نيسان ... التأسيس والاستقلال
مراسلون السبت 18-4-2009م محمد جاسم الحميدي أعتقد أحياناً أن المصادفة هي التي جعلت العديد من أعيادنا وخاصة الوطنية والإنسانية تتركز في شهري آذار ونيسان، ويخيل إلي أحياناً أخرى أن ذلك حدث بفعل الاختيار،
فالربيع يملك طاقة روحية هائلة تجعل استجابة العقل الجمعي استجابة سريعة وعميقة..! وسواء أكان هذا أم ذاك فإن نيسان يضم ميلاد حزب البعث العربي الاشتراكي، وعيد الجلاء المجيد، وهما مناسبتان تأسيسيتان، وعلامتان فارقتان في حياتنا على المستويين القومي والقطري، وكان الجلاء مهاداً لانتعاش الولادة الثانية، حيث الطليعة الثورية التي تقود الاستقلال إلى غايته وأهدافه المنشودة.
تحقق الجلاء بفضل التضحيات التي شارك فيها جميع أبناء الوطن، وكان للرقة دورها في تلمس طريق الحرية المخضب بالدماء، فالرقة، وهي بلدة صغيرة على الفرات، تصدت باكراً لفرنسا بفضل تحالفها مع تركيا التي كانت تخوض حرباً ضروساً ضد فرنسا، وقد منعت القوات الفرنسية من عبور الفرات واحتلال الرقة، وقد رُسم لها أن تحرر حلب، خاصة حين تتعزز بقوة تركية تلتحق بها على طريقها من الرقة إلى حلب، لكن القوات التركية لم تصل فيما وصلت قوات الرقة إلى البساتين المحيطة بحلب، إلا أنها لم تلبث أن انسحبت منها تحت قصف الطائرات الفرنسية، وبعد أن تفاهم الأتراك والفرنسيون سقطت وكانت آخر أرض سورية تسقط بيد الاحتلال الفرنسي.
قبيل الجلاء انتفضت الرقة كما انتفض الوطن كله، وراح الضباط الوطنيون يدربون الرجال في حارات البلدة الصغيرة على استخدام السلاح، وحاصرت البلدة الثكنة الفرنسية وقاطعتها ومنعت وصول المؤن إليها، وتعرضت البلدة للقصف العشوائي.. لكن إرادة الحرية انتصرت في النهاية. منذ ولد الحزب وتحقق الجلاء ارتعشت أزهار الربيع اثنتين وستين مرة أو ثلاث وستين مرة، مما يعني أن الزمن الذي مر بأحداثه ومعطياته، بانتصاراته وهزائمه، بإنجازاته وخسائره أكد أن دروبنا الوعرة التي ارتضيناها لأنفسنا، وقبلناها لنصون مصالح الأمة، ونحقق وحدتها، ونبني منعتها هي دروبنا الحقيقية نحو الوحدة والحرية والاشتراكية. ما زالت الدروب وما زالت سورية بخير، تتابع دورها الانبعاثي وهي تتطور وترفع راية الأمة العربية الممانعة والمقاومة والمدافعة عن مصالح الأمة، وهي أم الرايات التي يستجيب لها عقلنا الجمعي استجابة سريعة وعميقة.
|