاخطاء التي ارتكبت بحقه من قبل هؤلاء لا على اصرارهم المتواصل بأحقية ما ارتكبوا ومحاولة تصويرهم كأبطال ذلك ان الجاني يحاول ان يغسل يديه من دماء لبنان والشعب اللبناني والفلسطيني وينظف ملابسه الملطخة على مدى وجوده في الزعامة والسلطة والادارة .
ج وفي ثقافة اعادة الوصل ايضا هل اقناع الخصم والقاء الحجة علىه والبحث عن مساحات مشتركة تترجم عمليا في النص بتحميل المعارضة الاتهام بالقتل وبكل ما جرى خلال السنوات الثلاث وربطها بالخارج ألىس هذا هو منطق التخوين بعينه ام ان المعيار يطبق فقط على الاخر.
اما القتل الرمزي والمعنوي فهل نذكر دعوات الانتقام من الضباط وعوائلهم حتى لو ثبتت البراءة .
2 ان الاتهام الموارب والصريح للمقاومة بانها تعمل لمصلحة الخارج وتعمل على الغاء القرار الوطني وان مقاتليها هم جيش يخضع لسلطة دولة اجنبية الا تحمل هذه المعاني اتهاما بالخيانة والعمالة للخارج واستخفافا بكل الدماء التي سقطت على ارض الوطن دفاعا عنه ولتحريره .
ان منطق التخوين والعمالة هما بضاعة ما فتئت الموالاة تستغلها في خطابها دون أي وازع وتطلب من الاخرين تقبلها واذا ما مارست المقاومة حق الدفاع المشروع عن نفسها بالادلة أصبحت هي من يستعمل اسلوب التخوين .
ان الفيصل في نجاح المقاومة وتجاوز عقدكم هو في عملكم الدؤوب منذ لحظة التحرير في بناء الدولة الحرة التي تستطيع ان تحمي ابناءها وتؤمن مستقبلهم في حركة تكاملية لقيادة مجتمع على خلفية الوحدة الوطنية التي تبني الدولة ولا تمارس التهميش المستمر لها ولا تريد ان توزع اخر ما تبقى من مواردها .
3 ان النظرة الى اسرائيل كقوة اقليمية وسلب صفة العدو عنها ودفعها الى مصافي ايران او اي دولة اسلامية اوعربية وجعلهما متساويين هو في الحقيقة امعان في الالتحاق بمشروع الادارة الاميركية وتمويه ساذج يريد ان يعطي المبرر لاسرائيل وان يخلص في فقرات اخرى الى ايجاد الحلول معها عبر خيار السلام الموهوم وذلك في اطار الخروج من الاصطفافات الفكرية التي فرضتها الحرب الباردة .
هكذا تصبح اسرائيل وجوداً اصيلاً وتختصر معاناة الفلسطينيين في الحرب الباردة وتسقط عمدا كل المسائل الاخرى فلا الاحتلال الاميركي للعراق وتداعياته له علاقة بالوضع المأزوم عربيا واقليميا فقط ترى هذه الفئة ايران كخصم وعدو مطلوب اميركيا ان يحل مكان الاسرائيلي الذي سيصبح ضمن النسيج المتسامح صديقا وفيا .
وختم البيان ان سيل الاتهامات ونفي الوطنية عن الاخر وجعله مع ثقافة العنف والفصل وتحميله كل الموبقات السياسية تجعل مد الىد وتخطي الخلافات غير ذي معنى لان من يمد يده يجب ان يملك قناعة الاعتراف بالاخر والاستماع الىه والتعاون معه لبناء الدولة والمجتمع وان يحترم الشراكة وموجبات الوطنية الحقيقية والا يعمل على فرض الخيارات الاميركية الالتحاقية على جزء اساسي من لبنان.
في غضون ذلك أكدت قوى المعارضة الوطنية اللبنانية تمسكها بتسوية داخلية وحل قائم على أساس الشراكة الوطنية,مشددة على أن المبادرة العربية هي المبادرة الوحيدة لمعالجة الأزمة اللبنانية ولاتزال أساساً صالحاً للحل الذي يتضمن انتخاب رئىس للجمهورية وتشكيل حكومة شراكة والاتفاق على قانون الانتخابات مجددة التأكيد بأن لبنان لن يكون معبراً أو محطة للمخططات الأميركية والاسرائيلية.
فقد أكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله ان المعارضة الوطنية لاتزال مع تسوية داخلية وحل قائم على أساس الشراكة الوطنية ومتمسكة بالسلم الأهلي والتوافق الداخلي والحفاظ على الأمن والوحدة الوطنية.
بدوره أكد الشيخ نبيل قاووق مسؤول منطقة الجنوب في حزب الله أن لبنان لن يكون معبرا ومحطة للمخططات الامريكية والاسرائيلية ودعا الى عدم المراهنة على تلك المشاريع.
وقال قاووق في كلمة خلال تشييع الشهيد أحمد هاشم هاشم ان المقاومة على استعداد وجهوزية دائمة للدفاع عن الوطن ولن تسمح أن يكون لبنان موطئ قدم لجندي أمريكي أو اسرائيلي.
من جانبه أكد عضو كتلة التحرير والتنمية النائب علي خريس أن المبادرة العربية هي المبادرة الصالحة للمساعدة في حل أزمة لبنان.
وأشار في كلمة له أمس الى المخططات التي تحاك للمنطقة في ظل الصمت حيال ما تخطط له الادارة الامريكية خدمة لمصالح اسرائيل.
بدوره اكد حافظ صايغ رئيس المجلس القومي للحزب السوري القومي الاجتماعي ان المقاومة التي حررت لبنان من الاحتلال الاسرائيلي ستحمي لبنان وسيادته وقيام الدولة القوية القادرة والعادلة.
من جهته انتقد عضو الاتحاد البيروتي النائب السابق عدنان عرقجي مواقف فريق السلطة والاتهامات التي يوجهونها للاخرين.
وقال في تصريح أمس ان ما يطرحه الفريق الحاكم يقوم على التفرد والاستئثار وإلغاء الآخر كما يقوم على التحريض ضد المقاومة وحزب الله.