تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الأداء الوطني فـي مسار الثبـات والحركـة

دراسات
الثلاثاء 25-12-2018
بقلم د: أحمد الحاج علي

ثابت ومتحرك، هذه هي طبيعة الحدث الذي تحتضنه سورية بكثير من الرؤية الشاملة وباستفاضة عميقة لا حدود لها، من الحدود الوطنية المقدسة وبمقدرة راسخة على بناء ذلك الجسر الحيوي

ما بين الوطن بمطالبه والمناهج التي تستغرق مواقف الآخرين سلباً وإيجاباً، والمهم هنا هو الثابت الوطني الذي لا انكفاء فيه ولا تراجع عنه ولا مساومة عليه، وقد اخذ هذا الثابت الوطني السوري كامل مشروعيته وكل أعماقه، ليس بالنسبة لنا فحسب، ولكن في طرح هذا الثابت الوطني على الأطراف الأخرى، وهنا مجال الحركة التي يفترضها الموقف الثابت ويخطو بها على الأرض من ميدان لآخر ويتطور فيها عبر السياسة من إنجاز لآخر، والحركة بأصلها من مهام وصفات الثوابت الوطنية، ولعل هذه الميزة هي التي قدمت الأداء الوطني السوري كما يرسمه ويقوده الرئيس القائد بشار الأسد لكل مناخات وزوايا العالم على أنه دليل مشروعية وقوة وحيوية في سياق واحد.‏

وهذا ما نستدل به على منظومة من التحولات الكبرى التي تتحقق في الواقع ثم تنطلق لتنتج آثارها في خطوات لاحقة وعميقة بصورة مباشرة، ولعل هذه الخاصية في الأداء الوطني السوري تقوم على أسس ثلاثة، الأول منها هو أن القيم الوطنية والقرار الوطني هما معاً منهج العمل والتعامل مع القوى المعادية والصديقة والحالة هنا نادرة إذ لا يوجد أي حاجز أو فراغ ما بين المنظومة الوطنية والسياسة أو المعارك الحربية الناقلة لهذه المنظومة، ولعل ذلك هو الذي استقر في الأطراف الأخرى بعد أن توضحت أبعاده في الطرف الوطني السوري منذ التاريخ الأول، ولا يجدي في هذا البند الوطني اللجوء كما يفعل الآخرون للقتل والتدمير وللتحصن وراء الذرائع الباطلة، أو للتوغل في ثقب الفبركات والخداع الذي لا نهاية له كما لجأت إليه واشنطن وباريس وتركيا والاتحاد الأوروبي عموماً، ومع هذا الجمع منظومة من الأجزاء والتوابع والأشلاء ما زالت تتوضع في الجغرافيا القومية وبما يوازي ذلك في كثير من الثقافات العجفاء والادعاءات التي تدل على حالة لا تزال خلف التاريخ وخلف العصر وخلف الاحتمالات، وثاني الأسس هو الذي يستوعب الخصائص الوطنية وينقلها من حالة الاعتقاد والتأصيل إلى مساحات الفعل والتداول بمعدلات نامية ومتطورة تتقدم مع كل مرحلة والعمق البعيد فيها هو هذه المتلازمة ما بين وجود الوطن وإشعاع الشهادة والشهداء.‏

لقد أدركت جميع الأطراف بأن هذه المتلازمة ما بين الوطن والشهادة هي خاصية غير ناضبة، ولذلك فحينما أحاطوا الوطن بعوامل التخويف والحصار والتناوب على استثمار الموت والدمار واستغلال كل الإمكانات والأسلحة في سبيل هذا الهدف المعادي، حينها بدأت تتجلى قصة المدى الواقعي في نقل الوطن من المعتقد إلى ساحات المواجهة العسكرية والسياسية والشعبية، لم يكن هناك فترة رخوة ولا ثغرة مرسومة أو طارئة في مستوى الأداء الوطني، بل كان الميزان الطردي يحكم ويتحكم في هذا الأداء، اذ كلما تجمع المعتدون نمت الحالة الوطنية بمعدلات متقدمة وغير محسوبة بالنسبة للآخرين، ولعلنا نلاحظ هذا المسار في تطبيقاته بدءاً من مرحلة الحشد المسموم من الخارج وفي الإقليم ومن الداخل والزج بكل الأسلحة المادية والمعنوية ضد سورية، ونتابع التحولات النوعية في الموقف الوطني السوري أي ان زمن الشدة هو ذاته زمن الانبعاث الوطني السوري سواءً بتحرير الأرض والإنسان او بفرض الإرادة الوطنية في المنحى السياسي والدبلوماسي او باستعادة الوطن للكثير في خصائصه كالعودة الى السلامة الوطنية والصحوات التي شكلت في نهاية الأمر محركاً ومحرضا ليعود أبناء الوطن الى وطنهم أولاً وإلى مسيرة آبائهم وأجدادهم عبر الموروث والمستقر في كل العصور القديمة والحديثة.‏

ان هذا النمو في العامل الواقعي والعملي في الوطن السوري هو الذي ألقى بظلاله على الآخرين ومشروعات الآخرين، وصرنا نشهد مع كل مرحلة تطوراً أو تحولاً هو الذي ينتج الحركة الإيجابية في تفاعل الثوابت الراسخة، وفي الأساس الثالث تأخذنا التحولات الواقعية واذا ما استطعنا جمعها بمعيار الكم الخطر والظرف القاسي وبما تحصل لقائمة القوى المعادية من تكامل وهيجانات قاتلة واستطالات اغتياليه بمعنى قتل النفس والفكر او تشويه المبادئ على الأقل، اذا ما جمعنا ذلك كله ووضعنا على صيغة ومعادلة ماجرى في الواقع نكتشف بلا تردد ان القوى المعادية لسوريا ولاسيما تلك الحاضنة للإرهاب او الراعية له انما ادركت بأنه ليس لنا خيار سوى الانتصار، وليس لهم خيار سوى الاندحار، والقوى المعادية ولاسيما الغربية والصهيونية وهي صاحبة المشروع الإرهابي برمته تمتلك نهجاً متداولاً في مسيرة المستعمرين، حيث لا مشكلة عند الغرب في ان ينقلب على كل ما استطرد فيه من آفات وذنوب، وعلى ان ينسحب من مشروعه ونهجه دون حرج، بل ان التاريخ يعلمنا ان الغرب بشقيه الأوروبي والامريكي لا يرى حرجاً في التخلي عن العملاء والقائهم مثل محارم ورقية تلقى من النافذة، كما قال ذلك في يوم من الأيام شاه ايران العميل الاستعماري الأخطر والأهم في المنطقة.‏

وباعتبارات هذه المزايا يخطر على بال الكثيرين هذا السؤال: كيف مات هذا المشروع الصهيوني.. وكيف تفسخ هذا المشروع الخليجي.. وكيف ناور وراوغ المشروع التركي، وكيف يحدث الآن ان يعلن ترامب الرئيس الأمريكي انه بصدد الانسحاب من التنف وشرقي الفرات بهذه السرعة وبهذا التخلي عن كل ما تشنج فيه ، ان الاجابه فصيحة وواضحة فهي تتصل وتبنى أساساً على أسس الأداء الوطني السوري في الانتماء والواقعية وحيوية الحركة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية