وليس بالجديد أيضا هذا اللقاء الذي يجمع الأطياف جميعها في عيد المحبة وتحلقهم حول شجرة الميلاد وزيناتها ورموزها حتى لتخاله عيدا وطنيا للنصر، بل إنه العيد الوطني الذي يجمع أفراد هذا الشعب على امتداد مساحة الوطن بالمحبة والتسامح متعالين على جراحاتهم متجاوزين آلامهم ومتطلعين إلى القادم من الأيام بأنها الأجمل لامحالة.
ولكن هل حقا نتقن ثقافة العيد ومعانيه، وهل حقا نستطيع أن نعيد تشكيل أنفسنا من جديد لنكون بحق أبناء هذا الوطن المخلصين ونحن نرى كيف تآكلت ضمائرنا وكيف تحولنا إلى أشباه آدمية يفترس بعضنا بعضا في مجتمع يكاد يعود بنا إلى عصر الغابات التي تتفلت من قانونها، وتضيع الحقوق في متاهات العبث والبحث عن السلام والأمان؟
ولايختلف اثنان أن الأعياد تحيي في قلوبنا الأمل وأن ثمة مكانا للفرح والسلام لايزال ينتظر زواره، و رسول المحبة علمنا كيف نبني عالمنا بالتسامح والحب والتعاون، ولكن أين نحن من هذا كله ونحن نرى كيف تضاءلت القيم الإنسانية بين الناس حد التلاشي، في وقت نحن أحوج مانكون لذاك التلاحم والتكامل بعد تلك السنوات العجاف التي لاتزال ترخي بظلالها القاتمة على الكثير من أبناء جلدتنا وفي غير مكان بانتظار فرح من نوع آخر يعيد للأطفال بسمة العيد وللحياة ألقها من جديد.
اليوم ونحن نعيش أياما استثنائية من الأعياد مدعوون جميعا لتلبية نداء رسول المحبة في نشر ثقافة المحبة والتآخي والسلام، وجعلها منهجا واستراتيجية حياة، ليس في المناهج المدرسية والجامعية وحسب، بل وبين الأسر والعائلات، لنحافظ على هويتنا وحضارتنا التي بنيت منذ آلاف السنين، فلطالما كنا منارات تهتدي الشعوب بثقافاتها وعلومها وتراثها الذي يحكي أمجادا لاتشيخ وأوابد خالدة تتحدى عاديات المحن.
وهي فرصة لنتقاسم المحبة, ونعيش العيد بمعانيه كافة بالصدق والتسامح والتكافل ليعم السلام في وطن المحبة والسلام، وكل عام والجميع بألف خير.